تتزايد الجهود العالمية لاعتماد «بيتكوين» (Bitcoin) كأصل احتياطي وطني، إذ أصبح استخدام العملة الرقمية في الاحتياطيات القومية خياراً جدياً، وليس مجرد فكرة نظرية، لا سيما مع اعتماد 13 دولة بالفعل «بيتكوين» جزءًا من احتياطياتها.
وفقاً لتقرير حديث من منصة تداول العملات الرقمية «ريفر»، تتحول النقاشات حول بيتكوين من الافتراضات الاقتصادية إلى اعتبارات استراتيجية جيوسياسية.
وشهدت هذه التحركات زخماً ملحوظاً الأسبوع الماضي، بعد دعوة أحد أعضاء البرلمان الروسي البنك المركزي لاعتماد بيتكوين كأصل احتياطي، وسط تكهنات تشير إلى أن دول الخليج، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، تدرس خطوات مشابهة بهدوء، وفقاً لما أفاد به تقرير موقع «أرابيان جلف بيزنس إنسايت».
أصبحت «بيتكوين» في صلب النقاشات الاقتصادية والجيوسياسية، إذ وصفه غرانت مكارتي، المدير التنفيذي المشارك لمعهد سياسات البيتكوين، في مؤتمر «بيتكوين مينا» الذي عُقد في أبوظبي، بأنه جزء من سباق عالمي متسارع.
وقال مكارتي: «السباق على بيتكوين قد بدأ بالفعل»، مشيراً إلى أن عدة دول ربما اشترت العملة المشفرة دون إعلان ذلك.
وتزامنت هذه التطورات مع الولاية الثانية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، إذ ارتفع سعر بيتكوين إلى ما يتجاوز 100 ألف دولار بعد اختياره المدافع عن العملات الرقمية بول أتكينز لتولي رئاسة لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية.
تمثل «بيتكوين»، بصفتها عملة رقمية لامركزية وعابرة للحدود، خياراً استراتيجياً للحكومات التي تبحث عن بدائل للعملات التقليدية مثل الدولار الأميركي.
وفي تعليق له أوضح ماثيو باينز، رئيس الاستراتيجية في معهد سياسات البيتكوين، أن الدول أصبحت أكثر وعياً بأهمية البيتكوين كأصل جيوسياسي.
وأكد التقرير أن «بيتكوين» بالنسبة إلى دول مجلس التعاون الخليجي، توفر مزايا جذابة، منها الحماية من التضخم، واستقلالها عن أي سيطرة خارجية، ما يجعلها مشابهة للذهب كمخزن للقيمة.
وتتماشى هذه المزايا مع استراتيجيات دول مثل روسيا، التي تسعى إلى تقليل اعتمادها على الدولار منذ العقوبات الغربية المفروضة بعد الحرب مع أوكرانيا.
وتبقى تقلبات «بيتكوين» عقبة رئيسية، رغم هذه المزايا، إذ أشار فيجاي فاليشا، كبير مسؤولي الاستثمار في «سنشري فاينانشال» في دبي، إلى أن تقلب بيتكوين السنوي يتراوح بين 45% و65%، مقارنة بـ14% للذهب و16% لمؤشر «ستاندارد آند بورز 500» (S&P 500).
إلى جانب الاعتبارات الاحتياطية، تتجه الأنظار إلى فرص تعدين «بيتكوين»، إذ تُظهر دول مثل الإمارات اهتماماً متزايداً بتوسيع بنيتها التحتية لتعدين العملات الرقمية.
وتشير التقديرات إلى أن قدرة التعدين في الإمارات تتراوح بين 800 و1,000 ميغاوات، فيما تتفوق الولايات المتحدة بأكثر من 10,000 ميغاوات.
كما تستهدف مشاريع طموحة مثل مزرعة الطاقة الشمسية في أبوظبي، التي تقودها شركات مثل (GIGATONS)، زيادة القدرة الإنتاجية بما يصل إلى 100 ميغاوات في المرحلة الأولى، ما يعزز دور المنطقة في قطاع التعدين العالمي.
يشير خبراء مثل مكارتي وباينز إلى أن «بيتكوين» تشكل جزءاً من حوار استراتيجي عالمي حول مستقبل العملات الاحتياطية.
ومع استمرار هذه النقاشات، يبدو أن دول الخليج تستعد لتؤدي دوراً محورياً في صياغة معالم هذا المستقبل، مستفيدة من مواردها وبنيتها التحتية المتقدمة، وفقاً للتقرير.