شهدت سوق العملات الرقمية تراجعات حادة بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطط لفرض رسوم جمركية جديدة على الصين والمكسيك وكندا.
وعلى الرغم من أن الأسواق المالية التقليدية تأثرت بهذه القرارات، إلا أن العملات الرقمية كانت الأكثر تضرراً، حيث شهدت عمليات تصفية ضخمة بلغت 2.2 مليار دولار خلال 24 ساعة التي سبقت افتتاح الأسواق التقليدية يوم الاثنين.، وفقاً لتقرير «بيزنس إنسايدر».
على عكس الأسهم والسندات، تعمل سوق العملات الرقمية على مدار الساعة دون توقف؛ ما يجعلها أكثر عرضة للتقلبات العنيفة.
عندما أعلن ترامب عن خططه الجمركية، بدأ المتداولون في بيع الأصول الرقمية فوراً خلال عطلة نهاية الأسبوع؛ ما أدى إلى تسريع التراجعات. ومع عودة المتداولين التقليديين يوم الاثنين، ازداد حجم البيع؛ ما أدى إلى تفاقم الأزمة.
يعتمد سوق العملات المشفرة بشكل كبير على الرافعة المالية، وهي أداة تداول تتيح للمستثمرين اقتراض الأموال لزيادة حجم مراكزهم.
في الأوقات العادية، تساعد هذه التقنية في تحقيق أرباح ضخمة، لكنها تؤدي أيضاً إلى تصفيات سريعة عندما تنخفض الأسعار.
مع بدء موجة البيع، تمت تصفية مراكز ضخمة؛ ما أدى إلى انخفاض أكبر في الأسعار، خاصة في عملات مثل «إيثريوم» و«بيتكوين».
كانت «إيثريوم» العملة الأكثر تضرراً؛ بسبب دورها المحوري في الأنظمة المالية اللامركزية (DeFi)، حيث تعتمد العديد من المنصات اللامركزية على شبكتها في تنفيذ العقود الذكية وإدارة السيولة.
وفقاً لزاك شابيرو، رئيس السياسات في معهد سياسة «بيتكوين»، فإن هذه البنية تجعل «إيثريوم» عرضة لموجات بيع عنيفة عندما تتعرض السوق لضغوط، حيث تؤدي التصفية المتسلسلة إلى تسريع الانخفاضات.
ونتيجة لذلك، انخفضت «إيثريوم» بنسبة 25%، لتصل إلى أدنى مستوى لها في خمسة أشهر، قبل أن تعوض جزءاً من خسائرها.
تعتمد بعض الصناديق الاستثمارية الكبرى على استراتيجيات تداول تعتمد على رافعة مالية مرتفعة. ومع تراجع أسعار العملات الرقمية خلال عطلة نهاية الأسبوع، واجهت هذه الصناديق موجة من التصفية؛ ما أدى إلى تفاقم التراجعات في السوق.
تسبب هذا في خسائر كبيرة، خاصة بالنسبة للمستثمرين الذين استخدموا مستويات عالية من المديونية في تداولاتهم.
لم يكن التراجع في سوق العملات المشفرة متساوياً، حيث كانت بعض الأصول الرقمية أكثر عرضة للخسائر من غيرها.
فقد سجلت «إيثريوم» أكبر انخفاض، حيث خسرت 25% من قيمتها قبل أن تستعيد بعض المكاسب، لكنها لا تزال منخفضة بنسبة 11% وتتداول عند حوالي 2695 دولارًا.
كما عانت عملات مثل (XRP) و(Solana) من تراجعات تجاوزت 10%، بينما انخفضت «بيتكوين» بنسبة 6.8% خلال 24 ساعة، لكنها تمكنت لاحقاً من تقليص خسائرها بعد تحديثات حول الرسوم الجمركية على المكسيك.
تأتي هذه التراجعات وسط تصعيد جديد في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. فقد أعلن ترامب عن نيته فرض 10% رسوماً جمركية على جميع المنتجات الصينية المستوردة، إلى جانب رسوم على المكسيك وكندا؛ ما أثار مخاوف واسعة بشأن تأثير هذه القرارات على الاقتصاد العالمي.
ومع تزايد القلق من تباطؤ النمو الاقتصادي، اتجه المستثمرون إلى التخلص من الأصول ذات المخاطر العالية، وعلى رأسها العملات المشفرة.
مع تصاعد التوترات التجارية، حذر بنك ستاندرد تشارترد من أن «بيتكوين» قد تواجه مرحلة صعبة في الأيام المقبلة، مشيراً إلى أن انخفاضها إلى ما دون 90 ألف دولار قد يؤدي إلى موجة بيع أكبر في السوق. ويرى بعض الخبراء أن التراجع الأخير قد يكون بمثابة تصحيح طبيعي بعد موجة صعود قوية منذ فوز ترامب في نوفمبر.
ووفقاً لمات مينا، استراتيجي أبحاث العملات المشفرة في (21Shares)، فإن السوق كانت بحاجة إلى «تهدئة» بعد الارتفاعات الكبيرة في الأشهر الماضية، وربما جاءت الرسوم الجمركية كعامل محفز لهذه الموجة من التراجعات.