logo
عملات رقمية

السعودية والإمارات تقودان نمو سوق العملات المشفرة في المنطقة

السعودية والإمارات تقودان نمو سوق العملات المشفرة في المنطقة
رموز عدد من العملات المشفرة على إحدى منصات التداول كما ظهرت على شاشة هاتف محمول يوم 23 أبريل 2024المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:25 سبتمبر 2024, 10:33 ص

احتلت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المرتبة السابعة ضمن أكبر أسواق العملات المشفرة على مستوى العالم، بقيمة تعاملات تقدّر بنحو 339 مليار دولار بين يوليو 2023 ويونيو 2024، وهو ما يمثل 7.5% من إجمالي حجم التعاملات عالمياً، وفق أحدث دراسة لـ«تشيناليسيس» (Chainalysis).

خلصت نتائج البحث الذي أجرته الشركة العالمية المتخصصة في «البلوكتشين»، والذي تلقت «إرم بزنس» نسخة منه، إلى أن سوق العملات المشفرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا واصلت النمو بمعدل ملحوظ بلغ 11.73% على أساس سنوي. وكان هذا النمو أكثر وضوحاً بشكل خاص في الأسواق الناضجة، مثل الإمارات والسعودية اللتين سجّلتا 34 مليار دولار و47.1 مليار دولار من التعاملات على التوالي، أي ما يمثل زيادة سنوية بنسبة 42% للإمارات، و153% للسعودية التي كانت الأسرع نمواً بين دول المنطقة.

تضم منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ​​دولتين مصنّفتين ضمن أفضل 30 دولة في مؤشر تبني العملات المشفرة العالمي لعام 2024، وهما تركيا (المرتبة 11) والمغرب (المرتبة 27)، إذ استحوذتا على 137 مليار دولار و12.7 مليار دولار من القيمة المستلمة على التوالي.

التركيبة السكانية.. محرك النمو

بحسب إريك جاردين، رئيس قسم أبحاث الجرائم الإلكترونية في شركة «تشيناليسيس»، وأحد أبرز المشاركين في البحث، فإن أسواق العملات المشفرة نضجت بسرعة في جميع أنحاء العالم، مع وجود لوائح حكومية مواتية، وأداء قوي للأصول، إلى جانب جودة الخدمات من مقدمي خدمات الأصول الافتراضية المسجلين (VASPs)، وكلها عوامل رئيسة عززت التوجه نحو تبني تلك الأصول.

أخبار ذات صلة

انتصار تاريخي للكريبتو.. "ريبل" تفوز في قضية هيئة البورصات الأميركية

انتصار تاريخي للكريبتو.. "ريبل" تفوز في قضية هيئة البورصات الأميركية

 أضاف جاردين في تصريحات لـ«إرم بزنس» تعليقاً على نتائج البحث الأخير التي أعلن عنها اليوم الأربعاء: «في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تساعد أيضاً في ذلك التركيبة السكانية بما تضمّه من مجموعات كبيرة من الشباب، فضلاً عن النسب العالية للأشخاص الذين لا يمتلكون حسابات مصرفية تقليدية».

وإن كانت المقاييس الخاصة بالنمو لا تسمح بتقدير العدد الإجمالي لمستخدمي العملات المشفرة في المنطقة، فإنه «من المنصف أن نفترض بأن نمو حجم التعاملات يرتبط بزيادة أعدادهم»، وفق جاردين.

نضوج السوق

لاحظت «تشيناليسيس» وجود أدلة على النضوج السريع لسوق العملات المشفرة في المنطقة، لتصبح فئة أصول استثمارية رئيسة، إذ شكلت التعاملات المؤسساتية والاحترافية، أو تلك التي تفوق قيمتها 10 آلاف دولار، 93% من حجم العملات المشفرة المحوّلة في المنطقة بين يوليو 2023 ويونيو 2024. 

في الواقع، شهدت الإمارات نمواً سنوياً في التحويلات المؤسساتية الكبيرة (التي تفوق 10 ملايين دولار)، والمؤسساتية (بين مليون دولار و10 ملايين دولار)، والتحويلات الاحترافية (بين 10 آلاف دولار ومليون دولار)، بنحو 20.13% و55.07% و46.3% على التوالي. أما السعودية، فسجّلت قفزات نوعية، إذ نمت التعاملات المؤسساتية الكبيرة والمؤسساتية والاحترافية بنسبة 236% و146% و99.7% على التوالي.

العملات المشفرة الأكثر تفضيلاً

بدا لافتاً في بيانات «تشيناليسيس» التي سلطت الضوء على الأصول المشفرة المفضلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، اكتساب العملات المستقرة (stablecoins) والعملات البديلة (altcoins) -التي يقصد بها تلك التي ظهرت بعد «بيتكوين»- حصة سوقية على حساب الأصول المفضلة تقليدياً مثل «بيتكوين» و«إيثر»، خصوصاً في السعودية والإمارات إلى جانب تركيا.

أخبار ذات صلة

رغم وصفها بالاحتيال.. ترامب يطلق مشروعه للعملات المشفرة

رغم وصفها بالاحتيال.. ترامب يطلق مشروعه للعملات المشفرة

 ومن المثير للاهتمام أن حجم العملات المستقرة المستلمة في كل من السعودية والإمارات تخطى المتوسط العالمي، إذ شكل 51.3% في الإمارات و46.1% في السعودية، فيما المتوسط ​​العالمي يقف عند 44.7%، وفق ما استنتجه البحث.

في المقابل، كانت حصة «بيتكوين»، العملة المشفرة الأكبر، والتي تم تلقيها في هاتين الدولتين، أقل من المتوسط العالمي (22.3%)، وجاءت عند 16.5% في الإمارات و16.4% في السعودية.

أما استخدام «الإيثر» فكان ثابتاً نسبياً في جميع أنحاء المنطقة، لكنه يقِلّ عن المتوسط ​​العالمي. في الوقت ذاته، تُظهر السعودية اهتماماً قوياً بالعملات البديلة، أعلى بكثير من المتوسط ​​العالمي، ما يعكس ربما شهية أعلى للمخاطرة، واهتماماً بمجموعة متنوعة من الأصول خارج العملات المشفرة الرئيسة، بحسب «تشيناليسيس».

جاذبية العملات المستقرة

قال رئيس قسم أبحاث الجرائم الإلكترونية في الشركة، إن العملات المستقرة، كما يوحي اسمها، توفّر ميزة الاستقرار في العملة الورقية إلى جانب كفاءة وشفافية تقنية «البلوكتشين»، و«هذا ما يجعلها جذّابة في البلدان التي تعاني من معدلات تضخم مرتفعة أو عملاتها الوطنية غير مستقرة، لأنها توفر مخزناً موثوقاً للقيمة».

وأضاف: «من غير المستغرب، في تركيا، التي لديها تاريخ طويل من عدم الاستقرار الاقتصادي والتضخم المرتفع، أن يعكس اعتماد المستثمرين الأفراد على العملات المستقرة مخاوفهم بشأن التقلبات والحاجة إلى مخازن ثابتة للقيمة. وعلى النقيض من ذلك، يُرجح أن يكون التبني المتزايد للعملات المستقرة في الإمارات، إذ ترتبط العملة المحلية بالدولار الأميركي، مؤشراً على شعبيتها كمدخل إلى خدمات وتداول العملات المشفرة الأوسع نطاقاً».

كما أشار من ناحية أخرى، إلى أن «العملات البديلة توفر التنوّع وفرص الاستثمار خارج سوق بيتكوين المهيمنة، وهي غالباً ما تخدم وظائف أو قطاعات محدّدة». وقال: «على سبيل المثال، توفر بعض العملات البديلة ميزات خصوصية محسّنة، بينما تُستخدم عملات أخرى في منصات التمويل اللامركزي (DeFi)، والتي تحظى بشعبية في دول مثل الإمارات والسعودية».

صعود التمويل اللامركزي

بشكل عام، تظل البورصات المركزية (CEXs) المصدر الأساسي لتدفقات الأصول المشفرة عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ما يشير إلى أن معظم المستخدمين والمؤسسات لا يزالون يفضلون منصات التشفير التقليدية. غير أن المنصات اللامركزية وتطبيقات التمويل اللامركزية (DeFi) بدأت تكتسب زخماً مطرداً، بحسب ما توصّل إليه البحث.

يقدّم التمويل اللامركزي نظاماً مالياً بديلاً لغير المتعاملين مع البنوك، أو لأولئك الذين لا يتعاملون معها بقدرٍ كافٍ، وهو أمر بالغ الأهمية لمنطقة أكثر من نصف البالغين فيها -باستثناء الاقتصادات ذات الدخل المرتفع- ليس لديهم حساب مصرفي، وفق أرقام 2021 التي استندت إليها «تشيناليسيس» في تقديراتها.

وعلى الرغم من تقدم الشمول المالي في دول الخليج، برز الاهتمام في كل من الإمارات والسعودية بالمنصات اللامركزية، إذ تستحوذ البورصات اللامركزية (DEXs) على 32.4% و30.9% من حجم التعاملات فيهما على التوالي.

أوضح رئيس قسم أبحاث الجرائم الإلكترونية في «تشيناليسيس»، أن «التمويل اللامركزي يمثل أحدث ما توصلت إليه تكنولوجيا (البلوكتشين)، لذلك يشير هذا النمو المذهل في التمويل اللامركزي في كل من الإمارات والسعودية، إلى حيازتهما نظاماً بيئياً للعملات المشفرة، متقدماً وناضجاً بشكل خاص».

برأيه، «من الراجح أن يكون للتركيبة السكانية في السعودية دور في الاستخدام المرتفع للتمويل اللامركزي، إذ إن نسبة 63% من السعوديين تقل أعمارهم عن 30 عاماً، وهذا مهم بشكل خاص من منظور التكنولوجيا الناشئة، إذ تميل الأجيال الأصغر سناً إلى أن تكون أكثر انفتاحاً على تجربة التقنيات المالية الجديدة».

أما الإمارات، فتُظهر تبنياً أعلى للتمويل اللامركزي، مقارنة بالمتوسط ​​العالمي، و«يرجع ذلك على الأرجح إلى موقفها التنظيمي التقدمي الذي عزّز الوضوح حول فئات معينة من المشاركة في العملات المشفرة»، بحسب جاردين، الذي أضاف أن «النهج التنظيمي الاستباقي والتعاوني لدولة الإمارات تجاه شركات العملات المشفرة و(الويب 3)، اجتذب مجموعة متنوعة من المستخدمين، وعزّز مكانة الإمارات كمركز للتمويل اللامركزي ونشاط العملات المشفرة الأوسع».

زخم التشفير في الإمارات

تشهد الإمارات نمواً سريعاً في مجال العملات المشفرة، مدفوعاً بمزيج من الابتكار التنظيمي والاهتمام المؤسساتي ونشاط السوق المتّسع. بين يوليو 2023 ويونيو 2024، تلقى المستخدمون في الإمارات 34 مليار دولار من العملات المشفرة، ما جعلها ضمن أفضل 40 دولة على مستوى العالم في هذا الصدد، وثالث أكبر اقتصاد للعملات المشفرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بعد السعودية (47.1 مليار دولار) التي حلّت في المركز الثاني، وتركيا (136.8 مليار دولار) التي تصدرت القائمة، وفق بيانات «تشيناليسيس».

كشفت الأرقام أيضاً تموضع مصر في المركز الرابع، تلتها إسرائيل والجزائر والمغرب بحصص متقاربة.

وتتوسّع استثمارات العملات المشفرة في الإمارات بوتيرة سريعة، مع قيام العديد من صناديق رأس المال الاستثماري وشركات «البلوكتشين» بإنشاء مقار لها في البلاد، بما في ذلك «تشيناليسيس» نفسها التي افتتحت مقرها الإقليمي في دبي في مايو الماضي. كما أعلنت شركة «تيذر» (Tether) المصدرة للعملة المشفرة الأكثر تداولاً في العالم، أخيراً عن خطط لإطلاق عملة مستقرة مرتبطة بالدرهم الإماراتي.

ومع انتعاش أسواق العملات المشفرة عالمياً، بدأت الحكومات العمل على صياغة أطر تنظيمية توازن بين الابتكار والضمانات الضرورية. وتتصدر الإمارات هذا الجهد، إذ تعمل هيئات تنظيمية مختلفة على تطوير نهج مخصّص.

على المستوى الاتحادي، تنظّم «هيئة الأوراق المالية والسلع» خدمات الأصول الافتراضية، بينما يشرف «مصرف الإمارات المركزي» على خدمات رموز الدفع. وإضافة إلى ذلك، تدير المنطقتان الماليتان الحرّتان (أي «مركز دبي المالي العالمي» و«سوق أبوظبي العالمي») أنظمة مالية مستقلة، ولكل منهما إطاره الخاص للأصول الافتراضية.

كما تلعب «هيئة تنظيم الأصول الافتراضية» في دبي (VARA) دوراً حاسماً في هذا التوسّع التنظيمي، إذ شكلت عند تأسيسها في العام 2022 أول هيئة تنظيمية مستقلة للأصول الافتراضية في العالم، وهي إلى جانب تنظيم السوق المحلية، تجذب اهتماماً عالمياً.

وتعتقد «تشيناليسيس» أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بدأت بالبروز كلاعب رئيس في اقتصاد العملات المشفرة العالمي، إذ يبشّر نمو المنطقة الذي تغذيه الأنشطة المؤسساتية والتجارية إلى جانب الشهية القوية للتمويل اللامركزي والعملات المستقرة، بتوسّع محتمل لنفوذها في مجال العملات المشفرة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC