أظهرت عملة البيتكوين، أكبر عملة مشفرة في العالم، نمواً مذهلاً بنسبة 120% في عام 2024، متفوقةً على معظم فئات الأصول التقليدية. ومع ذلك، تباطأت وتيرة هذه الزيادة في نهاية عام 2024 وبداية عام 2025؛ ما أدى إلى أول انخفاض شهري للعملة منذ أغسطس 2024، وفقًا لتقرير صادر عن وكالة بلومبرغ.
سجل البيتكوين انخفاضاً بنسبة 3.2% في ديسمبر 2024، مع بدء المستثمرين في جني الأرباح بعد الارتفاع المستمر الذي شهدته العملة قبيل تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الـ20 من يناير 2025.
زاد زخم العملات المشفرة المدعوم من ترامب؛ ما دفع بالبيتكوين إلى تسجيل أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 108,315 دولاراً في منتصف ديسمبر، قبل أن تتأثر هذه الارتفاعات بقرارات بنك الاحتياطي "الفيدرالي" الأميركي. ورغم هذا التباطؤ، حققت العملة الرقمية مكسباً بنسبة 120% خلال عام 2024، متفوقة على الذهب والأسواق المالية العالمية، وفقاً للتقرير.
وفي وقت سابق، شهدت البيتكوين أيضاً زيادة بأكثر من الضعف في عام 2023. ومن اللافت أن الكاكاو كان من بين الأصول القليلة التي تفوقت على عوائد العملات المشفرة.
رغم الزخم الذي حققته البيتكوين، تشير التوقعات إلى أن التركيز في عام 2025 سيكون على العملات المستقرة. حيث يُتداول حالياً ما يعادل 170 مليار دولار من العملات المستقرة في جميع أنحاء العالم، مع ربط 98% منها بالدولار الأميركي.
كما أن نحو 80% من تدفقات العملات المستقرة المدعومة بالدولار تأتي من خارج الولايات المتحدة، وذلك بفضل تبني هذه العملات في مناطق، مثل: أوروبا، وروسيا، والهند، ودول جنوب شرق آسيا، مثل: فيتنام وسنغافورة وإندونيسيا. تُستخدم العملات المستقرة في هذه المناطق بشكل متزايد في مدفوعات التحويلات المالية، وفي الوصول إلى الدولار.
في هذا السياق، قالت شركة QCP Capital في مذكرة للعملاء إن المحفز الرئيس للأسواق سيكون في يناير 2025، مع إعادة المؤسسات لضبط تخصيصاتها للأصول. وأشارت الشركة إلى أن اعتماد البيتكوين بشكل واسع من قبل مؤسسات كبيرة، بما في ذلك صناديق الأوقاف الجامعية، من المتوقع أن يؤدي إلى زيادة في استثمارات هذه المؤسسات في العملة الرقمية؛ ما يعزز مكانتها كأكبر عملة مشفرة في السوق، ويسهم في استقرار السوق وتقليل تقلبات الأسعار.
وفي هذا الإطار، صرح فيشال ساشيندران، رئيس الأسواق الإقليمية في باينانس (Binance)، لموقع «لايف مينت» (Livemint) بأن نمو البيتكوين في 2024 كان «مثيراً للإعجاب»، مؤكداً أن العام كان «عاماً تحولياً للصناعة ككل».
وأضاف أن عام 2025 سيركز على زيادة الثقة بمجتمع التشفير وتعزيز التعاون مع السلطات، فضلاً عن تعزيز فائدة تكنولوجيا البلوك تشين في معالجة التحديات الواقعية.
كما أعرب ساشيندران عن تفاؤله بخصوص دور الهند في هذا القطاع، قائلاً: «نأمل أن تتولى الهند في عام 2025 زمام المبادرة في تشكيل لوائح تشفير تقدمية وشاملة».
أظهرت بيانات CoinDCX أن 51.5% من محافظ المستثمرين في 2024 تتضمن مزيجاً من البيتكوين والعملات البديلة؛ ما يشير إلى انتقال تدريجي من التداول المضاربي إلى إستراتيجيات استثمارية مؤثرة.
ومن المتوقع أن ترتفع حصة البيتكوين في هذه المحافظ بنسبة 10-15% إضافية مع تركيز المستثمرين بشكل متزايد على القيمة طويلة الأجل.
تشير التوقعات إلى أن الاستثمار المؤسسي في الاكتتابات العامة الأولية لشركات التشفير وWeb3 سيشهد نمواً كبيراً في المستقبل، مع توقعات بتجاوز المبالغ المستثمرة 500 مليار دولار.
يلعب كل من العوامل الجيوسياسية والتطورات التكنولوجية، مثل تحسينات تكنولوجيا البلوك تشين وWeb3، دوراً رئيساً في هذا النمو. ورغم التحديات مثل التقلبات السوقية والتشريعات غير المستقرة، يُتوقع أن يكون عام 2025 عامًا محورياً لدمج هذه الصناعة في التمويل السائد؛ ما يعزز جاذبية القطاع للمؤسسات الكبرى، ويخلق فرصاً استثمارية ضخمة.
قال أفيناش شيخار، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة باي 42 (Pi42)، إن سوق العملات المشفرة «مهيأة للتحول في عام 2025»، حيث ستشهد إنجازات غير مسبوقة بقيادة البيتكوين.
وأضاف أن القطاع يدخل في «دورة فائقة»، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن يتم إطلاق صناديق مؤشرات متداولة جديدة لأصول رقمية، مثل: سولانا وريبل. كما أن أي تشريع ناجح يدعم الاحتياطي الإستراتيجي للبيتكوين من شأنه أن يغذي السباق السيادي لشراء البيتكوين.
وفي سياق متصل، صرح إيدول باتيل، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة مودريكس (Matriex)، أن التوقعات لعام 2025 تبدو "أكثر إيجابية" مقارنة بعام 2024، بفضل الدعم الكبير من الهيئات التنظيمية الأميركية للعملات المشفرة. وأوضح باتيل أن «الوضوح التنظيمي المتزايد في الولايات المتحدة سيسهم في زيادة الاهتمام المؤسسي بالعملات المشفرة؛ ما يؤدي إلى تدفقات أكبر إلى صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs)». وتوقع باتيل أن يصل سعر البيتكوين إلى 150 ألف دولار بحلول نهاية عام 2025، ما سيشكل معلماً رئيساً جديداً في تاريخ العملة المشفرة.