في ظل محاولات لندن إعادة صياغة علاقتها مع الاتحاد الأوروبي بعد «بريكست»، اصطدمت مساعيها الأولى بجدار أوروبي صلب، مع رفض قاطع لمقترحات تحسين الوصول إلى السوق الموحدة. وبينما تستعد العاصمتان لقمة مفصلية الشهر المقبل، تتزايد المؤشرات على أن المفاوضات المقبلة ستكون من العيار الثقيل.
وبحسب تقرير لصحيفة «فاينانشيال تايمز»، فإن رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، يسعى للتوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي بشأن الاعتراف المتبادل بمعايير المنتجات، في خطوة تهدف إلى تقليص البيروقراطية أمام الشركات البريطانية المصدّرة إلى دول التكتل، لكن دبلوماسيين أوروبيين كشفوا للصحيفة أن فرنسا رفضت هذا المقترح بشكل قاطع، وسط إجماع أوروبي على أن الفكرة «غير قابلة للتطبيق حالياً».
متحدث باسم الحكومة البريطانية قال: «لن نقدم تعليقات متتالية بشأن محادثاتنا مع الاتحاد الأوروبي، فهذه المناقشات لا تزال جارية، وتشمل طيفاً واسعاً من القضايا»، في حين قال أحد الدبلوماسيين الأوروبيين: «هذا لن يحدث. سويسرا تتمتع بهذا النوع من الاتفاقات، لكنها تدفع مساهمات في ميزانية الاتحاد الأوروبي وتقبل بحرية الحركة».
وتُعد هذه التحفظات بداية لما يتوقع أن يكون جولة تفاوضية شاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، ستشتد في الخريف المقبل، مع هدف مشترك يتمثل في التوصل إلى اتفاق نهائي قبل نهاية العام الجاري، وفق «فاينانشيال تايمز».
وكان كل من ستارمر ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، قد أعلنا هذا الأسبوع عن ضرورة التوصل إلى اتفاق دفاعي وأمني خلال قمة 19 مايو المقبل، ما قد يفتح الباب أمام بريطانيا للاستفادة من صندوق الدفاع الأوروبي الجديد الذي تبلغ ميزانيته 150 مليار يورو.
تقدمت بريطانيا بـ3 مطالب إلى الاتحاد الأوروبي مع سعي الجانبين لصياغة الوثيقة التي ستشكّل أساس مفاوضات ما بعد القمة، وفقاً لدبلوماسيين أوروبيين بارزين.
وكانت دول الاتحاد الأوروبي، التي تلقت إحاطة من المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي بعد محادثات مع بريطانيا، قد أبدت رد فعل فاتراً تجاه المطالب البريطانية الثلاثة، والتي شملت: إبرام اتفاق لمكافحة الهجرة غير الشرعية، واتخاذ خطوات لتحسين وصول الفنانين المتجولين، والتوصل إلى اتفاق بشأن اعتماد الشهادات للسلع الصناعية.
وبينما ترفض بريطانيا النسخة الموسعة التي يقترحها الاتحاد الأوروبي من برنامج تنقّل الشباب للفئة العمرية بين 18 و30 عاماً، تسعى لندن للتوصل إلى اتفاق يحسّن من وصول الفنانين والموسيقيين البريطانيين المتجولين إلى أوروبا، بعد ضغط كبير من القطاع الثقافي.
ورغم ذلك، لم يستبعد دبلوماسيون أوروبيون، إمكانية تقديم تنازلات لبريطانيا من بعض الدول الأعضاء، تشمل تسهيلات في منح التأشيرات للفنانين، وفي ملف الهجرة، قد يُسمح للمواطنين البريطانيين باستخدام بوابات الدخول الإلكترونية (e-gates) عند وصولهم إلى مطارات الاتحاد الأوروبي.
وقال مايكل إيلام، مبعوث ستارمر إلى بروكسل، للمفاوضين الأوروبيين، إن أي برنامج لتنقل الشباب يجب أن يكون محدوداً بحصة عددية لضبط الأعداد، مشيراً إلى أن برامج مماثلة مع دول مثل كندا تتضمن سقفاً لعدد المشاركين.
يذكر أن زعيم حزب العمال، كير ستارمر، ضمن هذا الاتفاق في البرنامج الانتخابي للحزب لعام 2024، رغم تحذير المفوضية الأوروبية سابقاً للحكومة المحافظة من أن تحسين وصول الفنانين ومعداتهم يتطلب عناصر من الوصول إلى السوق الموحدة، وهو ما يرفضه الحزبان الرئيسان في بريطانيا.