تعد العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والهند من أبرز الشراكات الاستراتيجية في المنطقة، إذ تجمع بين البلدين العديد من الاتفاقات التي تستهدف تعزيز التبادل التجاري والاستثماري. الهند، التي تعد ثاني أكبر اقتصاد في آسيا، تحتل مكانة هامة في سياسة الإمارات الاقتصادية، بينما تعد الإمارات أكبر شريك تجاري للهند في منطقة الشرق الأوسط، مع تزايد الروابط بينهما، تفتح هذه العلاقة أبواباً واسعة للفرص في مجالات متعددة مثل التكنولوجيا، والطيران، والصناعات التحويلية.
في هذا السياق، شهدت الهند زيارة تاريخية من الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، في أبريل 2025، الزيارة كان لها تأثير كبير في تعزيز التعاون بين البلدين، حيث تم توقيع العديد من الاتفاقات التي تستهدف تطوير مجالات حيوية كالبنية التحتية والتعليم والصحة، ما يفتح الطريق أمام المزيد من الاستثمارات والتعاون بين القطاعين العام والخاص في البلدين.
تضمنت الزيارة توقيع عدة مذكرات تفاهم تسعى إلى تعزيز التعاون في قطاعات حيوية مثل البنية التحتية، والرعاية الصحية، والتعليم، والخدمات اللوجستية. من أبرز هذه الاتفاقات إنشاء حرم لجامعة إدارة الأعمال (IIM) في دبي، وبرنامج الماجستير في إدارة الأعمال (MBA) الذي سيبدأ في سبتمبر 2025. كما تم الإعلان عن مشاريع ميدانية، بما في ذلك بناء "بهارات مارت" وتطوير مجمعات لإصلاح السفن في كوتشي وميناء فادينار.
هذا التعاون المشترك في القطاعات الاستراتيجية يعكس التزام البلدين بالاستفادة من الفرص الاقتصادية المستدامة، ويترجم ذلك إلى فرص جديدة للقطاع الخاص في الإمارات والهند، حيث تواصل الإمارات تموقعها كمركز تجاري عالمي.
وصف رجال الأعمال الهنود في دبي الزيارة بأنها مرحلة جديدة في تعزيز العلاقات الثنائية. وقال ساجيف بورشوثامان، أحد رجال الأعمال الهنديين في دبي: «هذه الزيارة تفتح الطريق أمام شراكات قوية في مجالات الصناعة والأعمال، نتوقع تعاوناً إيجابياً في مجالات الدفاع، والتكنولوجيا، والتعليم وغيرها من القطاعات الأساسية».
راميش مانكوت، رجل أعمال آخر، أضاف قائلاً: «تعد هذه الزيارة بداية عصر جديد في العلاقات الثنائية، نرى فرصاً واعدة في مجالات الطيران، والدفاع، والموارد البشرية، والعلوم، والتكنولوجيا».
يشير هذا التفاؤل إلى رغبة قوية في تعزيز التجارة بين البلدين، ما يفتح الباب أمام مشاريع مشتركة ستؤثر إيجابياً على الاقتصاد الإقليمي والعالمي.
في ظل توقيع معاهدة الشراكة الاستراتيجية، يتوقع أن يتجاوز حجم التجارة غير النفطية بين الهند والإمارات 100 مليار دولار في السنوات الخمس المقبلة، وذلك بعد أن ارتفعت التجارة بين البلدين إلى 85 مليار دولار، وهو رقم يعكس تنامي العلاقات التجارية بشكل ملحوظ. وبذلك، تعد الهند من أبرز شركاء الإمارات التجاريين في المنطقة، مع استمرار تدفق الاستثمارات الإماراتية التي بلغت نحو 16.67 مليار دولار في الهند.
مع وجود أكثر من 2300 شركة هندية في المنطقة الحرة بجبل علي، و70 ألف شركة هندية مسجلة في غرفة تجارة دبي، فإن هذه الزيارة تعزز فرص التجارة بين القطاعين الخاصين في البلدين. وتمثل مذكرات التفاهم التي تم توقيعها تعزيزاً للثقة بين الشركات الهندية والإماراتية، ما يدفع عجلة الاستثمار والنمو في مجالات متعددة.
من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة توقيع اتفاقات جديدة في قطاعات السياحة، والطيران، والابتكار، وهو ما سيجذب الاستثمارات الأجنبية، ويسهم في تعزيز السياحة والاقتصاد في كلا البلدين، كما يُتوقع أن تشهد الأجواء التجارية بين البلدين تحسناً مع تبني سياسة السماء المفتوحة، ما يساهم في زيادة الرحلات الجوية بين الهند والإمارات.
تمثل زيارة الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم للهند نقطة تحول هامة في العلاقات الثنائية بين البلدين، وتعد خطوة كبيرة نحو بناء مستقبل اقتصادي مشترك يعزز النمو المستدام، ويخلق فرصاً جديدة للقطاعين العام والخاص على حد سواء.