logo
اقتصاد

تغير المناخ يرفع أسعار الأغذية ويضغط على البنوك المركزية

تغير المناخ يرفع أسعار الأغذية ويضغط على البنوك المركزية
مزارع يقطف ثمار البن في مزرعة بفيتنام في منطقة دي لينه، 12 ديسمبر 2011المصدر: رويترز
تاريخ النشر:3 يوليو 2024, 07:15 م

تؤثر أنماط الطقس المتغيرة على المحاصيل الزراعية وتضغط على الإمدادات، وتزداد المخاوف من أن تصبح هذه الأزمة مصدراً دائماً للتضخم، حيث أصبحت زراعة الزيتون وتحويله إلى زيت أكثر صعوبة.

في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط، وصلت تكاليف إنتاج الزيتون إلى أعلى مستوياتها في 20 عاماً هذا العام. ومن المتوقع أن تتفاقم مشاكل الإنتاج مع تصاعد تأثيرات التغير المناخي، وفق تقرير نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز".

على مر الآلاف من السنين، تعطل الإنتاج وارتفعت أسعار الأغذية بسبب الطقس، نتيجة حوادث عدة مثل الموجات الحارة والجفاف والفيضانات أو الصقيع التي تقلل من الحصاد، إضافة إلى الحروب والأمراض، كما رأى العالم مؤخراً بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وإنفلونزا الخنازير التي اجتاحت الصين.

واصلت أسعار الأغذية ارتفاعها بشكل جنوني بدءاً من البرتقال في البرازيل إلى الكاكاو في غرب أفريقيا، والزيتون في جنوب أوروبا إلى القهوة في فيتنام،

يقول آدم ديفيس، مؤسس صندوق التحوط "فارير كابيتال"، إن تغير المناخ ساهم في رفع أسعار قائمة طويلة من السلع الزراعية التي تتداول على مستويات أعلى هذا العام. "ارتفعت أسعار القمح بنسبة 17%، وزيت النخيل 23%، والسكر 9%، واللحوم 21%"، وأضاف للصحيفة أنه بالنسبة للمستهلك، فإن "تأثير الأسعار العالية للسلع لا يزال موجوداً".

وكان ثلث زيادة أسعار الأغذية في المملكة المتحدة في عام 2023 نتيجة تغير المناخ.

يقول فريدريك نويمان، رئيس أبحاث الاقتصادات الآسيوية في (HSBC) للصحيفة: "هناك تأثير نتيجة تغير المناخ على أسعار الأغذية العالمية. وتؤدي الأحداث المتكررة إلى "تأثير دائم على القدرة على توريد الغذاء".

عالمياً، قد تشهد معدلات التضخم السنوية للأغذية ارتفاعاً بمقدار يصل إلى 3.2 نقطة مئوية في السنة خلال العقد القادم نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، وفقاً لدراسة حديثة قام بها "البنك المركزي الأوروبي" و"معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ" استخدمت بيانات تاريخية من 121 دولة من عام 1996 إلى 2021 لتوقع سيناريوهات التضخم المستقبلية، ما يعني زيادة في التضخم العام السنوي بما يصل إلى 1.18 نقطة مئوية بحلول عام 2035، 

تستبعد العديد من البنوك المركزية أسعار الأغذية والطاقة من التضخم الأساسي، بسبب تقلبها. ولكن الآن بدأ تغير المناخ في التسبب في ضغوط تضخمية مستمرة، لأن ارتفاع أسعار الأغذية يشعر به المواطنون العاديون بشكل حاد.

يقول ديفيد بارمس، من "معهد غرانثام للأبحاث عن تغير المناخ والبيئة" في كلية الاقتصاد في لندن: "إن التعامل مع ذروات التضخم في أسعار الأغذية على أنها مؤقتة ليس سياسة مفيدة بالفعل، إذا كانت صدمات الأسعار تتكرر، فإنها ستؤثر على التضخم الرئيس".

ويتوقع نويمان أن يؤدي التعطل المتكرر لإمدادات الغذاء "إلى إجبار البنوك المركزية على الاستجابة، ما يؤدي إلى فترات فائدة أكثر تقلباً، وربما أسعار فائدة أعلى مع مرور الوقت."

وتسلّط الدراسات والملاحظات الأخيرة الضوء على الأثر العميق لتغيّر المناخ على أسعار الأغذية العالمية والتحديات الناجمة عنها على سياسات البنوك المركزية. بالإضافة إلى الاضطرابات الفورية الناجمة عن الظواهر الجوية المتطرفة مثل الأعاصير والموجات الحارة، يقوم تغير المناخ بتغيير البنية الأساسية للإنتاج الزراعي وسلاسل الإمداد العالمية.

وتعيش المناطق التي كانت تعرف تاريخياً بإنتاج زراعي مستقر الآن تقلبات غير مسبوقة، ما يؤثر على المحاصيل الأساسية مثل القمح والذرة والأرز.

بالإضافة إلى تقليل عائدات المحاصيل، يزيد تغير المناخ من القيود على الموارد وتكاليف المدخلات للمزارعين. ويسهم هذا التأثير في رفع أسعار السلع عبر الأسواق. على سبيل المثال، تؤدي فترات الجفاف الطويلة في المناطق الزراعية الرئيسة إلى نقص في المياه وتقليل للمحاصيل، ما يزيد من الأسعار. وتؤثر أسعار الأغذية على استقرار الاقتصاد العام، حيث تضع الضغوط التضخمية الناتجة عنها ضغوطاً أخرى على ميزانيات الأسر، وفق تقرير الصحيفة.

يقوم "البنك المركزي الأوروبي" وغيره من المؤسسات بإعادة تقييم نهجهم في التنبؤ الاقتصادي وصياغة السياسة، مع النظر في الآثار الطويلة الأمد للتضخم الناتج عن تغير المناخ. ويشمل ذلك النقاش حول ما إذا كان يجب توسيع تعريف التضخم الأساسي لتضمين أسعار الأغذية والطاقة التي تتسم بالتقلبات الكبيرة، نظراً لتأثيرها الكبير على الإنفاق الاستهلاكي والثقة الاقتصادية.

مع استمرار تأثيرات المناخ في الظهور، سيتطور دور البنوك المركزية في مواجهة هذه التحديات، ما سيشكل سياسات نقدية مستقبلية تؤدي إلى اقتصاد متين يتحمل التغيرات المناخية.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC