تأثرت السياحة الصيفية في الساحل السوري بشكل كبير بالأزمة الاقتصادية المستمرة في البلاد، خاصة في مدينة اللاذقية. فبعد أن كانت المنطقة وجهة شهيرة للسياح المحليين والدوليين، تعاني الآن من قلة الزوار نتيجة انهيار الليرة السورية وارتفاع أسعار الوقود، مما جعل الأنشطة الترفيهية بعيدة المنال عن غالبية السوريين.
وحسب تقرير نشرته صحيفة لوموند الفرنسية، كانت الشواطئ الخاصة والفنادق الفاخرة في المدن الساحلية مزدحمة بالسياح خلال السنوات السابقة، بما في ذلك النخب السورية والزوار المحليون والروس. إلا أن التحديات الاقتصادية وانخفاض القوة الشرائية للمواطنين أدت إلى تراجع واضح في عدد الزوار هذا العام.
رغم التحديات، استمر بعض السياح من العراق والأردن والكويت بزيارة اللاذقية هذا الصيف، مستفيدين من إعادة فتح معبر نصيب الحدودي بين الأردن وسوريا وإعفاءات التأشيرات. لكن عدد السياح السوريين، خصوصاً من مدن مثل حماة، قد تضاءل. فمع ارتفاع أسعار الوقود، أصبحت تكلفة السفر غير ممكنة للعديد من السكان المحليين، مما قلل من أعداد الزوار المحليين إلى الساحل.
وتشير الظروف الاقتصادية المتدهورة، وفقاً للتقرير، إلى أن العديد من الأسر السورية اضطرت إلى تقليص مدة إقامتهم في الساحل خلال فصل الصيف، حيث باتت التكاليف المرتفعة تجعل الإقامة لفترات طويلة أمراً صعباً. فالرواتب لم تعد تكفي لتغطية تكاليف الإقامة، وأصبحت تكلفة ليلة واحدة في الفنادق تفوق راتب الفرد الشهري بعدة أضعاف. نتيجة لذلك، يمكن فقط لعدد قليل من السوريين، خصوصاً ممن لديهم مصادر دخل من الخارج، تحمل هذه التكاليف المرتفعة.
كما كان لارتفاع أسعار الوقود، نتيجة خفض الدعم تدريجياً منذ عام 2023، تأثير عميق على قطاع النقل والسياحة. فرحلة بسيطة بسيارة أجرة إلى الشاطئ تكلف الآن ما يعادل تكلفة يوم كامل من الترفيه، كما أدى نقص الوقود إلى تقليل الحركة بشكل كبير حتى في ذروة أشهر الصيف.
ويشعر الكثير من السوريين بالضغط المتزايد من تكلفة المعيشة، حيث ارتفعت أسعار السلع الأساسية مثل الخبز بشكل كبير. كما جعلت الأوضاع الاقتصادية التكاليف اليومية لا تُحتمل بالنسبة للعديد من الأسر، مقارنة بما كانت عليه في السنوات السابقة، مما زاد الأعباء عليهم في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها.
وفي مدينة طرطوس الساحلية، تظهر آثار الأزمة الاقتصادية بشكل واضح، إذ أصبحت المرافق الشاطئية التي كانت تعج بالزوار تكافح للبقاء. وقد أفاد مدير أحد المطاعم أن أيام الأسبوع شهدت انخفاضاً ملحوظاً في عدد الزوار مقارنة بالعام الماضي، بسبب ارتفاع أسعار الوقود، متوقعاً تدهوراً أكبر في الموسم المقبل.
وفي محاولة لدعم القطاع السياحي، أعلنت الحكومة السورية عن خطط لتطوير مشاريع سياحية جديدة على الساحل. كما تم افتتاح العديد من الفنادق في عام 2023، ومن المقرر البدء في بناء مجمع سياحي كبير على مساحة تزيد على سبعة هكتارات بتمويل من شركة روسية، في محاولة لجذب السياح من هناك.
وأفاد التقرير بأن هذه التطورات، بالنسبة للعديد من السكان، لا تزال غير قادرة على تقديم حلول فعالة في ظل الانهيار الاقتصادي الذي يسيطر على الحياة اليومية في الساحل السوري.