انطلقت في العاصمة الجورجية تبليسي، اليوم الجمعة، فعاليات الاحتفال بيوم السياحة العالمي، بحضور مندوبي عشرات الدول ورؤساء المنظمات الدولية وقادة القطاع، حيث يسلط الحدث الضوء كل عام منذ 1980، على أهمية هذا القطاع الحيوي في تعزيز الاقتصادات والتبادل الثقافي.
وأصبحت صناعة السياحة إحدى أكبر مجالات التنمية، بحسب بسمة الميمان، المديرة الإقليمية للشرق الأوسط بمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، التي أوضحت دور السياحة الهام في التوسع العمراني وخلق مناطق جذب سياحي واستقطاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة المرتبطة بهذه الصناعة، إلى جانب أنها باتت من أكثر القطاعات توفيراً لفرص العمل للشباب.
وقالت إن التركيز على قطاع السياحة والاهتمام به في منطقة الشرق الأوسط، وبالأخص في دول مجلس التعاون الخليجي، «يؤكد ما توليه حكوماتها من اهتمام في سبيل تنويع مصادر الدخل الوطني».
قالت المديرة الإقليمية للشرق الأوسط بمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، في تصريحات لموقع «إرم بزنس»، إن دول الخليج شهدت تنوعاً في مجموعات الزوار النمطية، من فئات التجار والحجاج بشكل عام، لتشمل الآن السياح الوافدين للترفيه والاستجمام والعلاج الطبي والأعمال والفعاليات، مشيرة إلى أن الفعاليات الكبرى ساهمت في دفع الزوار إلى العودة إلى المنطقة مرة أخرى.
وكشفت أن السفر الشخصي أو الترفيه بات يعتبر الغرض الأساسي للمسافرين إلى دول الخليج، بحصة تصل إلى حوالي 75% من إجمالي المسافرين سنوياً، بينما تستحوذ الأعمال والمؤتمرات على النسبة المتبقية.
كما لفتت إلى أن مزيداً من التنويع في الأسواق السياحية الوافدة إلى الخليج يتطلب طرح حملات تسويقية وبرامج سياحية لجذب أسواق جديدة، خاصة من الدول التي تشهد معدلات نمو مرتفعة في السياحة الخارجية، مضيفة أن «التوسع في برامج سياحة الأعمال، بجانب السياحة الترفيهية والرياضية وسياحة التسوق، سيوفر فرصاً قوية لجذب فئات جديدة من السياح، بالإضافة إلى أهمية تشجيع السياحة الموسمية باعتبار الخليج وجهة مميزة في الشتاء».
وفيما يعدّ تيسير سُبل الانتقال والسفر بين الدول الخطوة الأهم في جذب أعداد إضافية من الزوار، ذكّرت الميمان ببعض الإجراءات التي اتخذتها دول الخليج، حيث «أتاحت دولة الإمارات، في سبتمبر 2022، للأجانب من الجنسيات جميعها، التقدم بطلب الحصول على تأشيرة سياحية متعددة الدخول صالحة لمدة 5 سنوات من تاريخ الإصدار، شريطة البقاء في الدولة لمدة لا تزيد على 90 يوماً في السنة الواحدة. فيما أتاحت قطر لنحو 80 جنسية الدخول من دون تأشيرة، بجانب التأشيرات الإلكترونية».
وأضافت: «ضمن خطتها لتطوير القطاع السياحي، أطلقت السعودية في عام 2019 تأشيرة لمدة عام للزوار من خارج المملكة بمدة إقامة تصل إلى 90 يوماً، ومكنت 49 جنسية في آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية من الحصول على التأشيرة الإلكترونية. كما أتاحت المملكة التأشيرة السياحية للمقيمين في دول الخليج إلكترونياً منذ الأول من سبتمبر 2022، ومدتها 90 يوماً متعددة الدخول لمدة عام كامل، ويمكن لحامل هذه التأشيرة أداء مناسك العمرة خارج موسم الحج الذي تحدده وزارة الحج والعمرة كل عام».
وتابعت: «كذلك، أصدرت عُمان، في 29 أكتوبر 2022، تعميماً إلى مطارات السلطنة يقضي بالسماح للمقيمين جميعهم في دول مجلس التعاون الخليجي بدخول البلاد دون تأشيرة مسبقة، وذلك لجميع المهن التجارية».
يُظهر أحدثُ مؤشر ثقة صادر عن منظمة السياحة العالمية، إن خطط دول مجلس التعاون الخليجي لإطلاق تأشيرة سياحية موحّدة على غرار تأشيرة «شنغن» الأوروبية، من شأنها أن تعزز السفر إلى إقليم الشرق الأوسط وما حوله، وفق المديرة الإقليمية للشرق الأوسط بمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، التي توقعت أيضاً أن تواصل الأسواق المصدرة القوية في الشرق الأوسط، تغذية تدفقات السياحة والإنفاق في جميع أنحاء العالم، كما كان الحال في عام 2023.
وترى أن دول مجلس التعاون الخليجي تمتلك من المقومات ما يؤهلها لأن تكون وجهات سياحية عالمية، يجب العمل على استغلالها من خلال التعاون الوثيق بين الدول الأعضاء ووضع استراتيجية شاملة ومتكاملة للتخطيط الاستثماري والسياحي وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص.
وقالت: «على الرغم من أن الوضع السياسي الحالي يعدّ عاملاً تجب مراعاته بسبب اضطرابات السفر المحتملة في الشرق الأوسط والآثار السلبية لذلك، إلا أن بيانات الربع الأول من عام 2024 تعكس ما حققته العديد من الوجهات بالإقليم من نمو أعلى بكثير من مستويات ما قبل الجائحة».
عدّدت الميمان مجموعة من السياسات الجديدة التي تتبناها الحكومات الخليجية لتنمية القطاع السياحي، كمواصلة دعم بنية الطيران، حيث تمتلك دول الخليج شبكة طيران واسعة تربطها بالعالم تضم 13 شركة. وتعمل شركات الطيران الخليجية على الانضمام إلى تحالفات طيران دولية مثل «سكاي تيم» و«وان ورلد»، وتوقيع اتفاقات شراكة بالرمز مع شركات الطيران الدولية، بغرض تعزيز نموها وتقديم خدمات أكبر للمسافرين، وتيسير عدد أكبر من الرحلات الدولية لمختلف الوجهات.
وأضافت أن دول المنطقة استطاعت استعادة الزخم السياحي الذي تأثر عالمياً بسبب جائحة كوفيد-19، عبر مجموعة من السياسات، من بينها تنظيم الأحداث والفعاليات الكبرى. و«قد كان تنظيم الإمارات لمعرض ‘إكسبو دبي 2020’، محفزاً رئيساً لتنشيط قطاع السفر والسياحة في الدولة، كما جذب كأس العالم في قطر عام 2022 أكثر من مليون زائر، وعقدت القمة العالمية السنوية الـ22 للمجلس العالمي للسياحة والسفر في الرياض أواخر 2022، إلى جانب تنظيم مؤتمر ‘كوب 28’ في الإمارات».
ويعدّ تطوير البنية التحتية السياحية عنصراً أساسياً في التنمية السياحية، ويلعب دوراً حيوياً في نمو واستدامة صناعة السياحة في أي وجهة، بحسب المديرة الإقليمية للشرق الأوسط بمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، التي لفتت إلى أن دول الخليج ولاستيعاب طفرة الزائرين في المنطقة، استثمرت بكثافة لتطوير وتوسيع طاقة المنشآت الفندقية على مدار السنوات الماضية.
وأشارت أيضاً إلى وعي الحكومات في منطقة الخليج بأهمية البيانات في توقع السوق واحتياجات المسافرين، والدور الحيوي لتسريع عمليات التحول الرقمي لجذب السياح، خاصة مع تغيّر أنماط السفر بعد عام 2020، إلى جانب التركيز الملحوظ على السياحة المستدامة.