رغم التفاؤل الذي يعكسه تقرير الاقتصاد العالمي لعام 2024 الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) في نسخته الأخيرة، اليوم الأربعاء، إلا أن الأداء العام يظل محاطاً باختلافات كبيرة بين المناطق والدول، كما يواجه تحديات ومخاطر سلبية تؤثر في النمو الاقتصادي العالمي خلال 2025.
وتتزايد المخاطر المرتبطة بتصاعد التوترات التجارية والحمائية، بالإضافة إلى تصعيد محتمل للصراعات الجيوسياسية، إلى جانب السياسات المالية الصعبة التي تتبناها بعض الدول.
وفي هذا السياق، كان الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، قد حذر مؤخراً، الدول التي تتخلى عن الدولار من فرض رسوم جمركية قد تصل إلى 100%، مع تهديد خاص لدول بريكس (BRICS) وفرض رسوم إضافية بنسبة 10% على الصين.
أفادت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بأنه من المتوقع أن يظل نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي مستقراً إلى حد كبير خلال العامين المقبلين.
وفي تقريرها الذي حصلت «إرم بزنس» على نسخة منه، أبقت المنظمة على توقعاتها لمعدلات نمو الاقتصاد العالمي لعام 2024 عند 3.2%، مع ارتفاع طفيف إلى 3.3% خلال عامي 2025 و2026.
أما بالنسبة لاقتصادات دول مجموعة العشرين، فمن المتوقع أن تظل معدلات النمو مستقرة عند مستوى 3.3% خلال العام الجاري الذي يوشك على الانتهاء، وكذلك في العام المقبل، قبل أن تنخفض إلى 3.2% بنهاية 2026.
وفيما يتعلق بالاقتصاد الأميركي، يتوقع أن يتراجع نموه إلى 2.5% خلال عام 2025، ثم إلى 2.1% في 2026، مقارنة بمعدل نمو قدره 2.8% بنهاية العام الجاري 2024.
تظهر البيانات أن معدلات النمو الاقتصادي للصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ستتراجع إلى 4.7% في 2026، و4.4% في 2025، مقارنة بمعدل نمو قدره 4.9% بنهاية العام الجاري.
ورغم التراجع المتوقع في معدلات النمو لأكبر اقتصادين في العالم خلال العامين المقبلين، توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) ارتفاع معدلات النمو في منطقة اليورو إلى 1.3% خلال العام المقبل، ثم إلى 1.5% في 2026، مقارنة بمعدل نمو قدره 0.8% في العام الجاري.
أما في اليابان، فقد توقع التقرير ارتفاعاً في مستويات النمو خلال العام المقبل إلى 1.5%، بعد تراجعها إلى نمو سلبي بلغ 0.3- في العام الجاري. ومع ذلك، يتوقع أن ينخفض النمو إلى 0.6% في 2026. في المقابل، يتوقع أن يحافظ الاقتصاد الهندي على استقرار نموه عند 6.8% في 2024، و6.9% في 2025، و6.8% في 2026.
وتشير المنظمة إلى أن معدلات نمو حركة التجارة العالمية خلال الفترة بين 2024 و2026 ستشهد استقراراً نسبياً، مع توقعات بأن تتراوح بين 3.5% و3.6%.
رفعت المنظمة من توقعاتها لمستويات التضخم العالمي في تقريرها، حيث يتوقع أن يرتفع إلى 3.8% في العام المقبل مقارنةً بتوقعاتها السابقة البالغة 3.3% في تقرير سبتمبر الماضي.
في المقابل، أبقت المنظمة على توقعاتها للتضخم في العام الحالي عند 5.4%. وفي الولايات المتحدة، من المتوقع أن تتبع مستويات التضخم منحنى هبوطياً، حيث يتوقع أن تنخفض من 2.5% في 2024 إلى 2% بحلول 2026.
وأشار التقرير إلى أن الاقتصاد العالمي ظل صامداً في عام 2024، مدعوماً بزيادة الإنفاق الأسري والانكماش، مما مَكَّن من تخفيف السياسة النقدية في معظم الاقتصادات الكبرى، وهو ما ساعد على تعويض بعض آثار عدم اليقين الناجم عن التوترات الجيوسياسية والإقليمية، فضلاً عن المخاوف المستمرة بشأن تكاليف المعيشة.
ومع ذلك، ما تزال هناك اختلافات ملحوظة في قوة النشاط الاقتصادي والتعافي في مستويات الدخل بين الدول. حيث يُقدَّر أن نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي قد انخفض في نحو خمس من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2024، بالإضافة إلى الأرجنتين.
في الاقتصادات المتقدمة، يظل النمو في الولايات المتحدة قوياً، مع دعم الاستهلاك الخاص من خلال مكاسب الأجور الحقيقية. وكان نمو الناتج المحلي الإجمالي قوياً نسبياً في هولندا وإسبانيا على أساس ربع سنوي.
ومع ذلك، كانت النتائج الاقتصادية أضعف في بعض الدول الأخرى. فقد كانت المجر ولاتفيا في حالة ركود خلال الربع الثالث، بينما شهدت ألمانيا زيادة طفيفة في الناتج ربع السنوي، إلا أن المعنويات الضعيفة لا تزال تؤثر على نشاط الاستثمار.
خلال السنوات القليلة الماضية، أظهر الاقتصاد العالمي مرونة ملحوظة، رغم تعرضه لعدة صدمات كبرى، أبرزها جائحة كورونا وأزمة الطاقة الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في نهاية فبراير 2022.
في عام 2024، استمر النمو العالمي في الاستقرار، مع استمرار انخفاض التضخم. ورغم بعض التخفيف في أسواق العمل، تبقى معدلات البطالة قريبة من أدنى مستوياتها التاريخية في العديد من البلدان. كما شهدت حركة التجارة العالمية تعافياً ملحوظاً.
وتتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) أن تواصل هذه المرونة في المستقبل، مع نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 3.3% في عامي 2025 و2026، وانخفاض التضخم نحو الأهداف المحددة من قبل البنوك المركزية.