تجري مصر حاليا مشاورات مكثفة مع صندوق النقد الدولي، لإتمام عملية الحصول على تمويل جديد من الصندوق، بعد اتفاق على مستوى الخبراء مع مسؤوليه، استعداداً للإعلان عن قيمة هذا التمويل الجديد ومكونات برنامج الاتفاق عليها خلال الأيام المقبلة.
وقالت وزارة المالية المصرية في بيان رسمي لها مطلع الأسبوع الجاري إن القاهرة اتفقت مع صندوق النقد الدولي على برنامج للإصلاح الاقتصادي يتضمن ثلاثة محاور رئيسة، الأول يتمثل في الإصلاحات والتدابير الخاصة بالسياسة المالية والسياسة النقدية والإصلاحات الهيكلية للاقتصاد المصري.
أما الثاني فهو استمرار جهود السيطرة على معدلات التضخم وضمان استقرار الأسعار بالسوق المصرية بصورة سريعة، وتحسين كفاءة أدوات السياسة النقدية المتبعة، والمحور الأخير يستهدف العمل على اتخاذ مجموعة متسقة ومتكاملة من التدابير التي تسهم في زيادة تنافسية الاقتصاد المصري، وتحسين بيئة الأعمال ودفع معدلات الإنتاجية ومعدلات التصدير السلعية والخدمية.
يذكر أن مصر بدأت مفاوضات مكثفة ومتواصلة مع صندوق النقد الدولي منذ أكثر من سبعة أشهر، للحصول على تمويل لا تقل قيمته عن خمسة مليارات دولار أميركي لدعم احتياطي البلاد من النقد الأجنبي.
فيما أكد بيان رسمي لصندوق النقد الدولي، إتمام المفاوضات مع مصر، مؤكدا أنه جرى الاتفاق مع مسؤولين مصريين على إتمام العمل للتوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء "قريباً جداً"، حسب بيان الصندوق.
من وجهة نظر خبراء اقتصاد مصريين، يمثل قرب حصول القاهرة على قرض الصندوق الدولي، خطوة إيجابية تدعم الاقتصاد الجنيه مقابل الدولار الأمريكي ( الدولار الأميركي = 19.69 جنيه مصري)، كما يمثل شهادة بالجدارة الائتمانية أمام المؤسسات المالية العالمية.
ويقول أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية العربية للنقل البحرى فى مصر، الدكتور علي الإدريسي، إن الاقتصاد المصري يعتمد على العديد من الأدوات من بينهم صندوق النقد الدولي، فهو في احتياج إلى جزء مرتبط بالثقة الدولية من جانب المستثمرين والمؤسسات الدولية في الاقتصاد المصري، بالإضافة إلى أن مصر تحتاج من الصندوق إلى شهادة جدارة ائتمانية، تعود أهميتها في تدفق الاستثمارات الأجنبية سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة.
وأضاف "الإدريسي"، في تصريحات خاصة لـ"إرم الاقتصادية"، أن الاقتصاد المصري ليس مرهونا بصندوق النقد الدولي بهذا الشكل، ولكن الفكرة أن اقتصاد البلاد يتحرك على العديد من الملفات، وملف صندوق النقد الدولي هو واحد من الملفات التي تتحرك عليها الدولة المصرية، بجانب الاستثمارات العربية، وأيضا وثيقة ملكية الدولة التي استهدفت مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، وأيضا العمل على جذب الاستثمارات من العديد الدول وخاصة الدول الأوروبية.
وتابع أستاذ الاقتصاد: "الاقتصاد المصري يتحرك على عدة محاور سواء كان الملف الأفريقي أو الملف العربي، أو الملف الأوروبي، أو جذب الاستثمارات العربية والأجنبية سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، وصندوق النقد الدولي، ومؤسسات الدولية الأخرى، فهو تنوع في العديد من الملفات، وذلك من أجل تعزيز قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة الصدمات والتحديات المستمرة".
الباحث الاقتصادي بالمركز المصري للفكر والدراسات، الدكتور محمد شادي يؤكد خلال تصريحات تلفزيونية، أن القروض التي تحصل عليها البلاد من جهات التمويل الدولية تنقسم إلى نوعين أساسيين، الأول قرض تسهيل صندوق ممدد، وهذا النوع طويل الأجل بفائدة قليلة، ويتم عادة إقتراضها لحل المشكلات الهيكلية، وهذه القروض تتطلب تقديم برنامج يتم عرضه على صندوق النقد الدولي لمناقشته والموافقة عليه.
ويضيف قائلا : إن النوع القرض قصير الأجل، يتم اقتراضه لحل مشكلات الاستيراد والتصدير وتجاوز الأزمات، وقيمته ضئيلة مقارنة بالنوع الأول.
وأشار إلى أن عدد الاتفاقيات التي أبرمتها الحكومة المصرية للحصول على قروض قصيرة الأجل هي سبعة اتفاقيات بينما بلغ عدد الاتفاقيات للحصول على قروض طويلة الأجل ثلاثة فقط.
ويشدد "شادي" على أن الاقتصاد المصري "غير مرهون" لصندوق النقد الدولي كما يشاع في وسائل التواصل الاجتماعى، منوها إلى أن مصر لا تحتاج القرض قدر احتياجها للحصول على شهادة صندوق النقد الدولي، تعد بمثابة شهادة للاقتصاد المصري بالقدرة على التغلب على الصعوبات الاقتصادية وتوافر بيئة آمنة للاستثمار فى مصر.
من جهته يقول المختص في شؤون الاقتصاد الكلي، هاني توفيق، أن الأهم من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي هو مزيد من الإصلاحات في السياسة النقدية.
وأوضح أنه يجب تحديد سعر الصرف الجديد ومنحه المرونة الكافية، ما يوفر حصيلة دولارية كافية تدعم خزانة البنك المركزي المصري، مشددا على أن تلك الخطوة تمنع انفلات الدولار في الأسواق ليظل عن الحدود الجيدة وفقاً للمعايير الدولية المحسوبة.