رفض البرلمان التونسي، اليوم الاثنين، مشروع قانون يهدف إلى الحصول على قرض بقيمة 80 مليون يورو (88 مليون دولار) من الوكالة الفرنسية للتنمية، كان من المقرر تخصيصه لإنشاء خط تمويل لدعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة بهدف الإنعاش الاقتصادي.
وجاء هذا الرفض بعد عدم حصول المشروع على أغلبية أصوات النواب الحاضرين، مما أثار تساؤلات حول مستقبل تمويل هذه المؤسسات واستراتيجية الحكومة الاقتصادية.
لم يحظ المشروع بتصويت أغلبية النواب الحاضرين لفائدته، حسب ما ينص عليه الفصل 116 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، الذي ينص على أن المصادقة على مشاريع القوانين تتم بأغلبيّة الأعضاء الحاضرين على ألاّ تقلّ هذه الأغلبية عن ثلث أعضاء المجلس عندما يتعلّق الأمر بالمصادقة على مشاريع القوانين العادية. ولم يحصل مشروع القانون بتصويت سوى 92 نائبا توزعت بين 48 موافق و13 محتفظ و31 رافض.
وتنص اتفاقية القرض بين تونس والوكالة الفرنسية للتنمية على تخصيص 80 مليون يورو لإنشاء خط تمويل يهدف إلى دعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة وتحقيق الانتعاش الاقتصادي، على أن يُسدد المبلغ على مدى 20 عامًا تتضمن فترة سماح مدتها 5 سنوات.
وتوجه أعضاء مجلس النوّاب بتساؤلات لوزير الاقتصاد والتخطيط، سمير عبد الحفيظ، تعلّقت، خصوصاً، بالمعايير والضوابط المعتمدة لضمان حسن استغلال موارد القرض وتوجيهها بفعالية نحو الأهداف المرجوّة.
كما تعلقت بمعايير اختيار المؤسسات المالية المؤهلة للمشاركة في خط التمويل ومدى سلامة وضعيتها المالية والاستفسار عن استراتيجية الحكومة في توظيف القروض.
كما عبر عديد النواب عن رفضهم لسياسة الاقتراض المعتمدة حالياً لما قد ينجرّ عنها من أعباء إضافية على المالية العمومية داعين إلى توجيه القروض نحو المؤسسات الناشطة في مجال رسكلة النفايات وتثمينها، لما لها من دور محوري في حماية البيئة وتحسين جودة الحياة.
وطالبوا بإجراء تدقيق شامل في كيفية صرف القروض السابقة وتحديد القطاعات التي وُجهت إليها وبتقديم تقييمات دورية لقياس مردودية الشركات الأهلية ومدى مساهمتها الفعلية في الحد من البطالة ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
من جهته، أوضح وزير الاقتصاد والتخطيط أن هذا القرض وخلافا لما تمّ الإدلاء به، لا يندرج ضمن القروض الموجهة لدعم ميزانية الدولة، بل ستُرصد عائداته خصيصًا لإحداث خط تمويل لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة.
وشدد على التزام الوزارة باحترام آجال تنفيذ المشروع الممتد بين 2025 و2030، من أجل ضمان تحقيق الأهداف المرجوة منه، وفي مقدّمتها تلبية حاجيات المؤسسات الصغرى والمتوسطة من التمويلات الضرورية لدعم استقرارها واستدامتها.
وأكّد أن الأجهزة الرقابية التابعة لكل من البنك المركزي ووزارة المالية تضطلع بدورها في متابعة مسار صرف عائدات هذا القرض، بما يضمن توجيهه فعليًا نحو المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تستجيب للمعايير، وتستحق هذا الدعم، وذلك في إطار الشفافية وحسن التصرف.
وأشار إلى تخصيص نسبة 35% كحدّ أدنى من عائدات خط التمويل، والتي ستوجّه للمؤسسات الصغرى والمتوسطة الناشطة في مجال الاقتصاد الأخضر والتنمية الجهوية والإدماج الاجتماعي والحدّ من التفاوت الجهوي.
واعتبر الوزير أن قدرة البلاد على الادخار تبقى غير كافية لتلبية حاجيات الاستثمار، مبرزا أن الاقتصاد التونسي يحتاج إلى مصادر تمويل إضافية، إلى جانب ضرورة مرافقة المؤسسات الصناعية ومراجعة المنظومة التشريعية المحيطة بالاستثمار.
وأكد عبد الحفيظ أن خط التمويل هو تونسي المرجع؛ مما يضمن وضوح المعايير وتكافؤ الفرص في الاستفادة منه، منوهًا إلى حرص الدولة على دفع هذه المؤسسات إلى الانخراط الفعلي في المجهود الوطني الاقتصادي، من خلال تمكينها من امتيازات وحوافز تشجعها على تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة، باعتبارها تشكّل العمود الفقري للنسيج الاقتصادي الوطني.