logo
اقتصاد

التجارة العالمية لا تتراجع لكنها تُغير الاتجاه

التجارة العالمية لا تتراجع لكنها تُغير الاتجاه
تاريخ النشر:5 يناير 2023, 01:20 م

يتزايد الحديث حول تراجع العولمة، لكن المرجح استمرار إعادة ترتيب التدفقات التجارية، وما ينتج عن ذلك من رابحين جيوسياسيين جدد، في حالة امتلكوا المهارة الكافية لاغتنام الفرصة.

تعرّضت التجارة العالمية لضربات كبرى في 2022، حيث انكمشت تدفقات السلع الأساسية الروسية إلى أوروبا بشكل كبير، واستمر تعطل سلاسل التوريد، بسبب عمليات الإغلاق في الصين، كما منحت إدارة بايدن إعانات ضخمة لصناعة أشباه الموصلات، وبطاريات السيارات الكهربائية محلياً، لتعويض هيمنة آسيا عليها.

وعلى مستوى الشركات، وعقب الاضطرابات في تشنغتشو بالصين، عجّلت "آبل" من خططها لتنويع أماكن تصنيع أجهزة أيفون بعيدًا عن البلاد. 

يُركز السياسيون دائمًا ويرفعون أصواتهم بشأن قضايا الأمن القومي والوظائف في البلاد، ولكن تحقيق الأمرين ليس سهلًا على الإطلاق. حيث أطلق الرئيس السابق "دونالد ترامب"، موجة سابقة من النقاش حول العولمة في 2018، مع فرضه تعريفاته جمركية على المنتجات الصينية، ولم يخفض ذلك الواردات، لكنه عزز واردات الولايات المتحدة من دول جنوب شرق آسيا، مثل فيتنام وإندونيسيا وتايلاند على حساب الصين.

أعادت حرب أوكرانيا أيضًا رسم خريطة الطاقة العالمية، لإعادة توجيه صادرات الطاقة الروسية للصين والهند، والواردات الأوروبية من الولايات المتحدة والشرق الأوسط، دون زيادة الاكتفاء الذاتي لأوروبا، التي ترغب في التغيير من خلال بناء مصادر للطاقة المتجددة، لكن الخطة طويلة الأجل، ويرجّح أن تعزز واردات السلع دون مصادر الطاقة مثل النحاس. وما يبعث على الدهشة تعطل مشاريع مزارع توليد طاقة الرياح، بسبب تعطل سلاسل الإمداد العالمية إلى جانب معوقات التصاريح المحلية.

المنطق يقول إن العولمة لن تتراجع بسهولة، فارتفاع التضخم منذ الوباء بمثابة تذكير بأن المستهلكين لا يقبلون بسهولة تكلفة زيادة الاختلافات التجارية. وبينما قد يُحدث الدعم الحكومي فرقًا كبيرًا في بعض القطاعات الحساسة سياسيًا، مثل الرقائق الإلكترونية والبطاريات، لكن حتى في تلك القطاعات، الطرق التجارية الجديدة أو القائمة، سوف تتضخم لتحل محل الطرق المهددة، حيث تحتاج مصانع البطاريات الأميركية الجديدة، كميات هائلة من الواردات من مراكز التعدين مثل أستراليا وشيلي وكندا.

المكسيك الفائز الأكبر في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث تتمتع بمعدل أجور أقل من الصين، وقطاع صناعي راسخ يرتكز على صناعة السيارات، وموقع جغرافي مثالي لخدمة السوق الأميركية، وخصوصًا منذ تزايد عقد المؤتمرات عبر الفيديو، مما زاد من أهمية التواجد بدولة ليس بها فروق في التوقيت.

يرى محللو "بنك أوف أمريكا" بعض المؤشرات على حدوث ذلك، حيث زادت واردات الولايات المتحدة من السلع المصنعة في المكسيك، بحلول أكتوبر بنسبة 60% تقريبًا، مقارنة بمستوياتها قبل الوباء. كما اكتسبت المكسيك حصة من واردات الولايات المتحدة، في بعض القطاعات الصناعية ذات التكنولوجيا المنخفضة، مثل البلاستيك والمنسوجات، مع فقدان الصين لحصتها من وارادات هذه القطاعات.

المشكلة أن الدول التي تتطلع لتحل محل الصين، في واردات الولايات المتحدة، قد تحتاج للكثير من الاستثمارات، حيث لم يستند صعود الصين على العمالة الرخيصة فقط. 

يشير بوب كوبمان" الأستاذ المحاضر بالجامعة الأميركية، وكبير الاقتصاديين السابق في منظمة التجارة العالمية، إلى أن البنية التحتية الحديثة، شكلت عاملاً كبيراً في جذب الشركات العالمية، لتحويل البلاد إلى مركز للتصنيع.

تلعب السياسة المحلية دورًا كبير أيضًا. فقد اقترحت الحكومة اليسارية الجديدة في شيلي، الصيف الماضي، زيادة كبيرة في رسوم التعدين، قبل أن تستقر في أكتوبر على خطة أكثر ملاءمة للاستثمار. حيث قد يتسبب نزاع المكسيك مع الولايات المتحدة وكندا، بشأن سياستها في مجال الطاقة، الذي تعتقد الشركات في تلك الدول، أنه يدفع المكسيك لوضع غير مناسب، في احتمال تزايد خطر فشل البلاد، في الاستفادة من فرصة التحول "لمورّد قريب".

سوف تحتاج البلدان المؤهلة للاستفادة، من التغيرات الجذرية المحتملة اليوم في التجارة العالمية، للمزيد من العمل لتحقيق ذلك.

المصدر: وول ستريت جورنال

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC