logo
اقتصاد

الاقتصاد الألماني يستعد لسنوات صعبة بسبب الحرب التجارية

الاقتصاد الألماني يستعد لسنوات صعبة بسبب الحرب التجارية
سفينة حاويات تابعة لشركة "هاباغ لويد" في ميناء هامبورغ في هامبورغ، ألمانيا، يوم الأربعاء، 20 ديسمبر 2023المصدر: غيتي إيجيمز
تاريخ النشر:19 فبراير 2025, 11:08 ص

حذر رئيس البنك المركزي الألماني يواخيم ناغل، من أن ألمانيا ستتأثر بشدة بالإجراءات الحمائية التي يتبناها دونالد ترامب، في وقت يمر فيه الاقتصاد العالمي بتغيرات متسارعة.

وأكد ناغل في خطاب ألقاه يوم الاثنين، أن «الوضع لا يبدو مبشرًا لهذا العام أيضًا»، مما يشير إلى استمرار الصعوبات الاقتصادية التي تعانيها البلاد.

تراجع القدرة التنافسية للصناعة الألمانية

تعاني الصناعة الألمانية من فقدان التنافسية في الأسواق العالمية، وهو ما عزاه ناغل جزئيًا إلى السياسات الصينية. وانتقد بشدة دعم بكين للصناعات المحلية، قائلًا: «الصين تدعم الإنتاج الصناعي، وتخرق قواعد المنافسة العادلة»، مشيرًا إلى أن هذه الممارسات ساعدت الشركات الصينية على انتزاع حصص سوقية من نظيراتها الألمانية، خاصة في قطاعي الهندسة الميكانيكية وصناعة السيارات.

وبحسب البيانات، فإن معدل نمو الصادرات الألمانية أصبح أقل استجابة لنمو الاقتصاد العالمي مقارنةً بالعقد الماضي. ففي عام 2010، كانت الصادرات الألمانية ترتفع بنسبة 1.4% مقابل كل 1% من نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بينما انخفضت هذه النسبة حالياً إلى 0.6% فقط.

أزمة الطاقة وتراجع الاستثمارات

تفاقمت مشكلات الاقتصاد الألماني بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة بشكل أسرع مما هو عليه في الولايات المتحدة، ويرجع ذلك جزئياً إلى الحرب في أوكرانيا وسياسات الطاقة التي اتبعتها الحكومات الألمانية السابقة. وأشار الاقتصادي ستيفان كوليك من «بي إن بي باريبا» إلى أن «قدرات الإنتاج الصناعي الألمانية، التي لم تنخفض منذ 1993، شهدت تراجعاً بنسبة 6% منذ عام 2017»، مما يعكس مظاهر التراجع الصناعي.

تهديد الحمائية الأميركية

إلى جانب ذلك، فإن السياسات الحمائية الأميركية تشكل تحدياً آخر لألمانيا، حيث كانت في عام 2023 أكبر مصدر أوروبي إلى الولايات المتحدة. وأوضح ناغل أن «ألمانيا تصدر إلى الولايات المتحدة أكثر مما تصدره إلى معظم الدول الأوروبية مجتمعة».

وشهدت الصادرات الألمانية إلى الولايات المتحدة ارتفاعاً بنسبة 36% في السنوات الخمس الماضية، بينما تراجعت الصادرات إلى الصين بنسبة 6% خلال الفترة نفسها. وقد بلغ فائض التبادل التجاري الألماني مع الولايات المتحدة حوالي 30 مليار يورو في قطاع السيارات، و20 مليار يورو في قطاع الأدوية، ما يجعلها هدفاً رئيسياً لانتقادات ترامب وسياساته التجارية.

مستقبل الاقتصاد الألماني على المحك

وفقاً لتقديرات البنك المركزي الألماني، فإن الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا في عام 2027 قد يكون أقل من التوقعات السابقة بنحو 1.5 نقطة مئوية، مما يزيد احتمالية استمرار الركود حتى ذلك الحين. وقال ناغل: «الاقتصاد التصديري لألمانيا لا يمر بأفضل أوقاته».

ومع اقتراب الانتخابات التشريعية في ألمانيا، تسعى الأحزاب السياسية إلى إيجاد حلول للخروج من الأزمة. تقترح أحزاب اليمين خفض الضرائب لتعزيز جاذبية البلاد للاستثمارات، بينما تراهن الأحزاب اليسارية على زيادة الدعم الحكومي، على غرار «قانون خفض التضخم» الذي أطلقته إدارة جو بايدن في الولايات المتحدة.

لا تغيير في النموذج الاقتصادي

رغم كل هذه التحديات، لا يبدو أن ألمانيا مستعدة للتخلي عن نموذجها التصديري. وأكد ناغل أن «برلين ستواصل الدفاع عن نظام تجاري مفتوح وقائم على القواعد، حتى في ظل السياسات الحمائية التي تتبناها إدارة ترامب».

وأشار الاقتصادي ستيفان كوليك إلى أن «الصادرات تمثل ما يقرب من نصف الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا، ومن الصعب إيجاد نموذج بديل لدولة بهذا الحجم». لذا، فإن الحل يكمن في تنويع الأسواق عبر توقيع اتفاقيات تجارة حرة جديدة وإجراء إصلاحات داخلية، على غرار الإصلاحات التي شهدتها البلاد في أوائل الألفية مع «قوانين هارتز» وانضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية.

في ظل هذه التحديات، يبقى السؤال الأهم: كيف ستتكيف ألمانيا مع هذا الواقع الاقتصادي الجديد، وما تأثير ذلك على مستقبل أوروبا؟

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC