logo
اقتصاد

نزوح الأثرياء.. لماذا يخسر الغرب معركة الاستثمار لصالح دبي؟

نزوح الأثرياء.. لماذا يخسر الغرب معركة الاستثمار لصالح دبي؟
صورة لقوارب بدبي في دولة الإمارات في 19 فبراير 2025المصدر: وكالة الأنباء الإماراتية
تاريخ النشر:26 مارس 2025, 02:05 م

تواصل دبي تعزيز مكانتها كوجهة مفضلة للأثرياء والشركات العالمية، مستفيدةً من بيئة ضريبية مواتية وإجراءات تنظيمية مرنة، في وقت تتراجع فيه جاذبية باريس ولندن بسبب الضرائب المرتفعة وعدم الاستقرار السياسي. ومع تصاعد التحديات الاقتصادية في أوروبا، تتزايد حركة رؤوس الأموال نحو وجهات أكثر استقراراً، ما يجعل دبي مركزاً مالياً عالمياً متنامياً.

نزوح رؤوس الأموال من باريس ولندن

لطالما كانت فرنسا والمملكة المتحدة من أهم المراكز المالية في العالم، لكن ارتفاع الضرائب والتشريعات الصارمة يدفع المستثمرين وأصحاب الثروات إلى البحث عن بدائل أكثر ملاءمة. في فرنسا، يثير العبء الضريبي المرتفع قلق أصحاب الدخل العالي، لا سيما مع اقتراب الانتخابات الرئاسية لعام 2027 واستمرار الجمود التشريعي بشأن الإصلاحات الاقتصادية. أما بريطانيا، فلا تزال تعاني تداعيات «البريكست»، خاصة بعد إلغاء نظام «غير المقيمين» الضريبي، الذي كان يوفر مزايا ضريبية كبيرة للأثرياء.

وقد أدى ذلك إلى موجة من التحركات الرأسمالية، حيث نقلت صناديق التحوط وشركات الأسهم الخاصة عملياتها إلى ولايات قضائية توفر بيئة ضريبية وتنظيمية أكثر ملاءمة، في مقدمتها دبي، التي تتمتع بإعفاءات ضريبية على الدخل وإجراءات تنظيمية مرنة عززت جاذبيتها للأثرياء والشركات.

أخبار ذات صلة

مطار دبي الدولي يستعد لاستقبال 3.6 مليون زائر خلال عطلة عيد الفطر

مطار دبي الدولي يستعد لاستقبال 3.6 مليون زائر خلال عطلة عيد الفطر

الشركات تغير وجهتها

لم يقتصر هذا التحول على الأفراد فحسب، بل امتد إلى كبرى المؤسسات المالية والتكنولوجية. بنك «جيه بي مورغان تشيس»، الذي رفع عدد موظفيه في فرنسا من 230 إلى 950 خلال العقد الماضي، أقر بأن باريس استفادت من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكنه أكد أن مستقبلها المالي لا يزال غير مؤكد.

وبحسب تصريحات كيريل كوربوين، رئيس فرع البنك في فرنسا، فإن باريس نجحت في استقطاب المصرفيين المؤسسيين بفضل الحوافز الضريبية، لكنها تخسر المنافسة أمام دبي فيما يتعلق بجذب استثمارات الأسهم الخاصة وصناديق التحوط.

أما في قطاع التكنولوجيا المالية، فقد وسّعت شركة «ريفولت» (Revolut) البريطانية انتشارها في دبي، في خطوة تعكس تزايد الاهتمام بالإمارات كمركز للابتكار والتوسع في التقنيات المالية، كما أنشأت شركة البرمجيات الهولندية «بيرد» (Bird) مقراً في الإمارات لتفادي التحديات التنظيمية في أوروبا، ما يعزز جاذبية الدولة كوجهة رئيسة للشركات الناشئة.

الضرائب.. صداع اقتصادي في أوروبا

يمثل نزوح الأثرياء والشركات تحديًا كبيرًا للقاعدة الضريبية في فرنسا وبريطانيا، حيث يساهم أعلى 10% من أصحاب الدخل بأكثر من 75% من إيرادات ضريبة الدخل في فرنسا، بينما تتجاوز النسبة 60% في المملكة المتحدة. ومع خروج هذه الفئة من الأسواق الأوروبية، تواجه الحكومات صعوبات متزايدة في تمويل الخدمات العامة وسد العجز المالي.

وقد اقترح بعض صناع القرار في فرنسا فرض «ضريبة خروج» على الأثرياء لمنع نزوح رؤوس الأموال، لكن هذه الإجراءات تبقى حلولاً مؤقتة لا تعالج الأسباب الجوهرية للمشكلة، ما يثير مخاوف من اتساع العجز المالي وزيادة الضغوط على الاقتصاد.

في ظل هذه التحديات، شهدت باريس انخفاضاً حاداً في عدد الطروحات العامة الأولية، مع تسجيل عمليات شطب من السوق أكثر من الإدراجات الجديدة للعام الثالث على التوالي، ما يعكس الصعوبات التي تواجهها المدينة في الحفاظ على مكانتها كمركز مالي عالمي.

أخبار ذات صلة

طفرة مفاجئة باستثمارات المصريين في عقارات دبي.. ما القصة؟

طفرة مفاجئة باستثمارات المصريين في عقارات دبي.. ما القصة؟

هل تستطيع باريس ولندن التصدي لهذا النزوح؟

تسعى باريس ولندن إلى مواجهة هذا التراجع عبر استراتيجيات مختلفة، من بينها تعزيز التكامل المالي الأوروبي والاستثمار في البنية التحتية وتحسين جودة الحياة لجذب المستثمرين والكفاءات، لكن هذه الجهود قد لا تكون كافية لمنافسة دبي، التي تواصل ترسيخ مكانتها بفضل بيئة ضريبية وتنظيمية أكثر جاذبية.

ويرى المحللون أن عام 2030 سيكون «الاختبار الحاسم» لمستقبل باريس المالي، مع انتهاء الإعفاءات الضريبية التي حصل عليها المستثمرون بعد «البريكست»، لكن هذا الرهان يبدو محفوفاً بالمخاطر في ظل التحديات المالية والاقتصادية التي تواجهها فرنسا، فضلاً عن التهديدات المحتملة بفرض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب رسوماً جمركية جديدة حال فوزه في الانتخابات المقبلة.

ورغم أن بعض المدن الأوروبية، مثل مدريد وميلانو، نجحت جزئياً في استقطاب الثروات المتنقلة، إلا أنها لا تزال بعيدة عن مستوى الإمارات، التي استقبلت أكثر من 6,700 مليونير في عام 2023، وفق تقرير لشركة «هينلي آند بارتنرز» المتخصصة في استشارات الهجرة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC