logo
اقتصاد

الوقود "يربك" سوق السيارات في مصر.. والأنظار تتجه إلى الكهربائية

الوقود "يربك" سوق السيارات في مصر.. والأنظار تتجه إلى الكهربائية
سيارات تتزود بالوقود في محطة بالقاهرة، مصر، 25 يوليو 2024.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:16 أغسطس 2024, 03:00 ص

أجبرت زيادات أسعار الوقود الكثير من المصريين على تغيير عاداتهم، ودفعتهم للبحث عن بدائل لتقليص النفقات التي كانت تُعد ضرورية في السابق، خاصة أنها تأتي بالتوازي مع الارتفاعات المتزامنة في أسعار العديد من الخدمات. وبينما اضطُر البعض إلى إيقاف سياراتهم والاعتماد على المواصلات العامة أو مترو الأنفاق لإنجاز مهامهم، اتجه آخرون نحو السيارات الكهربائية كبديل.

ومنذ نوفمبر 2016، تطبّق الحكومة المصرية برنامجاً اقتصادياً إصلاحياً بالتعاون مع "صندوق النقد الدولي" يستهدف إجراء إصلاحات هيكلية في منظومة الدعم، ويشمل رفع الدعم التدريجي عن المحروقات، وتحرير سعر الصرف، وزيادة أسعار بعض الخدمات الأساسية مثل الكهرباء.

ورفعت الحكومة المصرية، في 25 يوليو الماضي، أسعار البنزين بنسبة تصل إلى 15% وهي الزيادة الثانية هذا العام، وبموجب الزيادة، ارتفع سعر بنزين 95 من 13.5 جنيه إلى 15 جنيهاً للتر (0.31 دولار)، بينما زاد سعر بنزين 92 من 12.5 جنيه إلى 13.75 جنيهاً للتر (0.28 دولار). كما ارتفع سعر بنزين 80 من 11 جنيهاً إلى 12.25 جنيهاً للتر (0.25 دولار)، وفقاً لما ورد في الجريدة الرسمية.

وبدأت رحلة رفع الدعم عن الوقود في مصر منذ يونيو 2014، عندما أعلنت الحكومة زيادة بنحو 50% في أسعار البنزين والسولار، ليقفز سعر لتر بنزين 80 من 90 قرشاً إلى 160 قرشاً، بينما ارتفع سعر لتر بنزين 92 إلى 180 قرشاً، وسعر لتر بنزين 95 إلى 6.25 جنيه. ومنذ ذلك الحين، شهدت أسعار الوقود زيادة 11 مرة على مدى العقد الماضي.

وتبلغ تكلفة تموين سيارة سيدان اقتصادية ذات خزان وقود سعة 50 لتراً ببنزين 92 نحو 687.5 جنيه (14.24 دولاراً)، مقارنةً بـ90 جنيهاً (1.8 دولار) قبل 10 سنوات.

تداعيات زيادات أسعار الوقود لم تقتصر على أصحاب السيارات فقط، بل طالت أيضاً المواطنين الذين يواجهون صعوبة في حساب تكلفة استخدام المواصلات العامة، خاصةً أولئك الذين يعتمدون عليها يومياً. كما تأثرت أسعار السلع والخدمات بتكاليف النقل المرتفعة، في ظل زيادات طفيفة في الرواتب لا تتماشى مع معدلات التضخم التي سجلت 27.1% في يونيو على أساس سنوي.

إعادة هيكلة الدعم

أستاذ الاقتصاد ورئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، فخري الفقي، صرّح لـ"إرم بزنس" أن الحكومة المصرية تعمل، منذ سنوات، على إعادة هيكلة منظومة الدعم، مع التركيز على دعم المنتجات البترولية والكهرباء، والتي كانت تشكّل الحصة الأكبر من فاتورة الدعم والحماية الاجتماعية، وتمثّل حوالي 20% من إجمالي المخصصات. وأضاف الفقي أن هذا الدعم لم يكن يصل إلى مستحقيه الفعليين.

في العام 2019، اعتمدت الحكومة آلية التسعير التلقائي للمواد البترولية، حسبما أوضح الفقي، الذي أشار إلى أنها صُمّمت لاسترداد تكاليف توفير المنتجات البترولية في السوق ورفع الدعم عنها، بالإضافة إلى حماية الموازنة العامة للدولة من تقلبات غير متوقعة في سعر الصرف، وأسعار النفط العالمية.

وفي تصريح متلفز، بتاريخ 24 يوليو الماضي، أكد المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، محمد الحمصاني، أن الحكومة تدعم المواد البترولية والسلع بشكل كبير، حيث خصصت نحو 636 مليار جنيه لدعم هذه الخدمات للمواطنين. وأضاف الحمصاني أنه من الضروري زيادة أسعار بعض الخدمات البترولية تدريجياً، مشيراً إلى وجود خطة لرفع أسعار هذه المنتجات تدريجياً حتى نهاية العام المقبل 2025.

وفقاً للفقي، تتوقع الحكومة المصرية أن تسهم الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود في توفير حوالي 36 مليار جنيه (745 مليون دولار) في ميزانية الدولة للعام المالي 2024-2025.

وفي تقدير سابق لشهر أبريل، أشار "صندوق النقد الدولي" إلى أن دعم الوقود في مصر يجب أن ينخفض من 331 مليار جنيه مصري (6.8 مليار دولار) في العام المالي 2023-2024 إلى نحو 245 مليار جنيه (5.1 مليار دولار) في العام المالي 2024-2025.

مبيعات السيارات

في ظل ارتفاع أسعار الوقود، ومعدلات التضخم، وانخفاض قيمة الجنيه المصري، تأثرت مبيعات السيارات التي تعمل بالوقود في مصر بشكل ملحوظ، وسجلت تراجعاً بنسبة 2.3% خلال أول 5 أشهر من عام 2024، حيث بلغت 29,811 سيارة مقارنة بـ30,514 سيارة خلال الفترة نفسها من العام 2023، وفقاً لتقرير مجلس معلومات سوق السيارات "أميك". كما أظهر التقرير انخفاضاً في مبيعات السيارات بنسبة 14.2% خلال شهر مايو الماضي، حيث تم بيع 6,281 سيارة مقارنة بـ7,323 سيارة في مايو 2023.

في المقابل، شهدت مبيعات السيارات الكهربائية نمواً ملحوظاً، حيث بدأ عدد من المصريين تفضيل هذه المركبات لتجنب تكاليف الوقود المرتفعة. وزادت مبيعات السيارات الكهربائية بشكل ملحوظ في يونيو، وفقاً لأحدث تقرير صادر عن المجمعة المصرية للتأمين الإجباري على المركبات. كما شهدت مبيعاتها قفزة كبيرة في مايو، حيث تم ترخيص نحو 428 سيارة جديدة، مقارنة بـ87 سيارة فقط في أبريل السابق.

في هذا السياق، يشير منتصر زيتون، عضو مجلس إدارة شعبة السيارات في الاتحاد العام للغرف التجارية، إلى أن سوق السيارات في مصر يعاني ركوداً في حركة المبيعات، ويعود ذلك إلى ارتفاع أسعار السيارات نتيجة لانخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار، وقرار وقف الاستيراد، مما أدى إلى زيادة الأسعار بشكل غير مسبوق.

البحث عن بدائل

يُرجّح زيتون أن يشهد سوق السيارات مزيداً من الركود في ظل الزيادات المستمرة في أسعار البنزين، التي ارتفعت بنحو 10 أضعاف خلال السنوات الأخيرة. ووفقاً لما صرح به لـ"إرم بزنس"، فإن هذه الزيادات تساهم في زيادة الأعباء المالية على ملّاك السيارات، مما يجعل السيارة عبئاً على أصحابها. وأشار زيتون إلى أن البعض يتّجه، حالياً، لاستخدام الغاز الطبيعي في سياراتهم، أو الانتقال إلى السيارات الكهربائية، أو البحث عن سيارات أكثر توفيراً في استهلاك البنزين.

وهو ما أيّده أيضاً رئيس لجنة السيارات الكهربائية بشعبة السيارات في غرفة القاهرة التجارية، أحمد زين لـ"إرم بزنس"، الذي أشار إلى ارتفاع الطلب على السيارات الكهربائية مع كل إعلان عن زيادة في أسعار الوقود، متوقعاً أن تشهد زيادة في مبيعاتها وأسعارها خلال الفترة المقبلة بدعم من ارتفاع أسعار المحروقات، وأيضاً الترويج الجيّد للتحوّل نحو الطاقة النظيفة في البلاد وتوجهات الحكومة بإحلال السيارات التقليدية بأخرى صديقة للبيئة وتوطين الصناعة سواء بالإعفاء الجمركي أو زيادة التصنيع.

ودعا زين وكلاء السيارات المحليين إلى التوسع في طرح العديد من السيارات الكهربائية بمختلف فئاتها بهدف تشجيع العملاء على اقتناء تلك الفئة، وحتى يتناسب حجم المعروض مع تزايد الطلب عليها.

وأوضح زين أن السيارات الكهربائية تتميز بانخفاض مصروفات التشغيل الشهرية مقارنة بسيارات البنزين، التي تتطلب تمويناً مستمراً بالوقود، وتغيير الفلاتر وزيوت المحرك، وصيانة دورية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار قطع الغيار. في المقابل، تحتاج السيارات الكهربائية فقط إلى شحن البطارية، وصيانات دورية غير مكلفة، مما يجعلها خياراً أوفر من حيث النفقات التشغيلية.

وبلغ عدد السيارات الكهربائية المرخصة في مصر نحو 2.7 ألف سيارة خلال أول 6 أشهر من العام الجاري 2024، وفق للتقرير الشهري لعدد المركبات، الصادر عن المجمعة المصرية للتأمين الإجباري.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC