تسعى الحكومة المصرية إلى محاربة مخاطر الديون كجزء من أولوياتها، وعليه قلصت العطاءات المقبولة لإصدارات أذونات الخزانة خلال الربع الثاني من العام الحالي كجزء من استراتيجيتها في هذا المجال.
وبحسب تقرير بنك "غولدمان ساكس"، فإن تقليل قبول أذون خزانة من جانب حكومة مصر، جاء بدعم من حصولها على تمويلات مُسبقة، مستفيدة من صفقة "رأس الحكمة" وتوسعها في الاقتراض خلال الربع الأول من 2024.
كما أعلن وزير المالية المصري أحمد كوجك، عقب توليه الوزارة، أن أهم أولوياته مواجهة الديون والتضخم وتحفيز القطاع الخاص.
وكشفت بيانات صادرة عن "معهد التمويل الدولي" أن الدين الحكومي في مصر ارتفع إلى 81.4% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر بنحو 400 مليار دولار في الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بنحو 80.5% خلال الربع المماثل من العام الماضي.
وتشير التوقعات إلى زيادة الاحتياجات التمويلية للحكومة خلال الربع الجاري، الذي يتزامن مع الربع الأول للسنة المالية الجديدة، ما قد يضع ضغوطاً على عوائد أذون وسندات الخزانة، ويدفع وزارة المالية لقبول عروض بفوائد أعلى.
وفي آخر عطاء للحكومة الأسبوع الماضي، تجاوز العائد على أذون الخزانة بالجنيه أجل سنة 26% للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر، إذ بلغ متوسط العائد المرجح 26%، بينما سجل أعلى عائد 26.25%، وأدنى عائد 25.95%.
وقبلت وزارة المالية المصرية 160 مليون دولار من 935 مليون دولار القيمة المطلوبة في العطاء، وسجلت العروض المقدمة من المستثمرين 1.5 مليار دولار.
وقال عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري للأوراق المالية، ياسر عمارة، إن مصر تهدف من وراء تلك الخطوة السيطرة على معدلات الفائدة للسندات السيادية ما ترتب عليه تراجع العائد عليها، وكذلك أذون الخزانة لمستوياتها الحالية بالمقارنة مع 33% عقب تحرير سعر صرف الجنيه في مارس الماضي.
وأضاف، في تصريحات لـ"إرم بزنس"، أنه أصبح لزاماً على الحكومة أن تلجأ إلى مثل هذه الخطوة؛ بسبب ضغوط "صندوق النقد الدولي" الذي يطالبها بخفض معدلات الدين الذي تفاقم وارتفعت نسبته من الناتج المحلي الإجمالي.
وأوضح أن الخطوة تعني تقليل معدلات الاقتراض سواء المحلي أو الأجنبي، مع استبعاد طرح أدوات دين بالأسواق الدولية خلال الأجل القريب تماماً لارتفاع سعر الفائدة بالأسواق الدولية، فضلاً عن عدم الحاجة الماسّة لذلك.
وأشار إلى أن الحكومة المصرية لن تتوقف عن طرح أذون الخزانة أمام المستثمرين، ولكنها ستقلص العطاءات المطروحة كما هو الحال حالياً في خطوتها الجديدة.
من جانبه، توقع مدير مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، الدكتور خالد الشافعي، أن تستمر الحكومة المصرية في خطوتها الحالية حتى منتصف العام المالي الجاري أي حتى ديسمبر 2024، لكن الظروف هي التي ستحكم بعد هذه المدة سواء بمواصلة خفض معدلات الديون أو اللجوء إلى الاقتراض مجدداً.
وأضاف، في تصريحات لـ"إرم بزنس"، أنه حال نجحت الحكومة في تحريك المياه الراكدة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي أو الدخول في صفقة استثمار مباشر على غرار رأس الحكمة يعقبها عملة أجنبية، ستكون بمثابة المنقذ لاقتصاد البلاد من تفاقم معدلات الديون.
وأشار إلى أن الحكومة المصرية عازمة على تقليص معدلات الديون وعدم الإفراط في طرح أذون الخزانة بأي وسيلة؛ لذلك تقلل الإنفاق العام على حساب قطاعات رئيسة، مثل التعليم والصحة.