logo
اقتصاد

الدبابات بدلاً من السيارات.. الصناعات العسكرية لإنعاش اقتصاد ألمانيا

الدبابات بدلاً من السيارات.. الصناعات العسكرية لإنعاش اقتصاد ألمانيا
صورة جوية تظهر سيارات جديدة من علامات تجارية مختلفة جاهزة للبيع في محطة لوجستية للسيارات في إيسن، غرب ألمانيا، في 22 نوفمبر 2024. المصدر: أ ف ب
تاريخ النشر:5 مارس 2025, 11:50 ص

تتطلع شركات قطاع الدفاع إلى الاستفادة من قدرات صناعة السيارات، التي كانت ذات يوم مهيمنة، لتلبية رغبة الأوروبيين في زيادة ميزانياتهم العسكرية، وقد يكون هذا أول مؤشر ملموس على تحول الاقتصاد الألماني للخروج من ركود استمر عامين.

وفي ظل تجميد الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب لمساعداتها العسكرية لأوكرانيا ومطالبتها الدول الأوروبية بتحمل الأعباء المالية لدفاعها، تسعى شركات تصنيع الأسلحة في ألمانيا إلى زيادة إنتاجها، من الدبابات إلى أنظمة الرادار.

في الوقت نفسه، تواجه شركات صناعة السيارات – التي كانت رمزاً لقوة الاقتصاد الألماني لعقود – عمليات تسريح واسعة وإغلاق مصانع، مع صعوبات الانتقال إلى السيارات الكهربائية.

أعلنت شركة «راينميتال»، أكبر منتج للذخائر في أوروبا، الأسبوع الماضي أنها ستعيد توجيه إنتاج مصنعين مخصصين حالياً لقطع غيار السيارات نحو معدات الدفاع بحسب وكالة رويترز. كما تجري «هينسولت»، المتخصصة في أنظمة الرادار TRML-4D التي تستخدمها أوكرانيا في مواجهة روسيا، محادثات لتوظيف نحو 200 موظف من شركتي «بوش» و«كونتيننتال» المتخصصتين في قطع غيار السيارات.

وقال رئيس مجلس إدارة «هينسولت»، أوليفر دور، لوكالة «رويترز»: «نستفيد من التحديات التي تواجه قطاع السيارات»، مشيراً إلى أن الاستثمارات الجديدة قد تؤدي إلى مضاعفة الإنتاج السنوي لأنظمة TRML-4D ليصل إلى 25-30 وحدة.

إعادة التسلح الأوروبي 

اتفق نحو 15 من القادة الأوروبيين، خلال اجتماع طارئ في لندن يوم الأحد، على الحاجة إلى إعادة تسليح سريعة للقارة، بعد يومين من مواجهة في البيت الأبيض بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ما أثار مخاوف من انسحاب أميركي كامل من دعم أوكرانيا.

ويشارك قادة الاتحاد الأوروبي الـ27، يوم الخميس، في قمة استثنائية في بروكسل لمناقشة مقترحات كشفتها المفوضية الأوروبية الثلاثاء، والتي تهدف إلى تعبئة ما يصل إلى 800 مليار يورو لإعادة التسلح، بما في ذلك قرض مشترك بقيمة 150 مليار يورو.

وفي ألمانيا، اتفق المحافظون، الذين فازوا بالانتخابات التشريعية في 23 فبراير، مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي يتفاوضون معه لتشكيل الحكومة، على إنشاء صندوق بقيمة 500 مليار يورو للبنية التحتية، إضافة إلى تخفيف القيود الدستورية على الديون لتمكين استثمارات ضخمة في قطاع الدفاع.

صعود أسهم شركات الدفاع 

ارتفعت أسهم شركات الدفاع الألمانية، مثل «راينميتال» و«تيسنكروب» و«هينسولت» و«رينك»، بنسبة تتراوح بين 8% و14% صباح الأربعاء في بورصة فرانكفورت، وسط ارتفاع متواصل في قطاع الدفاع الأوروبي منذ بداية الأسبوع.

ويقدر مركز «بروغيل» للأبحاث أن الجيوش الأوروبية قد تحتاج إلى 300 ألف جندي إضافي وزيادة سنوية في ميزانيات الدفاع بما لا يقل عن 250 مليار يورو «لردع أي عدوان روسي».

ويمكن أن يوفر هذا التوسع في صناعة الدفاع دفعة جديدة للاقتصاد الألماني، الذي يعد الآن أحد أقل الاقتصادات ديناميكية في أوروبا، بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة وزيادة المنافسة الدولية.

ويقدّر معهد «كيل» للاقتصاد العالمي أن الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي قد يرتفع بنسبة تتراوح بين 0.9% و1.5% سنوياً إذا رفعت الدول الأعضاء إنفاقها العسكري إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنةً بالهدف الحالي البالغ 2% ضمن «الناتو»، مع التركيز على شراء معدات أوروبية.

وقال يوهانس بيندر، من معهد كيل: «على المدى المتوسط والطويل، أظهرت التجربة الأميركية أن الإنفاق العسكري يمكن أن يكون له تأثير قوي على الإنتاجية والتقدم التكنولوجي».

حماية القاعدة الصناعية الألمانية

بالنسبة لألمانيا، ومع وجود قاعدة صناعية قوية بالفعل، يمكن أن تصل نسبة النمو إلى الحد الأعلى من هذه التوقعات. فإذا رفعت ألمانيا إنفاقها الدفاعي إلى 3% من ناتجها المحلي الإجمالي، فإن ذلك سيؤدي إلى مضاعفة استثماراتها السنوية في هذا القطاع إلى 25.5 مليار يورو، وخلق 245 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، وتحقيق نحو 42 مليار يورو من العائدات السنوية في الإنتاج والخدمات، وفقاً لتقديرات شركة «إرنست آند يونغ» (EY).

وتشير أحدث الإحصاءات إلى أن قطاع الدفاع الألماني وظف 387 ألف شخص في عام 2022، أي حوالي نصف حجم العمالة في قطاع السيارات آنذاك، حيث بلغت إيرادات شركات الدفاع 47 مليار يورو، مقارنةً بـ 506 مليارات يورو لقطاع السيارات.

قطاع دفاع أوروبي مجزأ مقارنةً بأميركا

تعمل «رينك»، المتخصصة في تصنيع ناقل الحركة للدبابات، والتي كانت تابعة لمجموعة «فولكسفاغن» حتى عام 2020، على الاستفادة من قطاع السيارات لزيادة قدرتها الإنتاجية، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.

أما «KNDS»، التحالف الفرنسي-الألماني لأنظمة القوات البرية، فيخطط لتجميع دبابة القتال «ليوبارد 2» ومركبة القتال «بوما» في مصنع للترامواي في ألمانيا اشتراه مؤخراً من «ألستوم»، لكنه لم يعلق على طلب «رويترز» بشأن خططه.

ومع ذلك، حذر محللو «دويتشه بنك» الشهر الماضي من أن زيادة ميزانيات الدفاع الأوروبية قد لا تفيد الشركات المحلية بشكل كبير، نظراً لأن قطاع الدفاع الأوروبي أكثر تشتتاً مقارنةً بالولايات المتحدة.

وفي تقريره عن التنافسية الأوروبية العام الماضي، أشار رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراغي إلى أن أربعة أخماس مشتريات المعدات العسكرية في الاتحاد الأوروبي بين منتصف 2022 ومنتصف 2023 جاءت من موردين غير أوروبيين.

وفي هذا السياق، قال أرمن بابيرغر، رئيس مجلس إدارة «راينميتال»، الذي يجري محادثات لتوظيف نحو 100 عامل من «كونتيننتال»، إن هناك حاجة إلى استثمارات ضخمة في مجال الصواريخ والذخائر والمركبات لتعزيز قدرات الدفاع الأوروبية، التي وصفها بأنها متأخرة بشكل كبير في الإنفاق العسكري.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC