تتجه الحكومة الأردنية إلى فتح الباب لاستقدام العمالة الوافدة من العرب والأجانب، لتلبية احتياجات بعض القطاعات التي تفتقر إلى الأيدي العاملة المحلية الراغبة في العمل فيها.
وأكد وزير العمل الأردني، خالد البكار، في تصريح صحفي، وجود توجه حكومي لفتح باب استقدام العمالة الوافدة خلال الأسابيع المقبلة لبعض القطاعات التي تأثرت سلباً نتيجة وقف الاستقدام.
وأوضح أن الحكومة تسعى إلى تنظيم سوق العمل بشكل أفضل، بما يضمن الحفاظ على حقوق العمال، وحماية الاستثمارات، وخلق فرص العمل في السوق الأردني، مشيراً إلى أن وقف استقدام العمالة الوافدة في بعض القطاعات أدى إلى تداعيات سلبية ورفع تكاليف التشغيل فيها.
وأثار تصريح وزير العمل الأردني جدلاً واسعاً، خاصة في ظل وجود عدد كبير من العمالة الوافدة غير المرخصة في الأردن، في وقت تعاني فيه البلاد نسب بطالة مرتفعة بلغت 21.4%، وفق تقرير دائرة الإحصاءات العامة الأردنية للربع الثاني من عام 2024.
ويرى مراقبون لسوق العمل الأردني أن قرار فتح باب استقدام العمالة الوافدة قد يفاقم من أزمة البطالة المحلية ويزيد أعداد العمالة الوافدة في سوق مكتظ فعلاً.
ومع استمرار ارتفاع نسب البطالة، يُتوقع أن يؤدي استقدام عمالة جديدة إلى زيادة الضغوط على الاقتصاد الأردني، الذي يعاني أصلاً تحديات كبيرة.
يأتي ذلك وسط دعوات لإعادة النظر في سياسات استقدام العمالة الوافدة، والعمل على تنظيم العمالة الحالية وتوفير فرص عمل للشباب الأردني الذين يعانون البطالة المرتفعة.
من جهته، صرّح وزير العمل الأردني الأسبق نضال البطاينة في حديث سابق، بأن الحكومة لن تفتح باب استقدام العمالة الوافدة، مبرراً ذلك بوجود 600 ألف عامل غير منظم في المملكة، معظمهم تسربوا من قطاع الزراعة.
وأكد الوزير السابق وجود من وصفهم بـ«تجار العمالة» في هذا القطاع، مهدداً باللجوء إلى قانون منع الاتجار بالبشر لمكافحة هذه الظاهرة.
الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل الأردنية، محمد الزيود، أكد أن بعض القطاعات، مثل الصناعات والزراعة، فضلاً عن المخابز وقطاع الإنشاءات، طلبت استقدام عمالة غير أردنية.
وأوضح الزيود في تصريح لـ«إرم بزنس» أن الوزارة وضعت محددات لاستقدام العمالة الأجنبية منذ عام 2020، وذلك بسبب جائحة كورونا التي أدت إلى تقليص العمالة الوافدة، خاصة المخالفة منها، عبر جولات التفتيش، وبعد التعافي من الجائحة، كان جزء كبير من العمالة الوافدة قد غادر الأردن نتيجة للظروف الصحية العالمية.
وأضاف أن السنوات الأربع الماضية شهدت تكرار المطالب من القطاع الخاص والمستثمرين باستقدام العمالة الوافدة في القطاعات التي لا يرغب الأردنيون بالالتحاق بها.
وأشار إلى أن وزارة العمل الأردنية ما زالت تدرس وتتحاور مع كل قطاع لتحديد احتياجاته من العمالة الوافدة، مؤكداً أن «الباب لن يُفتح على مصراعيه للعمالة غير الأردنية، بل ستكون هناك محددات تتعلق بمدى حاجة كل قطاع، وتُحدَّد هذه الاحتياجات بالتوافق مع وزارة العمل».
وشدد الزيود على أن «الوزارة ستفرض بنوداً مشددة تمنع إلغاء تسفير أي عامل مخالف إلا بعد استيفاء المتطلبات القانونية، التي تشمل العرض على لجنة مختصة، وفي حال الموافقة، يدفع صاحب العمل غرامة قدرها نحو 4230 دولاراً لتسوية وضع العامل».
وأكد كذلك أن الوزارة ستتفق مع الشركات على «عدم السماح بوجود عمالة مخالفة في سوق العمل»، مشيراً إلى أن «أصحاب العمل المخالفين سيواجهون عقوبات تصل قيمتها إلى 1200 دولار».
وأوضح أن الوزارة تعمل على «تكثيف الرقابة على سوق العمل من خلال جولات تفتيشية لضبط أي عمالة مخالفة، مع تضييق نطاق الإعفاءات المتعلقة بإلغاء تسفير المخالفين».
نائب نقيب المقاولين الأردنيين، فؤاد الدويري، أكد في تصريح لـ«إرم بزنس»، أن المملكة بحاجة إلى استقدام عمالة فنية ومهنية تتسم بالطبيعة الشاقة، خاصة في قطاع المقاولات الذي تأثر بإغلاق باب استقدام العمالة.
وأوضح أن عزوف العمال الأردنيين عن هذه المهن الشاقة أدى إلى فجوة كبيرة بين ما هو مطلوب من العمالة المؤهلة وما هو متوفر، ما دفع القطاع لتحمل تكاليف أعلى لتنفيذ مشاريعه.
الدويري أشار إلى ضرورة أن تضع وزارة العمل ضوابط واضحة في منح تصاريح العمل، وعدم الاتجاه نحو التصريح الحر للعمالة الأجنبية، بالإضافة إلى فتح باب الاستقدام للجنسيات جميعها، وعدم احتكاره على جنسية واحدة فقط.
وفقاً لبيانات وزارة العمل الأردنية، يحتل العمال المصريون النسبة الأكبر من العمالة الوافدة في الأردن، إذ يوجد نحو 920 ألف عامل مصري في المملكة، يليهم عمال من بنغلاديش والهند والفلبين.
ويعمل العديد من هؤلاء في المناطق الصناعية المؤهلة، والعمالة المنزلية، ثم في قطاعات الزراعة والإنشاءات والبناء، وتجارة الجملة والتجزئة.
وتشير الإحصاءات إلى أن نسبة العمالة الوافدة في قطاع الإنشاءات تبلغ 8 عمال مقابل 3 أردنيين، على حين تصل نسبة العمالة الأجنبية إلى نحو 70% في المهن الميكانيكية والزراعية.
ووفقاً لأحدث تقارير منظمة العمل الدولية، يبلغ عدد العمال غير الأردنيين في سوق العمل الأردني نحو 1.4 مليون.