logo
اقتصاد

السياسة تربك الاقتصاد التركي.. الأسواق تتراجع والليرة تحت الضغط

السياسة تربك الاقتصاد التركي.. الأسواق تتراجع والليرة تحت الضغط
أنصار إمام أوغلو يتجمعون أمام مبنى بلدية إسطنبول الكبرى احتجاجًا على احتجازه، إسطنبول، تركيا، 19 مارس 2025..المصدر: رويترز
تاريخ النشر:20 مارس 2025, 04:45 م

تشهد تركيا تصاعداً في حالة الغموض السياسي، تلقي بظلالها على الاقتصاد الوطني، حيث تزايدت المخاوف بشأن استقرار الأسواق المالية والسياسات النقدية. وقد حذر محللون من أن التطورات الأخيرة قد تعيق جهود احتواء التضخم ودعم استقرار أسعار الفائدة.

اعتقال إمام أوغلو وتداعياته السياسية

في خطوة مفاجئة، قامت السلطات التركية يوم الأربعاء باعتقال إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول والقيادي البارز في حزب الشعب الجمهوري المعارض، إلى جانب أكثر من 100 شخص آخر، بتهم تتعلق بالفساد والارتباط بجماعة إرهابية. يُعتبر إمام أوغلو من أبرز المنافسين للرئيس رجب طيب أردوغان، وقد أثار اعتقاله احتجاجات واسعة في مختلف أنحاء البلاد، مما زاد حالة عدم اليقين في المشهد السياسي.

تأثيرات فورية على الأسواق المالية

تأثرت الأسواق المالية التركية بشكل حاد بهذه التطورات السياسية. فقدت الليرة التركية 14% من قيمتها أمام الدولار خلال التداولات اليومية، لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 42 ليرة مقابل الدولار الأميركي، قبل أن تتدخل البنوك التركية لدعم العملة ببيع نحو 8 مليارات دولار، مما قلص خسائر العملة إلى 4%، حيث أغلقت عند 38.17 ليرة للدولار.

كما شهدت بورصة إسطنبول انخفاضاً حاداً، حيث تراجع المؤشر الرئيس بنسبة 6.87% في التعاملات المبكرة يوم الأربعاء، مما دفع البورصة إلى تعليق التداولات مؤقتاً بموجب آلية «وقف التداول التلقائي». وبعد استئناف التداول، قلص المؤشر بعض خسائره، لكنه سجّل أسوأ أداء يومي له منذ أواخر 2023. وتكبدت القطاعات جميعها خسائر حادة، وكان قطاع الاتصالات الأكثر تضرراً بانخفاض 7.56%.

استجابة البنك المركزي والسلطات المالية

في محاولة لكبح التقلبات، عقد البنك المركزي التركي اجتماعاً طارئاً يوم الخميس، وقرر رفع سعر الفائدة على الإقراض لليلة واحدة من 44% إلى 46%، مع الإبقاء على سعر الفائدة الرئيس عند 42.5%. جاء هذا القرار في ظل المخاطر التي تهدد توقعات التضخم، وسعي البنك للحفاظ على استقرار الأسواق المالية. وقد أدى هذا الإجراء إلى تعزيز طفيف في قيمة الليرة مقابل الدولار، بعد أن كانت قد وصلت إلى أدنى مستوياتها التاريخية.

من جانبه، سعى وزير الخزانة والمالية التركي، محمد شيمشك، إلى طمأنة الأسواق عبر تصريح مقتضب نشره على حسابه في منصة «إكس»، أكد فيه أن السياسة الاقتصادية للحكومة لا تزال بلا تغيير. ومع ذلك، لم يكن هذا التصريح كافياً لتهدئة المخاوف المتزايدة بين المستثمرين.

مخاوف المستثمرين وتداعيات طويلة الأجل

أثار اعتقال إمام أوغلو قلق المستثمرين الأجانب، الذين رأوا في هذه الخطوة مؤشراً على تصاعد المخاطر السياسية في تركيا، مما دفعهم إلى إعادة النظر في استثماراتهم بالبلاد. وقد وصف رئيس أبحاث الأسواق في أوروبا، نيك ريس، التطورات الأخيرة بأنها «صدمة للنظام السياسي والاقتصادي التركي»، مشيراً إلى أن المستثمرين كانوا يرون اتجاهاً نحو مزيد من الاستقرار، لكن الأحداث الأخيرة بددت هذه التوقعات، وهذا أدى إلى موجة بيع مكثفة لليرة والأسهم التركية.

وفي مذكرة للمستثمرين، حذرت مجموعة «جيه بي مورغان» من أن حالة عدم اليقين السياسي قد تؤدي إلى آثار اقتصادية طويلة الأجل. ورفعت المجموعة توقعاتها لمعدل التضخم السنوي إلى 29.5% مقارنة بالتقدير السابق البالغ 27%. كما عدلت توقعاتها لارتفاع مؤشر أسعار المستهلك لشهر مارس إلى 3.2% على أساس شهري، مقارنة بتقدير سابق بلغ 2.3%.

وأشار محللون إلى أن هذه التطورات قد تدفع البنك المركزي إلى إبطاء وتيرة خفض أسعار الفائدة، مع توقع بقاء سعر الفائدة الرئيس عند 35% بنهاية العام، مقارنة بالتقدير السابق البالغ 30%. كما أعربوا عن قلقهم من أن يؤدي تصاعد التوترات السياسية إلى تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي، مما قد يعيق جهود تحقيق الاستقرار الاقتصادي.

تأثيرات على التضخم والسياسات النقدية

تواجه تركيا بالفعل تحديات اقتصادية متزايدة، حيث لا تزال معدلات التضخم مرتفعة، وأسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة، منذ الزلزال المدمر الذي ضرب المناطق الجنوبية قبل عامين. وقد ساهمت السياسات النقدية السابقة، بما في ذلك تخفيض أسعار الفائدة بشكل مصطنع خلال فترة انتخابية سابقة، في تفاقم التقلبات الاقتصادية.

وفي ظل التطورات الأخيرة، قد يجد البنك المركزي صعوبة أكبر في تحقيق أهدافه المتعلقة بالتضخم. وقد أشار محللون إلى أن حالة عدم اليقين السياسي قد تؤدي إلى تباطؤ وتيرة خفض أسعار الفائدة، مما قد يؤثر على النمو الاقتصادي.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC