في ظل النمو المتسارع في صناعة العقارات، يبرز تفاعل مثير بين هذا القطاع وقطاع السفر، إذ يتبادل القطاعان التأثيرات، ويعززان من نمو بعضهما البعض، مما يخلق حلقة متكاملة تدفع نحو انتعاش اقتصادي متبادل، وتساهم في تحسين الجودة الشاملة للحياة في المدن والوجهات السياحية.
في هذا السياق، ناقش مارتن برلين، مسؤول صفقات العقارات والضيافة والترفيه في "برايس ووترهاوس كوبرز" الشرق الأوسط، العلاقة الوثيقة بين القطاعين خلال مقابلة مع مجلة (Travel Daily Media).
وقال إن الازدهار السريع في سوق العقارات يسهم بشكل كبير في تسهيل الوصول إلى وجهات جديدة، مما يفتح المجال أمام زيادة حركة السفر. "فكلما توسعت المشاريع العقارية، زادت خيارات الإقامة والمرافق المتاحة للمسافرين، مما يعزز جاذبية الوجهات الجديدة، ويزيد الطلب على السفر إليها."
في المقابل، يسهم ارتفاع حركة السفر في تعزيز الطلب على العقارات السكنية، إذ يبحث المسافرون والمستثمرون عن خيارات سكنية تلبي احتياجاتهم المتزايدة. هذه الديناميكية تعزز من تطوير مشاريع جديدة، وتوسع الاستثمارات في القطاع العقاري، مما يخلق حلقة تفاعلية بين السياحة والاستثمار العقاري.
أشار برلين إلى استمرار قوة أداء سوق العقارات في المنطقة، مع تسجيل نمو ملحوظ عبر مختلف القطاعات. ولفت إلى أن البيانات الصادرة عن دائرة الأراضي والأملاك في دبي كشفت زيادة بنسبة 30% في المعاملات بين عامي 2022 و2023، فقد بلغت القيمة الإجمالية للمعاملات 19.7 مليار درهم، مما يعكس ثقة قوية من المستثمرين في مستقبل السوق العقاري.
وأضاف أن السوق العقاري في الشرق الأوسط بشكل عام يواصل تحقيق اتجاهات إيجابية، رغم التحديات المتمثلة في ارتفاع أسعار الفائدة، والتضخم، والتوترات الجيوسياسية، وإشارات الركود في الاقتصاديات العالمية الكبرى. وأبرز أن أسواقاً أخرى في المنطقة، مثل السعودية، تُظهر أيضاً نمواً قوياً في مجال التطوير، مع استعدادها لتشريع قوانين جديدة لفتح الأسواق أمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة بشكل أوسع.
كما يسهم نمو شركات الطيران في الشرق الأوسط وشبكاتها العالمية في تسهيل الوصول إلى هذه الوجهات الجديدة، مما يجعل المنطقة أكثر وصولاً للمسافرين العالميين.
تستفيد قطاعات أخرى من هذا النمو أيضاً، إذ إن ارتفاع مستويات التوظيف في صناعة السفر والضيافة يتطلب زيادة في المساحات المكتبية والمحال التجارية لتلبية احتياجات العاملين والسياح على حد سواء. كذلك، يعزز ازدهار قطاع السفر من فرص التجارة والتجزئة في المناطق السياحية، مما يؤدي إلى تنمية أحياء ومراكز تجارية جديدة.
كما يؤدي تطوير صناعة الترفيه دوراً حيوياً في نمو صناعة السفر في الشرق الأوسط، من خلال توفير وجهات وجاذبيات جديدة للمسافرين. على سبيل المثال، يوضح برلين أن وجهات مثل "دبي باركس آند ريزورتس" و"جزيرة ياس" في أبوظبي و"العلا" في السعودية، إلى جانب زيادة الفعاليات الرياضية والترفيهية الدولية، تسهم جميعها في تعزيز هذا النمو.
هذه الاستثمارات تساهم في تحسين تجربة السياح، مما يساعد على زيادة أعداد الزوار والإيرادات السياحية.