يبدو أن الاتفاق المبدئي بين روسيا وأوكرانيا لوقف الأعمال العدائية في البحر الأسود، الذي أعلنه البيت الأبيض يوم الثلاثاء، يصبّ بشكل واضح في مصلحة موسكو، التي قد تحصل من واشنطن على تخفيف للعقوبات الاقتصادية دون تقديم تنازلات كبيرة، بحسب تقارير صحفية دولية.
تمكّنت الولايات المتحدة من انتزاع الاتفاق في الرياض بعد ثلاثة أيام من مفاوضات منفصلة مع الجانبين الروسي والأوكراني. ورغم أن الاتفاق يمثل «تطورًا إيجابيًا» في النزاع، فإنه يبدو أكثر فائدة لروسيا واقتصادها، حسب صحيفة «ذا ديلي تلغراف»، التي أشارت إلى أن أوكرانيا كانت حققت انتصارًا بحريًا بالفعل في البحر الأسود.
ووفقًا لشبكة «سي إن إن»، فإن العنصر الأساس في الاتفاق يتمثل في ضمان مرور آمن للسفن التجارية ووقف الضربات العسكرية في البحر الأسود؛ ما سيسمح لكل من روسيا وأوكرانيا باستئناف تصدير الحبوب والمنتجات الزراعية عبر موانئهما الحيوية.
ويتضمن الاتفاق أيضًا وقف استهداف منشآت الطاقة في البلدين لمدة 30 يومًا، لكن وفقًا لـ«سي إن إن»، فإن أي اتفاق مع الكرملين لا يخلو من تعقيدات. فقد أعلنت روسيا بعد وقت قصير من الإعلان الرسمي أن تنفيذه مشروط برفع مجموعة من العقوبات المفروضة على مؤسساتها المالية المرتبطة بالتجارة الزراعية.
تشمل الشروط التي وضعتها روسيا، وفقًا لـ«بي بي سي»، إعادة ربط بعض بنوكها بنظام «سويفت» المالي العالمي، ورفع القيود المفروضة على صيانة السفن الروسية العاملة في تجارة المواد الغذائية، وكذلك السماح باستيراد المعدات الزراعية.
وترى «نيويورك تايمز» أنه إذا استجابت واشنطن لهذه المطالب، فإن ذلك سيمثل خطوة أولى نحو تخفيف العقوبات المفروضة على الاقتصاد الروسي؛ ما قد يؤدي إلى تقويض سياسة الضغط الغربي على موسكو. وفي بيانه الرسمي، أشار البيت الأبيض بعبارات غير واضحة إلى أن الولايات المتحدة ستساعد على إعادة وصول روسيا إلى السوق العالمية لصادراتها من المنتجات الزراعية والأسمدة.
وحين سُئل عن تفاصيل الاتفاق مساء الثلاثاء، بدا الرئيس الأميركي دونالد ترامب غامضًا، مكتفيًا بالقول: «نحن ندرس كل شرط على حدة. هناك نحو خمسة أو ستة شروط، ونحن نقوم بمراجعتها جميعًا».
أما صحيفة «ذا غارديان»، فترى أن الكرملين يستغلّ اندفاع البيت الأبيض لإثبات أن «ترامب هو القائد الوحيد القادر على إنهاء الحرب»، مشيرةً إلى أن الاتفاق «يمنح تنازلات متتالية لموسكو».