ويُمثّل التعاون بالعملات المحلية أهمية كبيرة لمصر، حيث سيسهم في الحد من الاعتماد على الدولار الأميركي، وحماية الاقتصاد المحلي من تقلبات أسعار العملات الأجنبية.
ويرى أستاذ الاقتصاد والمستشار بالبنك الدولي، الدكتور محمود عنبر، أن "العالم يتهيأ لأن يكون متعدد الأقطاب، وأن الصين ستكون واحدة من الدول التي سيكون لها تأثير كبير في الوضع الاقتصادي العالمي، لذلك، فإن تعزيز العلاقات مع الصين أمر ضروري ومحوري، حيث إنها واحدة من الأقطاب الرئيسة المحركة للاقتصاد في العالم".
وأضاف عنبر لـ"إرم اقتصادية" أن "الصين تُمثّل أهمية كبيرة لمصر، فهي إحدى أدوات التوازن في علاقات مصر بالعالم والولايات المتحدة الأميركية، وتُعد القاهرة المدخل الشرعي لبكين للنفاذ نحو الأسواق الإفريقية، خاصة بعد إقرار منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية".
وأوضح عنبر أن "العلاقات المصرية الصينية متبادلة، إلا أن هناك احتمالية لتوفير عملة بديلة للدولار في التعاملات الدولية، وقد تكون عملة الصين".
وأشار إلى أن "الولايات المتحدة الأميركية لن تصبح القطب الأوحد المسيطر على العالم في المستقبل، ولكن لن تسمح بوجود عملة أخرى في التعاملات الدولية يهدد سلطانها وسيطرتها في العالم".
ونوّه بأن "الصين لديها استثمارات كبيرة في قناة السويس وفي مناطق أخرى في المحافظات والأقاليم داخل الدولة المصرية، بالإضافة إلى أنها تُمثّل الشريك التجاري الأول بالنسبة لمصر، حيث شهدت الصادرات المصرية للصين مؤخرًا زيادة بنحو 21%، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 15 مليار دولار سنويًّا".
هناك احتمالية لتوفير عملة بديلة للدولار في التعاملات الدولية بين الصين ومصروليد عنبر - أستاذ الاقتصاد والمستشار في البنك الدولي
واستثمرت الشركات الصينية مليارات الدولارات في مشاريع البنية التحتية في مصر، بما في ذلك بناء العاصمة الإدارية الجديدة، بالإضافة إلى محطات توليد الكهرباء والمناطق الصناعية.
وتحرص الصين على أفضل العلاقات مع مصر لتعميق التعاون في كافة المجالات، ومواصلة دعم جهود القاهرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، واستيراد المزيد من المنتجات المصرية المتميزة، وتشجيع المزيد من الشركات الصينية على الاستثمار، بحسب سفير الصين بالقاهرة لياو لي تشيانغ.
ووافقت بكين العام الماضي على برنامج لمبادلة الديون مع القاهرة للمرة الأولى في تاريخها، وتم إعلان شركات صينية عن ضخ استثمارات بأكثر من 15 مليار دولار في إنتاج الوقود الأخضر والتصنيع، وتقديم تمويلات ميسرة لإنشاء المرحلتين الثالثة والرابعة من مشروع القطار الكهربائي الخفيف.
وعن أهمية تواجد مصر مع الصين وروسيا والهند في تجمع بريكس، يوضح أن "هذا التكتل العالمي ينتج ثلث إنتاج العالم، ويسيطر على ما يعادل 82% من الطاقة الموجودة في العالم بأكمله، وبالتالي، فإن انضمام الدولة المصرية إلى هذا التكتل سيكون له انعكاسات كبيرة على الاقتصاد المصري".
يؤكد الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور مصطفى بدرة، أن "التعاون بين مصر والصين يمتد لفترة طويلة في عدة قطاعات، لكن الإنضمام لتكتل بريكس خطوة كبيرة ومهمة مفاعيلها ستكون إيجابية ".
وتتمتع مصر والصين بتاريخ طويل من العلاقات الدبلوماسية، يعود تاريخها إلى الخمسينيات من القرن الماضي، وكانت مصر أول دولة عربية وإفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية في عام 1956.
وأضاف بدرة لـ"إرم اقتصادية" أن "العلاقات بين البلدين شملت مد طريق الحرير البحري عبر البحر الأحمر ومنطقة قناة السويس، وتدشين منطقة لوجستية بقناة السويس لدعم التجارة البينية، إلى جانب التبادل بالعملات المحلية بين البلدين".
وتُسهم مصر في مبادرة الصين "الحزام والطريق" من خلال توسيع المجرى الملاحي لقناة السويس، والتوسع في تطوير وتحديث الموانئ، والربط عبر شبكة طرق وسكك حديد بين الموانئ على البحرين الأحمر والمتوسط، وإنشاء الموانئ الجافة.
وأشار الخبير إلى أن "انضمام مصر إلى تكتل بريكس سيعود بالنفع الكبير على الاقتصاد المصري، حيث سيؤدي إلى زيادة التبادل التجاري، وتوفير فرص عمل، ودعم التصنيع والتشغيل، والابتعاد عن الاعتماد على الدولار الأميركي".
ويأمل الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور محيي عبد السلام، أن "يخدم التعاون الاقتصادي بين مصر والصين في الفترة المقبلة الشعب المصري، ويصب في مصلحة الاقتصاد الحلي".
وأشار عبد السلام لـ"إرم اقتصادية" إلى أن "مصر تستورد من الصين بنحو 8 إلى 10 مليارات دولار سنويًّا، وتصدر إليها من 500 ألف إلى مليار دولار فقط، ما يعني وجود فجوة كبيرة في الميزان التجاري لصالح الصين".
وأعرب عن أمله في أن تصل قيمة الصادرات المصرية إلى الصين إلى 4 إلى 5 مليارات دولار في الفترة المقبلة، وذلك بشرط إبرام اتفاقيات جيدة بين الجانبين، إلى جانب العمل على تعديل الميزان التجاري مع الصين من خلال بريكس لصالح الدولة المصرية.
وأضاف أن "حجم التبادل التجاري بين مصر والصين يتراوح بين 17 إلى 19 مليار دولار، وهناك تعاون بين البلدين في مجال الأقمار الصناعية والطاقة، إلا أن مشروع طريق الحرير هو أهم الأمور المستقبلية بالنسبة لمصر، حيث يمكن أن يساعدها على تعويض الفاقد في الميزان التجاري مع دول بريكس".
ووفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، ارتفع حجم التجارة بين مصر والصين من 11.9 مليار دولار في أوائل عام 2022 إلى 13 مليار دولار في أوائل عام 2023، بزيادة قدرها 9.8% خلال عام واحد فقط.
ووفقًا للسفير الصيني، فإن "مصر هي أكبر متلقٍ للاستثمارات الصينية في العالم العربي"، وقال السفير إن "استثمارات الصين في مصر بلغت ما يقرب من 7 مليارات دولار، تم ضخ 90% منها خلال السنوات الخمس الماضية، مما يوفر نحو 40 ألف فرصة عمل".