في أحدث فصول الدراما التي تعصف بعائلة مردوخ، تحول النزاع حول صندوق إدارة ثروة العائلة إلى مشهد مليء بالتوترات والمفاجآت.
يسعى قطب الإعلام روبرت مردوخ، الذي يبلغ من العمر 93 عاماً، إلى تعديل صندوقه الثمين الذي كان يُعد «غير قابل للتغيير»، مما أدى إلى تصاعد الصراع القانوني حول مستقبل إمبراطوريته الإعلامية الهائلة، وفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال».
في ربيع 2019، احتفلت العائلة بصفقة بيع أصول مجموعة «فوكس» لشركة «ديزني»، والتي جلبت لهم نحو 12 مليار دولار. ولكن المفاجأة الكبرى كانت في طلب مردوخ غير التقليدي، حيث طلب من أبنائه الأربعة التبرع بأكثر من 100 مليون دولار من حصصهم. بينما استجاب ثلاثة من الأبناء - لاكلان وإليزابيث وبرودنس - للطلب، رفض جيمس بشدة، مما زاد من التوتر بينه وبين والده.
طلب مردوخ من أبنائه الأربعة بالتبرع بعد بيع أصول مجموعة «فوكس» لم يكن مالياً، بل كان لفتة رمزية تعكس احترامه للثروة التي بناها على مر السنين. لكن رفض جيمس لهذا الطلب كشف عن نزاعات أعمق ستظهر لاحقاً بشأن إدارة ممتلكات الأسرة الإعلامية، وفقاً لتقرير الصحيفة.
والآن مع مرور سنوات من الصراعات الداخلية حول استراتيجيات العمل، السياسة، وخطط التوريث، تستعد عائلة مردوخ لمواجهة معركة قانونية حاسمة. روبرت مردوخ، الذي يسعى لتعديل صندوقه الائتماني الذي يمتلك حصصاً ضخمة في شركات بارزة مثل «فوكس نيوز» و«وول ستريت جورنال»، يريد ضمان أن يتولى ابنه لاكلان قيادة إمبراطورية الإعلام والرياضة والعقارات بعد وفاته. وفي مواجهة هذا التغيير، يقف جيمس، الذي أصبح حليفاً غير متوقع لإليزابيث وبرودنس، مما يزيد من تعقيد مشهد التوريث العائلي.
تبدأ المحاكمة يوم الاثنين في محكمة الوصايا في نيفادا، حيث سيتم إغلاق الجلسات أمام الجمهور ما لم تُقبل الطعون القانونية التي تطالب بفتحها. بموجب الصندوق الحالي، الذي أُنشئ أثناء طلاق مردوخ من زوجته الثانية آنا مردوخ مان في عام 1999، يتمتع كل من أبنائه الأربعة بحصة متساوية في قرارات الشركات. لكن إذا نجح مردوخ في تعديل الصندوق، فإن لاكلان سيستحوذ على القيادة، مما قد يعزز استقرار إدارة الشركات ولكنه قد يؤدي أيضاً إلى تفاقم الخلافات بين الإخوة حول القرارات الرئيسية.
ويدفع التعديل المقترح رغبة مردوخ في توفير الاستقرار ورؤية استراتيجية موحدة للإمبراطورية، التي تشمل قطاعات متنوعة مثل الأخبار التي تُبث عبر قنوات الكابل التلفزيونية، ووسائط الإعلام الرياضية، وخدمات البث، والصحف، ونشر الكتب، والعقارات. ويهدف مردوخ أيضاً إلى تجنب الوقوع في هيكل إدارة مجزأ قد ينشأ عن تقاسم الأصوات بالتساوي بين أبنائه، مما قد يؤدي إلى صراعات داخلية وشلل استراتيجي.
تشكل هذه المعركة العائلية تجسيداً للمنافسات الاستراتيجية الأوسع التي تعصف بالإمبراطورية الإعلامية لعائلة مردوخ. جيمس مردوخ، الذي تزايد خلافه مع والده، يقاوم التعديلات المقترحة، وينضم إليه في هذا الموقف إليزابيث وبرودنس.
وتعكس مقاومتهم اختلافات عميقة، خصوصاً فيما يتعلق باتجاه «فوكس نيوز» المستقبلي، فقد انتقد جيمس موقف «فوكس نيوز» اليميني ويخشى أن يستمر لاكلان في هذا التوجه الفكري، مما قد يضعف جاذبية القناة لجمهور أوسع.
ولم تنجح محاولات التسوية الأخيرة، بما في ذلك المناقشات حول عملية الشراء، في تحقيق تقدم ملموس. وكان لاكلان مردوخ قد استكشف شراء حصص إخوته في 2020، لكن هذه المفاوضات لم تتقدم، إذ يتطلب شراء حصص الإخوة المعارضين رأس مال هائل يبلغ حوالي 6 مليارات دولار، مما يزيد من تعقيد الوضع بسبب التحديات المالية واللوجستية لعملية الشراء.
سيحدد تسوية نزاع الصندوق مصير إمبراطورية مردوخ الإعلامية، وتأثيرها على الاستقرار والتواصل داخل العائلة. وإذا تم رفض التعديلات المقترحة، قد تؤدي الهيكلية الجديدة إلى نزاعات مستمرة بين الإخوة، مما يؤثر على الاتجاه الاستراتيجي للشركات.
كما تسلط هذه المعركة القانونية الضوء على التحديات الأكبر المتعلقة بإدارة الوصايا العائلية والإمبراطوريات الكبيرة، إذ أشار محامي الوصايا والميراث مايكل أرلين إلى أن مثل هذه الحالات نادرة ولها عواقب كبيرة.
وبينما يواجه روبرت مردوخ هذه الفصل الأخير من إرثه، لن يحدد تسوية نزاع الصندوق الائتماني مستقبل شركاته الإعلامية فقط، ولكن ستضع سابقة لكيفية إدارة الوصايا العائلية المماثلة. ومع اقتراب المعركة القانونية، تبقى العلاقات المعقدة للعائلة واتجاه إمبراطوريتهم الإعلامية غير مؤكدة، مما يضمن أن هذه الدراما العائلية ستستمر في جذب الانتباه العام والقانوني في المستقبل المنظور.