الرسوم الجمركية.. أهي دواء أم تنمر أميركي؟

بينما يصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرسوم الجمركية بالدواء المر الذي يجب أن يتجرعه كل من يعارض التفاوض مع واشنطن بشأنها، تراها الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم تنمراً وحمائية، ومثالاً على أحادية القطب الذي تتبعه الولايات المتحدة، داعيةً ممثلي الشركات الأميركية، بما فيها شركة «تسلا»، إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لحل هذه المشكلة.

فقد أشعل الرئيس الأميركي ترامب مواجهة تجارية عالمية لها تداعيات كارثية محتملة الأسبوع الماضي بفرض رسوم جمركية بنسبة 10% على الواردات من مختلف دول العالم ورسومٍ إضافية عالية على الشركاء التجاريين الرئيسين من بينهم الصين.

أميركا ليست أولاً

أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان، في بيان أن وضع أميركا أولاً فوق القواعد الدولية يضر باستقرار الإنتاج العالمي وسلسلة التوريد، ويؤثر سلباً في الانتعاش الاقتصادي العالمي.

وقال جيان: «الولايات المتحدة تسعى إلى الهيمنة باسم المعاملة بالمثل، مضحيةً بالمصالح المشروعة للدول جميعها لخدمة مصالحها الأنانية، ومُعطيةً الأولوية للولايات المتحدة على القواعد الدولية».

أوضح جيان أن إساءة استخدام الولايات المتحدة للرسوم الجمركية تُعادل حرمان الدول، وخاصةً دول الجنوب العالمي، من حقها في التنمية، وأكد ضرورة التزام الدول جميعها بالتشاور والبناء المشترك والتشارك، والتعددية الحقيقية.

اتساع الفجوة

أشار المسؤول الصيني إلى اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء في كل دولة، وتضرر الدول الأقل نمواً بشكل أكبر، وتعهدت الصين بحماية مصالح الشركات الأميركية، مؤكدة أنها ستبقى آمنة وواعدة للاستثمارات الأجنبية رغم تصاعد الحرب التجارية.

حثّ جيان الدول على معارضة جميع أشكال الأحادية والحمائية، وحماية النظام الدولي ونظام التجارة متعدد الأطراف وفقاً لقيم الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية على التوالي. 

وأعلنت الحكومة الصينية يوم الجمعة الماضي أنها ستفرض بدءاً من الـ10 من أبريل الجاري رسوماً جمركية بنسبة 34% على الواردات كلها من المنتجات الأميركية، رداً على إجراء مماثل اتخذه أمس الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في حين حذر ترامب من اتخاذ إجراءات مضادة لقرار بكين.

رد بكين

قالت وزارة المال الصينية: «بالنسبة إلى كل السلع المستوردة من الولايات المتحدة، ستفرض تعرفة جمركية إضافية بنسبة 34% فوق معدل التعرفة الجمركية المطبق حالياً».

كما فرضت وزارة التجارية الصينية قيوداً على تصدير 7 عناصر أرضية نادرة بما فيها الغادولينيوم والإتريوم المستخدم في صناعة المنتجات الإلكترونية.

وأدرجت بكين أيضاً 11 شركة أميركية في القائمة السوداء؛ ما جعل من المستحيل فعلياً على الشركات المعنية الاستمرار في التجارة في الصين أو مع الشركات الصينية، وأعلنت الصين أيضاً أنها ستتقدم بشكوى ضد الولايات المتحدة لدى منظمة التجارة العالمية.

وإثر القرار الصيني قال ترامب إن الصين أخطأت بعد أن ردت على الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة، وكشفت عن إجراءات مضادة، وكتب في منشور عبر منصته تروث سوشيال: «لقد لعبت الصين على نحو خطأ، أصيبوا بالذعر!».

علاج الاختلالات

أشار ترامب إلى أنه لا يشعر بالقلق بشأن الخسائر التي أدت بالفعل إلى محو تريليونات الدولارات من قيمة أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم، في حديثه للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية، الذي تناقلته وسائل الإعلام العالمية.

في أثناء عودته من عطلة نهاية الأسبوع، قال الرئيس الأميركي، في إشارة إلى خسائر الأسواق العالمية: «لا أريد أن يحدث أي شيء، ولكن في بعض الأحيان، يتعين عليك تناول الدواء لعلاج شيء ما».

في إشارة إلى قادة الاقتصادات الكبرى والمفاوضات المتوقعة، قال ترامب «إنهم قادمون إلى طاولة المفاوضات، يريدون التفاوض، لكن لن يكون هناك أي حوار ما لم يدفعوا لنا مبالغ طائلة سنوياً».

وقال ترامب إنه تحدث إلى زعماء من أوروبا وآسيا خلال عطلة نهاية الأسبوع، والذين يأملون إقناعه بخفض الرسوم الجمركية بنسبة تصل إلى 50% والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ يوم التاسع من أبريل.