وجاءت شهادة جيروم باول رئيس الفيدرالي الأميركي أمس الأربعاء أمام مجلس النواب بعد حزمة من البيانات الاقتصادية التي كشفت أن التضخم لا يزال راسخًا بيد أنه يقترب بشدة من هدف الفيدرالي عند 2%.
كانت تصريحات باول الافتتاحية في جلسة الاستماع قريبة من اللغة التي استخدمها هو وزملاؤه لوصف الحالة الراهنة للاقتصاد وقرار موعد البدء في خفض أسعار الفائدة خلال عام الانتخابات.
ويتبقى لرئيس الفيدرالي الأميركي أن يدلى بشهادته اليوم أمام اللجنة المالية في مجلس الشيوخ بعد شهادته امس أمام مجلس النواب.
خفض معدلات الفائدة بشكل كبير أو في موعد مبكر يمكن أن يقودنا إلى إعادة رفعها إلى مستويات غير مسبوقة مستقبلًاجيروم باول
وحذر رئيس الفيدرالي من أن هناك مخاطر تتمثل في خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر جدا والسماح للتضخم بالتسارع، من جديد، وهو ما يدفع للتريث حتى يتم التأكد من التضخم بات مستقرًا.
وفي الوقت ذاته لم يغفل باول عن الإشار إلى أن الحفاظ على تشديد السياسة النقدية لفترة طويلة جدا قد يضر بالنمو الاقتصادي المستمر الذي أدى إلى انخفاض معدل البطالة إلى أقل من 4 % على مدار عامين.
وبلغ التضخم السنوي في يناير 2.4 % بانخفاض عن ذروته البالغة 7.1 % التي وصل إليها في يونيو 2022 وهو الأعلى في 40 عامًا، بينما ارتفعت الفائدة إلى 5.5% وهو المستوى الأعلى في 22 عامًا.
وقال رئيس الفيدرالي: "خفض معدلات الفائدة بشكل كبير أو في موعد مبكر يمكن أن يقودنا إلى إعادة رفعها إلى مستويات غير مسبوقة مستقبلًا".
وأكد رئيس الفيدرالي جيروم باول لأعضاء الكونجرس أن القرارات المقبلة بشأن موعد خفض أسعار الفائدة ووتيرته ستعتمد فقط على البيانات الاقتصادية.
وقال باول: " إن تخفيضات أسعار الفائدة ستعتمد حقا على مسار الاقتصاد، حيث ينصب تركيزنا على الحد الأقصى من التوظيف واستقرار الأسعار، والبيانات الواردة لأنها تؤثر على التوقعات، وهذه هي الأشياء التي سنضعها في الاعتبار".
وأضاف باول: "أن مجلس الاحتياطي الاتحادي يود أن يرى المزيد من البيانات الداعمة والتي تجعلنا أكثر ثقة في أن التضخم يتحرك بشكل مستدام إلى نطاق 2% قبل خفض سعر الفائدة".
تخفيضات أسعار الفائدة ستكون مناسبة على الأرجح في وقت لاحق من هذا العام، ولكن بشرط إذا تطور الأداء الاقتصادي كما هو متوقعجيروم باول
وقال رئيس الفيدرالي: "تخفيضات أسعار الفائدة ستكون مناسبة على الأرجح في وقت لاحق من هذا العام، ولكن بشرط إذا تطور الأداء الاقتصادي كما هو متوقع".
وحذر باول من أن التقدم المستمر في خفض التضخم ليس مضمونا، وهي حقيقة تمنع مسؤولي الاحتياطي الاتحادي من الالتزام بأي جدول زمني أو وتيرة تخفيضات في أسعار الفائدة.
وفي الوقت ذاته حذر رئيس الفيدرالي الأميركي من انه ومع تراجع ضغوط الأسعار على نطاق واسع، هناك أيضا مخاوف من أن عملية تباطؤ التضخم قد تطول.
وقال باول: "لا ينبغي للأميركيين أن يعلقوا آمالهم على خفض قريب لمعدلات الفائدة، حيث أنه لن يكون من المناسب خفض معدلات الفائدة حتى نكتسب ثقة أكبر بشأن التضخم".
وتزامنًا مع شهادة باول الأولى ظهرت نتائج استطلاع الفيدرالي الأميركي والمعروف باسم "البيج بوك" والذي يقيس الضغوط الاقتصادية، حيث يضم عددا من شهادات الشركات في أنحاء الولايات المتحدة عن أداء الاقتصاد الأميركي.
وأظهر ت نتائج الاستطلاع الذي أجراه الفيدرالي الأميركي أن النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة حقق زيادة طفيفة في الفترة من أوائل يناير وحتى أواخر فبراير .
وفي الوقت ذاته كشف الاستطلاع أن بيانات التضخم والتوظيف تمنح صورة متباينة عن وتيرة تباطؤهما، مما يسلط الضوء على الصورة المعقدة أمام الفيدرالي لكبح التضخم.
النشاط الاقتصادي زاد بقدر طفيف في المتوسط، حيث ظل النمو إيجابيا عمومابيج بوك
وكشف استطلاع بيج بوك عن أن النشاط الاقتصادي زاد بقدر طفيف في المتوسط، حيث ظل النمو إيجابيا عموما، إذ أشارت نتائج الاستطلاع إلى توقعات بزيادة الطلب وظروف مالية أقل تشديدا على مدى الأشهر الستة إلى الاثني عشر المقبلة.
ومنذ مارس رفع الاحتياطي الاتحادي سعر الفائدة 525 نقطة أساس إلى النطاق الحالي عند 5.25-5.50%، ولا تزال أسعار الفائدة عند تلك المستويات منذ يوليو .
واحتوى التقرير علامات على أن قوة سوق العمل قد تراجعت، لكن الأجور ارتفعت أكثر، إضافة إلى وجود بعض الضغوط التضخمية المتجددة.
وجاء في الاستطلاع أن الشركات سلطت الضوء على الزيادة في تكاليف الشحن والعديد من فئات التأمين، ومنها التأمين الصحي الذي يقدمه أصحاب العمل.
وتأتي شهادة باول ونتائج بيك قبل اجتماع البنك المقرر يومي 19 و20 مارس وسط توقعات قوية أن يظل سعر الفائدة دون تغيير.
وتشير أحدث بيانات التوظيف والتضخم التي جاءت أقوى من المتوقع أثارت مخاوف من أن الاقتصاد لا يزال قويا لدرجة قد لا يمكن معها إعادة التضخم إلى المعدل الذي يستهدفه الاحتياطي الاتحادي.
ونتيجة لذلك، أشار صناع السياسة في البنك إلى أنهم ليسوا في عجلة للبدء في خفض الفائدة إلى أن يصبحوا أكثر ثقة في استمرار تراجع التضخم.
ويحاول باول وزملاؤه إدارة ما يسمى الهبوط السلس أو الهبوط الناعم للاقتصاد الذي يتباطأ نموه تدريجيا فيما يظل معدل البطالة منخفضا حتى مع قرب عودة التضخم.