وفي غضون ذلك قرر محافظ البنك المركزي الليبي الصادق الكبير خفض قيمة الدينار، وفي الوقت ذاته طلب من رئيس البرلمان الموافقة على حكومة موحدة جديدة في تحد جديد لرئيس وزراء حكومة الوحدة في طرابلس.
وبدأ تمر المركزي الليبي على حكومة الدُبَيْبة عندما دعا الصادق الكبير حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الى صياغة ميزانية تشمل جميع مناطق البلاد وليس فقط تلك الخاضعة لسلطة حكومته.
ويعارض محافظ المركزي الليبي رئيس الوزراء عبدالحميد الدُبَيْبة بشأن حجم إنفاق حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليا، ولكن غير معترف بها من البرلمان المتمركز في شرق البلاد.
وفي إشارة إلى خفض قيمة الدينار بأكثر من الربع، طلب محافظ المركزي الليبي من رئيس البرلمان عقيلة صالح، فرض رسوم بنسبة 27 % على سعر الصرف الرسمي لجميع الأغراض باستثناء القطاعات الممولة من الخزانة العامة.
وحدد البنك المركزي في ديسمبر 2020 سعر الصرف عند 4.8 دينار للدولار بعد سنوات من تباين أسعار الصرف في مناطق مختلفة من البلاد تسيطر عليها فصائل متنافسة.
وقال محافظ المركزي الليبي: "إن سعر الصرف الجديد سيتراوح بين 5.95 إلى 6.15 دينار للدولار، وستدر الرسوم إيرادات تقدر بحوالي 12 مليار دولار من شأنها المساعدة في سداد الدين العام وتمويل مشروعات التنمية".
سعر الصرف الجديد سيتراوح بين 5.95 إلى 6.15 دينار للدولارالصادق الكبير
وخلال لحظات كتابة ونشر التقرير يتداول الدينار الليبي في سوق الفوركس الرمسي عند مستويات قرب 4.8 دينار لكل دولار بينما ارتفع في السوق الموازي إلى مستويات 7.6 دينار للدولار.
ووفقًا للرسوم التي يقترحها الصادق الكبير محافظ البنك المركزي، ينخفض سعر صرف الدينار مقابل الدولار إلى مستويات 6.1 دينار للدولار الواحد بتراجع 1.3 دينار.
وكانت الخلافات حول السيطرة على الحكومة والموارد المالية للدولة الليبية في كثير من الأحيان محور النزاع المسلح الذي مزق الدولة الواقعة في شمال أفريقيا منذ الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي في 2011.
وبينما تسيطر حكومة الوفاق الوطني على طرابلس والأجزاء الشمالية الغربية من ليبيا، فإن الشرق يتولى حكمه إدارة معينة من البرلمان.
وأدت محاولات الحكومة المعينة من قبل البرلمان للانتقال إلى طرابلس في 2022 إلى موجتين من الاشتباكات الدامية جعلتا الدبيبة أكثر رسوخا في العاصمة.
وأدى الصراع المستمر بين المؤسسات الرسمية المشرفة على إدارة موارد البلاد من النقد الأجنبي والانقسام في السياسات المالية بين الشرق والغرب في ليبيا إلى انهيار في العملة المحلية، ليتسع فارق سعر الصرف بين السوقين الرسمي والموازي.
ستدر الرسوم إيرادات تقدر بحوالي 12 مليار دولار من شأنها المساعدة في سداد الدين العام وتمويل المشروعاتالصادق الكبير
وقالت كلوديا جازيني، المحللة في الشأن الليبي بالمجموعة الدولية لمعالجة الأزمات، إن تشكيل حكومة موحدة جديدة، كما اقترح الكبير، لن تكون مهمة سهلة.
وأضافت المحللة في الشأن الليبي: "هناك انقسام في ليبيا بين من لا يريدون حكومة جديدة على الإطلاق وأولئك الذين يريدون الحكومة الحالية".
وأشارت جازيني إلى رفض الدبيبة تعليقات الكبير، حيث قال الدبيبة خلال اجتماع لمجلس الوزراء أمس الثلاثاء: "إن هناك شائعات عن إفلاس وطني تهدف إلى محاربة مشاريع التنمية، في إشارة للبنك المركزي ومحافظه".
وتأتي خطوة خفض الدينار الليبي التي لجأ إليها الصادق الكبير بعد أشهر من تراجع قيمة الدينار مقابل الدولار.
وألقى الكبير الأسبوع الماضي باللوم في تراجع العملة على الإنفاق غير الرسمي من قبل مؤسسات الدولة وطالب بميزانية وطنية موحدة.
ودعا محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير في وقت سابق إلى ميزانية وطنية موحدة في تحد واضح لحليفه السابق رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، وسط تراجع قيمة الدينار الليبي.
ونشر الكبير رسالة إلى حليفه السابق الدبيبة يحث فيها على إنهاء ما وصفه بالإنفاق الموازي "المجهول المصدر" حفاظا على الاستدامة المالية للدولة.
تشكيل حكومة موحدة جديدة، كما اقترح الكبير، لن تكون مهمة سهلةكلوديا جازيني
وتعد مطالبة الكبير بإقرار ميزانية موحدة إشارة إلى الانقسامات السياسية في ليبيا، حيث تعمل حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها الدبيبة في طرابلس والغرب، في حين تحظى إدارة موازية بدعم البرلمان في الشرق.
وقال الخبير في الشأن الليبي بمعهد رويال يونايتد سيرفيسز، جلال حرشاوي: "لا يمكن تحقيق ميزانية موحدة إلا من خلال تغييرات سياسية عميقة، بما في ذلك على أعلى المستويات في حكومة طرابلس الحالية".
ويستمد الدبيبة صلاحيته في صرف الأموال من احتياطيات المصرف المركزي من قانون البنوك، وهو ما يرفضه البرلمان. ومن الناحية العملية، فهو يعتمد على صرف الأموال من مصرف ليبيا المركزي.
واعتمدت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس برئاسة الدبيبة، والمعترف بها دوليا، ميزانية لعام 2023 بنحو 23.3 مليار دولار، لا تشمل الإنفاق على المناطق غير الخاضعة لها في الشرق.
وفي الشرق اعتمد البرلمان ميزانية موازية بقيمة 18.54 مليار دولار قدمتها حكومة غير معترف بها دوليا، ويرأسها أسامة حماد، لكنها حكومة غير قادرة على الوصول إلى خزائن البنك المركزي الملتزم بالعمل مع الحكومة التي تعترف بها الأمم المتحدة والدول الكبرى.