logo
اقتصاد

من الألف للياء.. ثورة "الفلاحين" في أوروبا

من الألف للياء.. ثورة "الفلاحين" في أوروبا
تاريخ النشر:10 فبراير 2024, 06:33 ص
تعيش القارة العجوز أياما ساخنة على وقع أصوات أبواق صافرات الجرارات الزراعية التي قطعت الطرقات في العواصم الأوروبية حتى أنها باتت على وشك أن تقتحم مقار البرلمانات الاوروبية..
واحتدمت تداعيات ثورة الفلاحين بداية فبراير إثر تجمع مئات الجرارات في العاصمة البلجيكية، قرب مقر البرلمان الأوروبي، لأجل الاحتجاج على قادة الاتحاد الأوروبي، تزامنا مع قمة تحضرها رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، ومجموعة من القادة الأوروبيين.
الاحتجاجات تنتشر في فرنسا وألمانيا وهولندا وبلجيكا وليتوانيا وبولندا وإسبانيا والبرتغال واليونان ورومانيا
وسائل إعلام أوروبية
ليست جديدة

واحتجاجات المزارعين في أوروبا ليست جديدة، وتكررت على مدى السنوات الماضية، لكن تفاقم الخلافات بين النقابات الزراعية وبين السلطات أدى إلى انتشار عدوى الاحتجاج في 10 دول على الأقل، هي فرنسا وألمانيا وهولندا وبلجيكا وليتوانيا وبولندا وإسبانيا والبرتغال واليونان ورومانيا.

ويظهر أن أكبر طرق الاحتجاج المتفق عليها هي غلق الطرقات بالجرارات، حيث توجد أسباب محلية خاصة بكل بلد، وأخرى تتعلق بالسياسات التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي، لكن حتى الأسباب المحلية تبدو متشابهة، وتهدّد بخسائر اقتصادية كبيرة لدول الاتحاد.

اقرأ أيضًا- أبوظبي.. أجندة فعاليات حافلة
الأيدي العاملة

ويعمل 8.7 ملايين شخص في الزراعة داخل الاتحاد الأوروبي، منهم 934 ألفا في ألمانيا (والعاملون في الغابات ومصايد الأسماك)، و678 ألفا في فرنسا التي تعد القوة الزراعية الأولى داخل الاتحاد، و774 ألفا في إسبانيا، وهى أكبر مصدر عالمي لزيت الزيتون، وهي المزود الرئيسي لعدة دول أوروبية بأنواع من الخضار والفواكه.

ويتراجع عدد العاملين في الزراعة كل عام، بسبب توجه الشباب إلى قطاعات أخرى أقل جهدا وأعلى دخلا، وكان المزارعون البولنديون أول من بدؤوا الاحتجاجات ضد غزو المنتجات الأوكرانية، وانضم إليهم الليتوانيون الذين يحتجون كذلك على دخول المنتجات الروسية.

استياء المزارعين

أعرب المزارعون عن استيائهم من سلوك الحكومة السلبي في مواجهة الواردات المتزايدة من المنتجات الزراعية الأوكرانية رخيصة الثمن، بحسب راديو بولند.

إلى جانب، القضايا الرئيسية محل الخلاف حول دخل المزارعين والاستدامة والابتكار التكنولوجي والقدرة التنافسية،

وقد خضعت هذه المسائل للمناقشة خلال اجتماع وزراء زراعة الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي مؤخرا. ويشمل البرنامج أيضا المخاوف من أن يؤدي التحول إلى الاقتصاد الأخضر إلى مزيد من الخراب للمزارعين.

المفوضية الأوروبية قررت تعليق رسوم استيراد المنتجات الأوكرانية من أجل دعم كييف
المفوضية الأوروبية
فيروس الاحتجاجات

تأتي هذه الاحتجاجات في أعقاب احتجاجات مماثلة في فرنسا واليونان ودول أخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي في الأسابيع الأخيرة نتيجة للضغوط الناجمة عن العقوبات الغربية المفروضة ضد روسيا، والتي أثرت على سلاسل التوريد وأدت إلى ارتفاع أسعار الوقود والغذاء.

بالإضافة إلى تأثير قرار المفوضية الأوروبية الخاص بتعليق رسوم استيراد المنتجات الأوكرانية من أجل دعم كييف، والذي أدى إلى إغراق الأسواق الأوروبية بهذه المنتجات خصوصا الدول المجاورة لأوكرانيا.

اقرأ أيضًا- قرار بيئي لأكبر مُقرض بريطاني بقطاع النفط والغاز
CAP سبب الأزمة

وشهدت عدد من الدول الأوروبية في الآونة الأخيرة احتجاجات واسعة من قبل المزارعين بسبب الضغوط الاقتصادية التي يتعرضون لها، وقد بدأت هذه الاحتجاجات في هولندا وفرنسا ثم انتشرت إلى دول أخرى مثل ألمانيا وبلجيكا وبولندا.

وينتقد المحتجون بشدة السياسات الزراعية الجديدة التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي والمعروفة باسم "السياسة الزراعية المشتركة" أو CAP.

تتضمن CAP عدة إجراءات تهدف إلى الحد من انبعاثات غازات الدفيئة من القطاع الزراعي مثل خفض عدد الماشية وتقليل استخدام المبيدات.

كما تفتح هذه السياسات المجال أمام استيراد المزيد من اللحوم من دول أخرى مثل الأرجنتين والبرازيل التي لا تخضع لنفس المعايير، ويخشى المزارعون من تداعيات ذلك على منتجاتهم ودخلهم.

التظاهر في الشوارع وقطع الطرق ومحاصرة العواصم وإغلاق الحدود مع بعض الدول بالجرارات الزاراعية
وسائل إعلام أوروبية
اتفاقات مثار جدل

ما يجمع معظم المحتجين هو طلب إعادة النظر في عدد من اتفاقيات التجارة الحرة التي أبرمها أو يخطط الاتحاد الأوروبي لإبرامها مع أطراف ثالثة.

ويرى المحتجون أنها تضر بالمنتجات الزراعية الأوروبية، بسبب أسعارها الرخيصة رغم جودتها المتوسطة أو المتدنية، مما يؤدي إلى تقليل الإقبال على منتجاتهم.

ومن أكبر الاتفاقيات التي يرفضها المحتجون، تلك التي يعتزم الاتحاد الأوروبي تنفيذها مع دول "ميركوسور" بهدف خفض الحواجز الجمركية.

ويضم هذا التجمع البرازيل والأرجنتين وأوروغواي وباراغواي، وتم التوصل إلى اتفاق سياسي مع هذه الدول عام 2019، لكن لا تزال المفاوضات جارية لإتمام الصفقة.

جنبًا إلى جنب هناك اتفاقية تجارة أخرى مع أوكرانيا تقلق المزارعين، فبعد الغزو الروسي، علّقت المفوضية الأوروبية رسوم استيراد المنتجات الأوكرانية لأجل دعم كييف.

بيد أن القرار أغرق الأسواق الأوروبية بهذه المنتجات، خصوصا الدول المجاورة لأوكرانيا، ومن بين هذه السلع الرخيصة هناك الدواجن والبيض والسكر والحبوب.

اقرأ أيضًا- العراق يعزز أسطول ناقلات النفط
أسعار الوقود

يواجه المزارعون أيضاً تحديات من ارتفاع أسعار الوقود والأعلاف وتكاليف الإنتاج الأخرى، وقد أدى ذلك مع انخفاض أسعار بيع منتجاتهم إلى تدني دخولهم بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة مما دفع الكثيرين منهم إلى حافة الفقر.

وساهم انفتاح الأسواق أمام الواردات الزراعية من بعض الدول مثل أوكرانيا، التي أشارت الكتلة الأوروبية إلى أنه لن يتم فرض رسوم جمركية عليها، في زيادة حدة المنافسة التي يواجهها المزارعون المحليون.

طلب إعادة النظر في عدد من اتفاقيات التجارة الحرة التي أبرمها أو يخطط الاتحاد الأوروبي لإبرامها مع أطراف ثالثة
وسائل إعلام أوروبية
أشكال الاحتجاجات

لفت المزارعون الأوروبيون الأنظار إلى مطالبهم من خلال التظاهر في الشوارع وقطع الطرق ومحاصرة العواصم وإغلاق الحدود مع بعض الدول بالجرارات الزاراعية.

ولجأ بعضهم إلى إلقاء القمامة الزراعية وروث الماشية أمام مقرات الحكومة والمؤسسات الرسمية احتجاجاً على تجاهل مطالبهم.

وقد بلغت الاحتجاجات ذروتها مؤخراً في فرنسا حيث حاصر آلاف المزارعين العاصمة باريس بجراراتهم احتجاجًا على ما اعتبرته بيانات غير كافية من رئيس الوزراء جابرييل أتال.

فيما يحتج المزارعون الألمان على خطة المستشار أولاف شولتس لزيادة الضرائب على الديزل الزراعي، وقد قاموا مؤخرًا بغلق الطرق في أنحاء البلاد بجراراتهم احتجاجًا على هذه السياسة

إغلاق الحدود

أما في بولندا، فقد أغلق المزارعون نقاط العبور مع أوكرانيا احتجاجًا على المنافسة غير العادلة، ولم يفتحوها إلا بعد التوصل لاتفاق مع الحكومة يقضي بتقديم مساعدات لهم.

فيما أقدم المتظاهرون البلجيكيون مؤخرًا على قطع إحدى الطرق السريعة وإلقاء الحبوب أمام مقر حزب وزير الزراعة في بروكسل احتجاجًا على السياسات الزراعية.

مخاطر الاحتجاجات

رغم حق المزارعين في التعبير عن مطالبهم إلا أن أساليب الاحتجاج المتبعة غالباً ما تتسبب في إزعاج المواطنين وتعطيل حركة المرور، وقد أثارت هذه الاحتجاجات مخاوف من نقص بعض السلع الغذائية في الأسواق الأوروبية خاصة الخضراوات والفواكه ومنتجات الألبان.

كما برزت مخاوف من احتمال حدوث مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين قد تؤدي إلى إصابات أو خسائر في الممتلكات إذا ما خرجت عن السيطرة. ولذلك حثت بعض الأطراف على ضبط النفس وتجنب التصعيد غير المبرر.

اقرأ أيضًا- توقعات بارتفاع بيتكوين لمستويات غير مسبوقة
logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC