يواجه الرئيس اللبناني الجديد، جوزيف عون، الذي انتخب يوم الخميس، تحديات هائلة في ظل أسوأ أزمة مالية يمر بها لبنان منذ استقلاله، وفقاً لما أشار إليه محللون.
بعد فراغ رئاسي دام أكثر من عامين، يتولى عون، القائد السابق للجيش البالغ من العمر 60 عاماً، منصب الرئاسة في قصر بعبدا، وسط واقع اقتصادي متدهور، وديون متصاعدة، وعملة محطمة، وأصول البنك المركزي المتآكلة.
محللون يتوقعون أن تكون دول الخليج مستعدة لدعم لبنان بعد سنوات من الابتعاد عن الشأن اللبناني. وكان عون قد زار المملكة العربية السعودية في الشهر الماضي، حيث استضافه الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز، وزير الدفاع.
من بين أولويات الرئيس عون هو إعادة هيكلة النظام المصرفي المتهالك، إذ لا يزال المودعون اللبنانيون غير قادرين على الوصول الكامل إلى حساباتهم الدولارية في البنوك، في ظل نقص حاد في السيولة نتيجة للانهيار المالي الذي وقع في 2019. وفي الوقت نفسه، تعرضت فروع البنوك لعدة هجمات مسلحة من المودعين الغاضبين، بسبب ما يعتبرونه احتيالاً من قبل حاكم البنك المركزي السابق، رياض سلامة، الذي أُوقف وقدم للمحاكمة في سبتمبر، رغم نفيه للتهم.
التضخم وصل إلى مستويات غير مسبوقة، حيث فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار. فقد كانت قيمة الدولار في عام 2019 تساوي 1500 ليرة، واليوم تصل إلى نحو 89 ألف ليرة.
الأزمة الاقتصادية أدت أيضاً إلى تفاقم نقص الوقود، مما أثر على قدرة محطات الطاقة على العمل بشكل مستمر، وأدى إلى انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر، بينما ظهرت مافيا من أصحاب المولدات الكهربائية الخاصة. كما ارتفعت معدلات الفقر بين سكان لبنان البالغ عددهم 6.5 مليون نسمة.
ويتولى عون منصبه في وقت تتعافى فيه البلاد من تداعيات الحرب بين إسرائيل وحزب الله المدعوم من إيران. وقد قدر البنك الدولي تكاليف إعادة الإعمار بحوالي 8 مليارات دولار على الأقل.
المحلل محمد سعد، الذي نقلت عنه قناة إل بي سي اللبنانية، أشار إلى أن الرئيس الجديد بحاجة إلى التحرك بسرعة لتشكيل حكومة جديدة تبدأ عملية الإنقاذ الوطني. وأضاف سعد أن الرئيس والحكومة يجب أن يعملوا بشكل عاجل لتنفيذ الإصلاحات التي طالب بها كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، بما في ذلك إعادة هيكلة النظام المصرفي، وهو ما من شأنه استعادة الثقة في البلاد ودفع الدائنين الدوليين للوفاء بتعهداتهم تجاه لبنان.
في عام 2022، توصل لبنان إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي على مستوى الموظفين بشأن خطة إصلاح اقتصادي قد تفتح الباب للحصول على تمويل بقيمة 3 مليارات دولار على مدى عدة سنوات.
لكن الاتفاق يحتاج إلى موافقة إدارة صندوق النقد الدولي والمجلس التنفيذي، ويشترط الاتفاق أن تقوم السلطات اللبنانية بإعادة هيكلة البنوك، وتحسين الشفافية، وتوحيد أسعار الصرف المتعددة.
وفقاً لتقرير البنك الدولي، من المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي للبنان بنحو 6.6% في عام 2024 بسبب الحرب، مما يعني أن الناتج المحلي الإجمالي للبنان تراجع بنحو 38% منذ عام 2019.
البنك المركزي اللبناني أظهر أن أصوله الأجنبية، باستثناء احتياطيات الذهب، تراجعت إلى نحو 10 مليارات دولار في نهاية يونيو من أكثر من 30 مليار دولار في نهاية عام 2018. وفي الوقت نفسه، بلغ الدين اللبناني بالعملة الأجنبية نحو 40 مليار دولار، أي ما يعادل حوالي 150% من الناتج المحلي الإجمالي.
بشارة الأسمر، رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان، أشار إلى أن الأزمة المالية التي بدأت في 2019، بالإضافة إلى مشاكل مثل أموال المودعين في البنوك، تشكل أبرز التحديات أمام الرئيس الجديد. وقال الأسمر إن المهمة صعبة للغاية، وتتطلب تشكيل حكومة تكنوقراطية للعمل مع الرئيس على مدار الساعة.
وأضاف الأسمر: «يواجه الرئيس عون تحديات كبيرة، حيث تعاني العديد من المؤسسات العامة من الشلل، بما في ذلك البنك المركزي، الذي لا يزال بلا محافظ منذ عدة أشهر. لبنان يدخل اليوم مرحلة جديدة، ونأمل أن يكون الرئيس الجديد قادرًا على مواجهة هذه التحديات».