وقال البنك الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، إن الأمر سيستغرق جهودا جماعية شاقة لاستعادة النمو في العقد المقبل إلى متوسط العقد السابق، مشيرا إلى وجود ثلاثة عوامل وراء انعكاس التقدم الاقتصادي، وهي ازدياد الشيخوخة، وضعف الاستثمار وتباطؤ الإنتاجية.
استعادة النمو في العقد المقبل تتطلب جهوداً جماعية شاقةالبنك الدولي
وأوضح البنك أن العالم أجمع يشهد تباطؤا هيكلا في النمو وفقا للاتجاهات الحالية، ومن المتوقع أن ينخفض معدل النمو العالمي المحتمل.
وكان النمو المحتمل في العقد من 2000 إلى 2010، هو 3.5 %، وقال البنك إن النمو انخفض إلى 2.6 % سنويا في المتوسط، من 2011 إلى 2021، وسيتقلص أكثر إلى 2.2% سنويا من 2022 إلى 2030، ويعزى حوالي نصف التباطؤ الاقتصادي إلى عوامل ديموغرافية.
وقرع البنك الدولي جرس الإنذار بشأن الاقتصاد العالمي، في أعقاب تمرير الولايات المتحدة لقانون خفض التضخم، والذي يتضمن مئات المليارات من الحوافز والتمويل للطاقة النظيفة، بالإضافة إلى قانون لزيادة الاستثمارات في أشباه الموصلات، وفي المقابل خفف الاتحاد الأوروبي قواعده بشأن الإعفاءات الضريبية الحكومية والمزايا الأخرى لشركات التكنولوجيا النظيفة.
وفي غضون ذلك تحاول الاقتصادات الكبرى زيادة أعداد القوى العاملة لديها، وتواجه تلك المحاولات مقاومة شديدة، ففي فرنسا رد المحتجون بعنف على تشريع الرئيس إيمانويل ماكرون بشأن نظام المعاشات التقاعدية في البلاد، وفي المقابل دفع تقلص عدد السكان في الصين الحكومات المحلية، إلى تقديم مكافآت نقدية وإجازات أمومة أطول لتعزيز المواليد.
وقد تكون هذه الجهود حتى الآن ضئيلة للغاية ومتأخرة للغاية، حيث يحذر تقرير البنك الدولي من أن ضعف النمو قد يكون أكثر وضوحا إذا اندلعت أزمات مالية في الاقتصادات الكبرى وأدت إلى ركود عالمي. ويأتي التحذير بعد أسابيع فقط من الاضطرابات التي أثارها انهيار بنك سيليكون فالي في قطاعي البنوك الأميركية والأوروبية.
وسيجيب البنك الدولي على الأسئلة المتعلقة بآفاق النمو العالمي في واشنطن خلال اجتماع الربيع، لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في الفترة من 10 إلى 16 أبريل.
وسينضم صانعو السياسات ومسؤولو البنك المركزي إلى الاقتصاديين من جميع أنحاء العالم، لمناقشة موضوعات تشمل التضخم وسلاسل التوريد، وتجزئة التجارة العالمية والذكاء الاصطناعي ورأس المال البشري.
وفي وقت سابق من هذا العام، خفض البنك الدولي بشكل حاد توقعاته للنمو قصير الأجل للاقتصاد العالمي، مشيرا إلى استمرار ارتفاع التضخم الذي أدى إلى ارتفاع مخاطر حدوث ركود عالمي.
وتوقع البنك أن يتباطأ النمو العالمي إلى 1.7% في عام 2023. وتتوقع منظمات أخرى، مثل صندوق النقد الدولي ومعهد بيترسون للاقتصاد الدولي، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، أن يتوسع نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 2.9% عام 2023.
وهذه ليست المرة الأولى التي يحذر فيها البنك الدولي من عقد ضائع. ففي عام 2021، قال المقرض إن جائحة كوفيد زادت الاحتمال بسبب انخفاض التجارة والاستثمار الناجم عن عدم اليقين بشأن الوباء. وأصدرت تحذيرات مماثلة بعد الأزمة المالية عام 2008. وبلغ متوسط النمو العالمي من 2009 إلى 2018,2.8% سنويا، مقارنة بنحو 3.5% في العقد السابق.
ويحدد البنك الدولي عددا من التحديات التي تتآمر لخفض النمو العالمي مثل، ضعف الاستثمار، وبطء نمو الإنتاجية، وتدابير التجارة التقييدية مثل التعريفات الجمركية والآثار السلبية المستمرة- مثل خسائر التعلم من إغلاق المدارس- بسبب الوباء.
ومن الممكن أن تساعد التدابير الرامية إلى تعزيز مشاركة القوى العاملة بين العمال والنساء المحبطين في عكس الاتجاه السلبي، في نمو القوى العاملة من كبار السن وانخفاض معدلات المواليد، وفقا للبنك الدولي.
ويرى البعض أن توقعات البنك الدولي لعقد ضائع متشائمة للغاية، وقالت الخبيرة الاقتصادية بجامعة هارفارد، كارين دينان، إن شيخوخة السكان في كل جزء من العالم تقريبا ستكون عبئا على النمو العالمي، لكنها كانت أكثر تفاؤلا بشأن زيادة الإنتاجية.
وقال رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، آدم بوزين، إن البنك الدولي محق في إثارة القلق بشأن احتمال ضياع عقد في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وأمريكا الوسطى، وجنوب آسيا – "فالكثير من البشر معرضون للخطر أو يواجهون مواقف مروعة للغاية".
وأضاف: "من منظور إجمالي الناتج المحلي العالمي، أو حتى التوقعات السكانية العالمية، فإن معظم الأسواق الناشئة الرئيسية جنبا إلى جنب مع معظم مجموعة العشرين تعمل بشكل جيد للغاية".
وأشار إلى المرونة الاقتصادية في أوروبا والأسواق الناشئة في السنوات الأخيرة، حتى مع قيام الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بشكل حاد.