logo
طاقة

قمة ليبيا للطاقة.. هل تسهم في تفادي عثرات قطاع النفط؟

قمة ليبيا للطاقة.. هل تسهم في تفادي عثرات قطاع النفط؟
رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد دبيبة يتحدث خلال قمة الطاقة والاقتصاد الليبية في طرابلس ، ليبيا 13 يناير 2024.المصدر: غيتي إيمجز
تاريخ النشر:17 سبتمبر 2024, 03:24 م

وسط الإغلاقات المتكررة التي تكبِّد قطاع النفط الليبي خسائر يومية بملايين الدولارات، تتجه الأنظار إلى روما في أواخر سبتمبر الجاري، حيث ستُعقد نسخة جديدة من «قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد».

هذه القمة، التي تتبادل انعقادها بين طرابلس وروما، عقدت لأول مرة في 2021، وتُعتبر من قبل خبراء، بينهم مسؤولون سابقون تحدثوا إلى «إرم بزنس»، بمثابة دعم حيوي و«أكسجين» للقطاع النفطي المتأثر بالإغلاقات، آخرها في أغسطس الماضي نتيجة للتنازع السياسي. ويُنتظر أن تفتح القمة آفاقاً جديدة لاستكشاف كنوز الطاقة في ليبيا وضخ استثمارات بمليارات الدولارات في قطاع حيوي يشكل عصب الاقتصاد الليبي، الذي تكبدت إغلاقات النفط فيه خسائر تصل إلى نحو 100 مليار دولار منذ عام 2011، وفقاً للإحصاءات الرسمية.

وفي أبريل الماضي، قال رئيس جهاز الطاقات المتجددة في ليبيا عبد السلام الأنصاري، في تصريحات صحفية، إن بلاده «رصدت 5 مليارات دولار للاستثمار في مجال الطاقة المتجددة على مدار السنوات العشر القادمة، مع السعي للتصدير لأوروبا»، مع تطلع المؤسسة الوطنية للنفط الليبية للوصول إلى 2 مليون برميل يومياً بحلول 2027، متجاوزة متوسط إنتاج 1.2 مليون برميل بالشهور الأخيرة مع تراجعات حالية لافتة في ظل تكرار إغلاقات الحقول النفطية.

تطلعات

وفي 23 سبتمبر الجاري، تشهد إيطاليا المستورد الأكبر للنفط من ليبيا منها 14.5 مليون طن بالربع الأول في 2024، عقد «قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد»، بمشاركة المؤسسة الوطنية للنفط الليبية وشركات القطاع الخاص بالبلدين، وكبرى الشركات العالمية، من بينها «إيني» الإيطالية و«توتال» الفرنسية، وفق بيان للمنظمين.

وتهدف تلك النسخة إلى «بحث فرص الشراكة والاستثمار بين البلدين، في استقرار إنتاج النفط، وتوليد الطاقة ونقلها لأوروبا» تلك القارة العجوز التي قررت الاستغناء على 40% من احتياجاتها من الغاز و30% من احتياجاتها من النفط من روسيا، بعد شنها حرب أوكرانيا في فبراير 2022، والبحث عن واجهات وشراكات جديدة.

وستشهد تلك القمة «مناقشة مشاريع بينها مشروع المصفاة الجنوبية لمعالجة أزمة الوقود في ليبيا وتحقيق استقرار في إنتاج النفط، ومشروع الطاقة الشمسية بقدرة 500 ميغاوات بالتعاون مع مالطا لتصدير الطاقة النظيفة إلى أوروبا، بخلاف التحضير للنسخة الثالثة في طرابلس عام 2025»، وفق البيان ذاته.

واعتبر تقرير حديث لوكالة الأنباء الليبية الرسمية، النسخة المقبلة في روما، «انطلاقة جديدة للشراكة الليبية الأوروبية في ظل تحديات تواجهها ليبيا، رغم امتلاكها إمكانات هائلة في مجالات النفط والغاز، والطاقات المتجددة، وسط آمال بأن تكون هذه القمة فرصة استثنائية لدفع عجلة النمو الاقتصادي»، في ظل إغلاقات الحقول النفطية، وفق إعلان حكومة أسامة حماد في شرق البلاد التي تتحكم في أغلبها في 26 أغسطس الماضي.

وتأتي القمة في خضم أزمة إقالة «المجلس الرئاسي»، الصديق الكبير محافظ البنك المركزي (المشرف على إيرادات النفط وميزانية الدولة)، وسط مساعٍ للبعثة الأممية بليبيا للحد من «آثارها السلبية»، وفق بيان الثلاثاء، في إشارة إلى خسائر نفطية، مقدرة وفق أحدث بيانات للمؤسسة الوطنية للنفط في أواخر أغسطس، بمليون و504 آلاف برميل، بإجمالي 120 مليوناً و378 ألفاً و640 دولاراً، في 3 أيام وقتها.

وليبيا تعتمد على حوالي 95% من احتياجاتها للطاقة من النفط والغاز، فيما تقدر احتياطاتهما شبه الرسمية، بنحو 48.8 مليار برميل نفط و 1.4 تريليون متر مكعب من الغاز، بينما يمثل النفط القوة الدافعة للاقتصاد الليبي حيث يشكل قرابة 96% من الصادرات، وما يصل إلى نحو 98% من إيرادات خزينة الدولة.

بخلاف «الإمكانات الكبيرة للتحول نحو الطاقة المتجددة في ليبيا، لا سيما مع طاقة الرياح مع تسجيل 88% من أراضي البلاد الشاسعة صحراوية، وأخرى للطاقة الشمسية، تجعل ليبيا تتمتع بحوالي 3200 ساعة سطوع سنوية ومتوسط إشعاع يبلغ 6 كيلووات في الساعة لكل متر مربع في اليوم»، وفق تقديرات شركة «إنرجي كابيتال آند باور» في ديسمبر 2023.

ويعزز ذلك خطة استراتيجية ليبية معلنة، تستهدف مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 10% في مزيج الطاقة بحلول 2025 و30% في 2030، واتجهت منذ سنوات لدعم مشاريع الطاقة الشمسية، مثل محطة بني وليد للطاقة الشمسية الكهروضوئية بقدرة 50 ميغاوات، التي تنتظر التشغيل التجاري في العام 2025، بخلاف شراكات في 2021 مع توتال الفرنسية لتطوير محطة السدادة بقدرة 500 ميغاوات، وتوقيع اتفاق مطلع يناير 2024 بين «إيني» الإيطالية ومؤسسة النفط لإنتاج «ما بين 750 و800 مليون متر مكعب من الغاز في اليوم اعتباراً من 2026»، وستدر 13 مليار دولار من العائدات لليبيا، بحسب المؤسسة.

وبخلاف قمة ليبيا التي تستضيفها روما هناك مؤتمرات مماثلة، وأبرزها في يونيو 2023، مع استضافة باريس منتدى للطاقة بمشاركات ليبية واسعة، وحالياً هناك مشاركات ليبية في مؤتمر للطاقة في فلوريدا الأميركية.

أدوار هامة

وفي حديث إلى «إرم بزنس»، قال وزير الدولة لشؤون الاقتصاد السابق، سلامة الغويل: «لا يخفى على أحد أهمية المؤتمرات والفعاليات الدولية باعتبارها تسهم في دعم وتطوير الصناعات النفطية وإقالتها من أي تعثر، ودورها لا يستهان به، وتشكل فرصة لزيادة الوعي بحقيقة ما يحدث بليبيا بعيدا عن التهويل».

وباعتقاد الغويل الذي يرأس حالياً مجلس المنافسة ومنع الاحتكار الليبي، «سيوضح هذا المؤتمر المنعقد في روما للكثير من المستثمرين حقيقة فرصة الاستثمار في قطاع النفط داخل الدولة الليبية، وهو ما يسهم في زيادة فرص خلق اقتصاد قوي للدولة الليبية يساهم في لملمة جراح الدولة واستقرارها».

ويؤكد الغويل أن «قطاع النفط في ليبيا يعتبر أرضاً خصبة للاستثمار في جميع مجالات النفط لما يتميز به عن غيره من حيث الموقع الجغرافي وقربه من الأسواق العالمية وكذلك سهولة استخراجه وفق التقنيات الحديثة، إضافة إلى الاحتياطات الوفيرة وهو ما يجعل مستقبل ليبيا زاهراً في قطاع النفط والطاقة».

ويتفق معه خالد بن عثمان، رئيس المجلس الليبي للنفط والغاز والطاقات المتجددة، في حديث لـ«إرم بزنس»، قائلاً إن القمة المرتقبة كغيرها «لها دور إيجابي في دعم استقرار النفط والغاز في ليبيا واستكشاف فرص جديدة وتعاون وشراكات»، كاشفا عن أن المجلس أيضاً يشارك بوفد يضم 24 عضواً في مؤتمر ومعرض للطاقة المتجددة في فلوريدا.

ويتوقع أن تسهم تلك القمم في تحفيز الاستثمارات بقطاع الطاقة ببلاده، وأن تكون بمثابة حياة جديدة لها «لا سيما في القطاع النفطي في ظل ما يواجهه، مما يجعله قادراً على النجاح وتحقيق المستهدفات وزيادة الرخاء للشعب الليبي والتعاون بالمنطقة»، مشددا على أهمية أن يتم استقرار سياسي بالبلاد لتحقيق ذلك.

أيضاً المسؤول الليبي السابق والمستشار في قطاع النفط نجيب الأثرم، يعتقد أن مثل تلك القمم «قادرة على إنقاذ القطاع النفطي في ليبيا من عثراته، وإعادته الحياة له في ظل الإغلاقات المتكررة، لما لها من نتائج وتوصيات وشراكات جيدة، بشرط تحقيق استقرار سياسي، فمن واقع الخبرة والمسؤولية السابقة بالقطاع وما رأينا من تحديات لا بد من حكومة واحدة بالبلاد تنفذ توصيات تلك القمم وزيادة استثمارات مشاريع الطاقة والاستكشافات وتطوير الحقول وزيادة الإنتاج، وإنهاء تخوفات المستثمرين في ظل مقومات كبيرة تمتلكها ليبيا».

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC