الطاقة النظيفة المحرك الرئيس للنمو الصيني

تحولت الصين خلال السنوات الماضية لاستخدام الطاقة المتجددة بقدر أكبر من أي وقت مضى، إذ تسعى إلى تحقيق أهدافها قبل موعدها المحدد، خاصة فيما يتعلق بالسيطرة على صناعة مكونات محطات الطاقة المتجددة، والتي أصبحت محوراً أساساً لنمو الاقتصاد الصيني.

وتتوقع الصين، وهي أكبر ملوث في العالم، أن تصل إلى ذروة خفض انبعاثاتها الملوثة في عام 2030، وهي تحتل موقع الصدارة في مجال الطاقة المتجددة، وهذا ما يساهم في تقوية اقتصادها وفقاً لصحيفة لي زيكو.

وفي عام 2023، كان نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني مدفوعا إلى حد كبير بالاستثمارات الضخمة لإزالة الكربون، حسبما كشفت دراسة أجراها مركز أبحاث الطاقة والهواء "كريا" الذي يتخذ من فنلندا مركزا له،  ونشرت هذه الدراسة يوم الخميس الماضي.

وفي العام الماضي، ساهمت الاستثمارات في الطاقة النظيفة بنسبة 40% في الناتج المحلي الإجمالي الصيني، بزيادة 5.2% بين عامي 2022 و2023. ووفقا للدراسة، لولا النمو الذي جلبه قطاع الطاقة النظيفة، لكانت الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي 3% فقط.

 ذروة الانبعاثات

والصين هي أكبر مصدر لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم، متقدمة على الولايات المتحدة والهند. ولكنها هي أيضاً المنتج الرئيس لطاقة الرياح والطاقة الشمسية. وفي مواجهة الاستهلاك الهائل للطاقة، سارع العملاق الآسيوي إلى استخدام الطاقات المتجددة. وقد تعهد الرئيس الصيني شي جين بينج بأن تصل بلاده إلى ذروة خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030.

ولتحقيق هذه النتيجة، قام مركز الأبحاث الفنلندي بدراسة الاستثمارات الصينية في مجالات الطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية وكفاءة الطاقة والسكك الحديدية وتخزين الطاقة والشبكات الكهربائية وطاقة الرياح والطاقة النووية والطاقة الكهرومائية.

ومجموع هذه القطاعات استحوذت في عام 2023، على ما يعادل 818 مليار يورو، وهو ما يعادل تقريباً جميع الاستثمارات العالمية في الوقود الأحفوري العام الماضي، حسبما يؤكد المعهد. وبصورة عامة، جرى تركيب 55% من قدرات إنتاج الطاقة المتجددة الجديدة في العالم عام 2023 في الصين.

حدود الطاقة

ويرى الباحثون أن "اعتماد الصين على قطاعات التكنولوجيا النظيفة لدفع النمو وتحقيق الأهداف الاقتصادية الرئيسة،  يعزز أهميتها على الصعيدين الاقتصادي والسياسي".

 ولكنهم أوضحوا أيضاً أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم قد يحصل قريباً على فائض في الطاقة، وأن هناك حدا لكمية الطاقة الشمسية والبطاريات وغيرها من التقنيات النظيفة التي يمكن للسوق أن يستوعبها.

وأعلن نائب وزير الصناعة، شين جوبين، للصحافة الأسبوع الماضي أن بعض الشركات اندفعت بنحو أعمى وبنت مشاريع لا حاجة اليها للسيارات الكهربائية والهجينة.

وبالإضافة إلى ذلك، وبدعم من السلطات، شهدت صناعة السيارات الكهربائية الصينية تطوراً هائلاً على مدى السنوات العشر الماضية، ويتمثل رمز هذه الظاهرة  بالشركة الصينية "بي واي دي" التي تفوقت على شركة تسلا الأميركية من حيث مبيعات السيارات الكهربائية خلال الربع الرابع من عام 2023.

وأعلنت بان هوي مين، المسؤولة في الهيئة الوطنية للطاقة، بأنه جرى تركيب إجمالي 510 غيغاوات من قدرة الطاقة المتجددة المُضافة حديثاً في أنحاء العالم في عام 2023، بينما أسهمت الصين بأكثر من 50% منها.

وأشارت بان إلى أن استثمارات الطاقة النظيفة للشركات الصينية في الخارج انتشرت عبر دول ومناطق رئيسة، لتغطي طاقة الرياح والطاقة الكهروضوئية والطاقة المائية، الأمر الذي -على أساس المنفعة المتبادلة والنتائج المربحة للجانبين- دعم السكان المحليين في نموهم منخفض الكربون.

وأضافت، بأن الصين تواصل تعزيز الابتكار التكنولوجي والإنتاج، وتندمج بنشاط في السلسلة الصناعية العالمية للطاقة النظيفة.

وجرى تصدير منتجات طاقة الرياح والطاقة الكهروضوئية إلى أكثر من 200 دولة ومنطقة، ليساعد جزئياً على خفض تكاليف توليد الكهرباء بشكل كبير خلال الـ 5 سنوات الماضية.

وقالت بان: "إن الصين ترحب أيضاً بالشركات الأجنبية للاستثمار وإجراء الأعمال في البلاد، مؤكدة استعداد البلاد للانضمام إلى الجهود الرامية إلى المُضي قدماً في التحول العالمي إلى الطاقة النظيفة".

الأهداف قبل موعدها

وكشف تقرير لمنظمة "غلوبال إينرجي مونيتور" الأميركية، في وقت سابق، أن الصين من المقرر أن تصل إلى هدفها المتعلق بإنتاج الطاقة المتجددة لعام 2030، والمتمثل في إنتاج 1200 غيغاواط، بحلول عام 2025، أي قبل الموعد المحدد بخمسة أعوام.

وأضافت المنظمة غير الحكومية، المتخصصة في متابعة مشروعات مزارع الرياح والطاقة الشمسية في العالم، أن الصين تعزز مكانتها كرائد عالمي في مجال الطاقة المتجددة، وربما تتجاوز أهدافها الطموحة في مجال الطاقة.

وقالت المنظمة إن إنتاج الصين من الطاقة الشمسية، وصل إلى 228 غيغاواط، في الربع الأول من 2023، وهو معدل أكبر من إنتاج بقية دول العالم مجتمعة، مشيرة إلى أن محطات إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في الصين، تتركز في المقاطعات الشمالية والشمالية الغربية للبلاد، مثل شانشي وشينغيانغ.