logo
طاقة

نكسة لشركات الطاقة المتجددة.. التضخم والفائدة يدمران الأرباح

نكسة لشركات الطاقة المتجددة.. التضخم والفائدة يدمران الأرباح
تاريخ النشر:22 نوفمبر 2023, 05:53 م
موسم قاسٍ وخسائر في الأصول تصل إلى 3 مليارات دولار أميركي، هذا هو حال شركات الطاقة المتجددة، بعدما تسببت سلاسل التوريد المتعثرة وعيوب التصنيع وارتفاع تكاليف الإنتاج في تآكل الأرباح.

ومع ما شهده العالم من التحول بوتيرة سريعة نحو الطاقة النظيفة، اندفع مصنعو المعدات من أجل مواكبة الطلب العالمي المتزايد، وبالتالي ارتفعت تكاليف الإنتاج، فضلا عن تزايد التساؤلات حول الاستدامة الاقتصادية للمشاريع واسعة النطاق التي تنفذها الشركات الرئيسة في الصناعة.

يضاف إلى ذلك بعض أخطاء التصنيع، كما حدث في شركة توربينات الرياح "سيمنز غاميسا" التابعة لمجموعة "سيمنز" الألمانية للطاقة، والتي ظهرت في الوقت الذي تتسابق فيه الشركات لبناء توربينات بوتيرة أسرع وحجم أكبر.

مشكلات غاميسا، دفعت شركة سيمنز للطاقة إلى إلغاء توقعات الأرباح في وقت سابق من هذا العام. وفي الشهر الماضي، طلبت الشركة ضمانات تصل إلى 15 مليار يورو من الحكومة الألمانية.

وعلى رغم من تلك الخسائر، يُتوقع لسوق الطاقة المتجددة العالمي نمو تصاعدي خلال السنوات المقبلة، ليصل إلى أكثر من 2 تريليون دولار أميركي بحلول عام 2030، مقارنة بـ 971.65 مليار دولار في عام 2022.

التكلفة والتضخم

وفي حديث لـ "إرم الاقتصادية"، قال جوليان ماثونيير، خبير الطاقة من شركة "إنرجي إنتليجانس": "أرى أن الجاني الرئيسَ هنا هو ضغط التكلفة والتضخم".

وأوضح أن "إحدى الأدوات الحادة لتخفيف التضخم تتمثل في رفع أسعار الفائدة، وذلك لتشديد شروط الائتمان وتقليص الطلب الزائد".

وأضاف ماثونيير أن "المشكلة في تشديد شروط الائتمان هي أن البنوك أصبحت أكثر صرامة عندما يتعلق الأمر بإقراض شركات مثل سيمنز للطاقة، والتي تعتمد في الأساس على إعانات الدعم الضخمة حتى تكون مجدية اقتصادياً".

ولفت إلى أن "المشكلة الأوسع هي أن التضخم، بغض النظر عن ارتفاع طاقة الرياح على مستوى العالم، يلقي بظلال من الشك على جدوى مشاريع الرياح الكبيرة في أوروبا، خاصة وسط أزمة الطاقة المتفشية".

واستطرد: "الارتفاع في تكاليف المواد الخام (أحيانًا بنسبة 40-50%) يعني أن بعض هذه المشاريع لم تعد مربحة (مثل خروج شركة فاتنفال السويدية من مشروع مزرعة الرياح البحرية نورفولك في وقت سابق من هذا العام)".

وذكر أن "غاميسا، عانت من سلسلة مشاكل فنية من المتوقع أن تؤدي إلى خسارة قدرها 4.5 مليارات يورو في السنة المالية 2023".

وحول طلب سيمنز دعما من الحكومة الألمانية، قال ماثونيير: "من الناحية الفنية، هذه ليست خطة إنقاذ ولكنها دعم مالي لحوالي 20 -30% من المدفوعات المتأخرة على قائمة الطلبات".

آفة تطال الصناعة

لا يقف الأمر عند غاميسا، بل أشارت شركة أليانز للأبحاث، في تقرير نشر الأسبوع الماضي، إلى أن أكبر 8 شركات للطاقة المتجددة في العالم أعلنت عن انخفاض إجمالي قدره 3 مليارات دولار في الأصول خلال النصف الأول من العام الجاري، مع مواجهة مشاريع الرياح على وجه الخصوص لظروف مضطربة، وفقا لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية.

ووصف تقرير شركة الأبحاث، موسم الأرباح الماضي لهذه الشركات بأنه كان بمثابة "لحظة تعلم" لهذه الصناعة. واستطرد: "يواجه القطاع بأكمله ارتفاع تكاليف البناء والتمويل، ومشاكل مراقبة الجودة وقضايا سلاسل التوريد".

وأضاف التقرير: "أدى التضخم وتقلبات أسعار الطاقة العالمية إلى زيادة تكاليف مشاريع طاقة الرياح، مما ألقى بظلال من الشك على جدوى العديد من المشاريع". ولفت إلى أن "بعض المشاريع في الولايات المتحدة وكذلك في المملكة المتحدة معرضة لخطر التخلي عنها إذا لم تقدم الحكومات الدعم".

إلى ذلك، ورغم أن الميزانيات العمومية ما زالت قوية، إلا أن شركات الطاقة المتجددة قامت بتخفيض الأصول وتوقعات الأرباح.

وأعلنت شركة أورستيد الدنماركية، الأسبوع الماضي، أنها ألغت تطوير مشروعين خارجيين في الولايات المتحدة، حيث بلغ إجمالي خسائرهما 5.6 مليارات دولار.

بصيص أمل

مع ذلك، أظهرت شركة "فيستاس" الدنماركية، بصيصا من الأمل، إذ سجلت أرباحًا قبل الفوائد والضرائب في الربع الثالث بقيمة 70 مليون يورو، وهو أعلى بكثير من 31 مليون يورو المتوقعة.

رغم ذلك، حذرت الشركة أيضًا من أن العوامل الخارجية قد ألقت بظلالها على توقعاتها على المدى القريب، مما أدى إلى تراجع استثماراتها وتوجيهات الهامش للعام بأكمله.

وقال الرئيس التنفيذي للشركة، هنريك أندرسن، لشبكة "سي إن بي سي" يوم الأربعاء، إن القطاع كان عند نقطة انحراف، وأن السوق سيحدد في النهاية "الفائزين والخاسرين" بمرور الوقت.

وأضاف أندرسن: "نحن منضبطون للغاية، ونعمل مع عملائنا ويمكن لشركائنا الاعتماد علينا، ويمكن للحكومات الاعتماد علينا، وآمل أن يخلق هذا أساسًا قويًا لكوننا أحد الفائزين في الصناعة".

حاجة لإعادة ترتيب الأوراق

من جانبه، يوافق جاكوب بيدرسن، كبير المحللين في "سيد بنك"، على أن فيستاس على وجه الخصوص في وضع جيد يسمح لها بالمضي قدمًا، لكن الشركات وصناع السياسات بحاجة إلى إعادة التفكير في استراتيجياتهم إذا كان الانتقال إلى صافي الصفر "أمرا حقيقيا".

وأوضح في حديث للشبكة الأميركية: "نعلم أن جزءًا كبيرًا من المشكلة يتعلق بالمشاريع التي تم الفوز بها في 2019/20 وبأسعار منخفضة. ومنذ ذلك الحين، ارتفع التضخم والفوائد، وأصبح تنفيذ هذه المشاريع أكثر تكلفة بكثير، وهذا ما أدى إلى ارتفاع العجز".

وأضاف بيدرسن أن هناك "حاجة كبيرة لإعادة معايرة النظرة بشأن تكلفة التحول المخطط للطاقة، بالنظر إلى ارتفاع أسعار توربينات الرياح بنسبة 20-30% في المتوسط منذ عام 2020".

وأشار إلى أن "التحول إلى توربينات الرياح، أصبح أكثر تكلفة.. نحن نعلم أن الولايات المتحدة تمثل مشكلة كبيرة بالنسبة للصناعة البحرية في الوقت الحالي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة".

وأردف "لكننا رأينا أحدث المشاريع يتم منحها بشروط أفضل بكثير جدا والتي ينبغي أن تكون جيدة للشركات لتحقيق الربح في المستقبل".

من جانبها، أعلنت المفوضية الأوروبية عن خطة عمل جديدة لطاقة الرياح، الشهر الماضي، والتي تهدف إلى زيادة القدرة المركبة لطاقة الرياح بقدر كبير. ووصف بيدرسن هذه الخطوة بأنها "دليل على أن عملية إعادة الهيكلة الضرورية جارية، لكنها لن تتحقق بين عشية وضحاها".

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC