وسط تزايد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والتقلبات المتسارعة في أسواق المال، بدأ الأثرياء الأميركيون بإعادة النظر في استراتيجياتهم الاستثمارية، وتحديداً في مدى اعتمادهم على السوق الأميركي كمحور رئيس لاستثماراتهم طويلة الأجل.
وحسب تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، فإن الضبابية المرتبطة بالتعريفات الجمركية والمفاوضات التجارية أدت إلى تقلبات حادة في الأسواق المالية، حيث مسحت ما يقارب 7.7 تريليون دولار من القيمة السوقية خلال فترة قصيرة. ورغم تعافي الأسواق جزئياً لاحقاً، فإن حالة القلق لم تتبدد، خصوصاً في ظل فقدان الثقة ببعض الأدوات المالية التقليدية التي كانت تُعد ملاذًا آمنًا، مثل سندات الخزانة الأميركية.
هذه التقلّبات أثرت خصوصاً على المستثمرين الأفراد من أصحاب الثروات العالية، الذين كثّفوا التواصل مع مستشاريهم الماليين. ويشير كثيرون منهم إلى تشابه ما يحدث الآن مع أزمات مالية كبرى في التاريخ الحديث، مثل الأزمة المالية العالمية عام 2008 أو بدايات تفشي جائحة «كورونا»، إلا أن ما يميّز الوضع الحالي هو تصاعد المخاوف بشأن مستقبل الدور الاقتصادي الأميركي على المدى الطويل.
ريتش سكارينشي، الشريك في (Partners Capital) التي تقدم المشورة لعائلات تزيد ثرواتها على 100 مليون دولار، يقول إن عملاءه باتوا يتساءلون إن كانت الولايات المتحدة ستظل القوة الاقتصادية المهيمنة. وأضاف: «السؤال الأكثر تكراراً هو: هل انتهى التميز الأميركي؟».
من جهتها، تؤكد مونيكا ديشينسو، رئيسة الفرص الاستثمارية العالمية في بنك «جيه بي مورغان الخاصة»، أن هناك تحوّلاً في سلوك العائلات فائقة الثراء، إذ بدأت فعلياً بنقل جزء من أصولها نحو أسواق أكثر تنوعاً، مثل أوروبا واليابان، إلى جانب زيادة الاهتمام بالاستثمار في العملات الأجنبية وأدوات الدخل الثابت.
رجل الأعمال كريس سيونسي من رود آيلاند اتخذ خطوات عملية، فباع حصصه في شركات أميركية مثل (Nike)، ونقل أمواله إلى حسابات سوقية أكثر تحفظاً، قائلاً: «أشعر أن محفظتي باتت رهينة لقرارات سياسية فردية».
ومع ذلك، فإن بعض المستثمرين لا يزالون متمسكين باستراتيجياتهم. دوغ جونسون، سمسار أسهم سابق من دنفر، لم يغيّر شيئاً في محفظته، مشيراً إلى تنوع أصوله ومشاركته في شبكة (Tiger 21). ويقول: «ما يحدث في العالم لم يؤثر فينا فعلياً».
ويشير التقرير إلى أن الأثرياء الأميركيين باتوا أكثر حذراً، ويتجهون نحو التنويع والاستقرار، مع تركيز متزايد على استراتيجيات طويلة الأجل بدلاً من المراهنة على السوق الأميركي وحده.