logo
طاقة

كيف يُسهم تنويع القطاعات في حماية الأسواق المالية من صدمات النفط؟

كيف يُسهم تنويع القطاعات في حماية الأسواق المالية من صدمات النفط؟
مستثمر داخل سوق دبي المالي في دبي، الإمارات العربية المتحدة، 8 يناير 2020. المصدر: رويترز
تاريخ النشر:6 يناير 2025, 12:44 م

تشير دراسات سابقة إلى أن القطاعات غير النفطية في الإمارات، مثل العقارات والسياحة والخدمات المالية، تُظهر مرونة ملحوظة أمام صدمات أسعار النفط مقارنة بالقطاعات المرتبطة بالنفط مباشرة.

ويمثل سوق دبي المالي نموذجاً فريداً في هذا السياق، إذ يتميز بتنوع قطاعاته التي تشمل العقارات والبنوك والخدمات، ما يجعله أكثر قدرة على استيعاب التقلبات الناجمة عن تذبذب أسعار النفط العالمية. 

علاوة على ذلك، فإن السياسات الحكومية في الإمارات، بما في ذلك دبي، تركز على التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للدخل. ويشمل ذلك تعزيز جذب الاستثمارات الأجنبية وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة؛ مما يسهم في تخفيف الآثار السلبية الناتجة عن تقلبات أسعار النفط.

ورغم ذلك، فإن سوق دبي المالي لا يتأثر فقط بأسعار النفط، بل يتفاعل أيضاً مع عوامل عالمية أخرى مثل أسعار صرف العملات والسياسات النقدية الدولية. هذا التفاعل مع العوامل العالمية يعكس طبيعة السوق كواحد من الأسواق الناشئة التي تتسم بدرجة عالية من الاندماج مع الاقتصاد العالمي.

شهدت الأسواق المالية في العقدين الماضيين تقلبات ملحوظة بفعل التذبذب الحاد في أسعار النفط العالمية، الأمر الذي دفع باحثين وأكاديميين ومحللين ماليين إلى السعي لفهم العلاقة بين أسعار النفط وأداء الأسهم في الأسواق الناشئة.

وبحسب دراسة صادرة عن «المجلة الدولية للاقتصاد والقضايا المالية» (International Journal of Economics and Financial Issues)، تناول باحثون من جامعة ظفار في عُمان وجامعة الشارقة في الإمارات العربية المتحدة أثر صدمات أسعار النفط على أسعار الأسهم لعددٍ من الشركات المدرجة في مختلف قطاعات سوق مسقط للأوراق المالية (MSX). وأكدت نتائج الدراسة الدور المحوري الذي تلعبه أسعار النفط في تحديد اتجاهات أسواق المال، وتعميق فهم المستثمرين والمهتمين بشؤون الاقتصاد لهذه العلاقة المهمة.

أخبار ذات صلة

مستوى قياسي.. مبيعات «سوق دبي الحرة» تتجاوز ملياري دولار في 2024

مستوى قياسي.. مبيعات «سوق دبي الحرة» تتجاوز ملياري دولار في 2024

 خلفية وأهداف الدراسة

اعتمد اقتصاد سلطنة عُمان – على غرار العديد من الدول الخليجية الأخرى – اعتماداً كبيراً على قطاع النفط والغاز. وقد شهدت أسعار النفط العالمية منذ مطلع الألفية الجديدة فترات من الارتفاعات والانخفاضات الشديدة نتيجة عوامل جيوسياسية واقتصادية متداخلة، تراوحت بين الأزمات المالية وأحداث إقليمية أثّرت بوضوح في المعروض النفطي العالمي.

 وانطلاقاً من ذلك، سعت الدراسة الحالية إلى تبيان مدى تأثر عوائد أسهم 48 شركة مدرجة في القطاعات المالية والصناعية والخدمية في سوق مسقط للأوراق المالية، ومدى ارتباط هذه العوائد بصدمات أسعار النفط.

وقد أشار الباحثون إلى أنّ تقلبات أسعار النفط قد تُترجم إلى ارتفاع أو انخفاض في تكاليف الإنتاج، ما يؤثر لاحقاً في ربحية الشركات وقدرتها على توزيع الأرباح. كما يمكن لهذه التقلبات أن تنعكس على معدلات التضخم وأسعار الصرف وأسعار الفائدة، وكلها عناصر حاسمة في تقييم أداء الأسواق المالية الناشئة.

 منهجية البحث

اعتمدت الدراسة على بيانات شهرية للفترة ما بين عامي 2009 و2020، مع تركيز خاص على القطاعات الماليّة والصناعيّة والخدميّة في سوق مسقط للأوراق الماليّة (MSX). ولقياس أثر أسعار النفط على العوائد الشهرية للأسهم، طُبِّق نموذج تسعير يعتمد على نظرية التسعير بالمراجحة (Arbitrage Pricing Theory - APT)، حيث وُضعت أسعار النفط ومعدلات الفائدة ومؤشر الإنتاج الصناعي بوصفها متغيرات مستقلة، بينما مثّلت عوائد الأسهم المتغير التابع.

وتوصّل الباحثون إلى وجود ارتباط واضح بين ارتفاع أسعار النفط وأداء الأسهم في مختلف القطاعات. وقد أظهرت النتائج أن أسواق الأسهم في سلطنة عُمان تتفاعل إيجابياً مع الزيادات المفاجئة في أسعار النفط، إذ تمتد آثار هذه الزيادات على عدة فترات زمنية قبل أن تبدأ الأسواق بالتأقلم على المستوى الجديد للأسعار.

أخبار ذات صلة

بزيادة 90%.. سوق دبي تستقبل 108.6 ألف حساب مستثمر جديد في 2024

بزيادة 90%.. سوق دبي تستقبل 108.6 ألف حساب مستثمر جديد في 2024

 أهم النتائج والتوصيات

أكدت الدراسة أن أسعار النفط تُعدّ من أبرز العوامل المؤثرة إيجابياً في أسعار الأسهم بسوق مسقط للأوراق المالية، في ظل الاعتماد الكبير على صادرات النفط.

تتلاءم هذه النتيجة مع ما كشفت عنه أبحاث سابقة أشارت إلى أنّ الدول المصدّرة للنفط قد تحقق مكاسب في أسواقها المالية عند ارتفاع أسعار الخام. كما نبهت الدراسة إلى أنه رغم الاتجاه الإيجابي العام، قد تختلف درجة التأثير بحسب القطاع ودرجة ارتباطه بتكاليف الطاقة.

بالإضافة إلى ذلك، أوصت الدراسة صانعي السياسات بضرورة تطوير سياسات نقدية ومالية أكثر مرونة للتعامل مع تقلبات النفط، والاستعداد لأي اضطرابات مستقبلية في أسعاره.

 من جهة أخرى، قدّم الباحثون توصيات للمستثمرين في السوق العُمانية للاستفادة من الفرص المتاحة في فترات ارتفاع الأسعار، مع الأخذ في الاعتبار تنويع المحافظ الاستثمارية لمواجهة المخاطر الناجمة عن الانخفاضات الحادة المفاجئة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC