وعلى مدى أكثر من خمسين عاما، ظلت روسيا المصدر الموثوق فيه لتوريد الغاز للقارة الأوروبية، حيث لعبت موسكو دورا كبيرا في تعزيز اعتماد أوروبا على مصادر الطاقة الروسية.
وعلى وقع ذلك، شكل الغاز الروسي نموذجا تجاريا في أوروبا قوامه الأساسي الصادرات ومصادر الطاقة الرخيصة، وجراء حرب العقوبات المتبادلة بين روسيا والاتحاد الأوروبي ارتفعت أسعار الغاز في العام الماضي ما انسحب بقوة على معدلات التضخم التي قفزت إلى مستويات قياسية إبان اندلاع الأزمة .
في الفترة من يناير إلى سبتمبر من عام 2023، زادت المشتريات الفرنسية من روسيا بنسبة 41%أرتيم ستودينيكوف
وبحسب وكالة الإعلام الروسية قال مسؤول بوزارة الخارجية الروسية: "إن إمدادات روسيا من الغاز الطبيعي المسال إلى فرنسا زادت بنسبة 41% على أساس سنوي في الأشهر التسعة الأولى من عام 2023".
وأضاف أرتيم ستودينيكوف مسؤول الشؤون الأوروبية في وزارة الخارجية الروسية : "في الفترة من يناير إلى سبتمبر من عام 2023، زادت المشتريات الفرنسية من روسيا بنسبة 41% مقارنة بنفس الفترة من عام 2022".
وأوضح مسؤول الشؤون الأوروبية في وزارة الخارجية الروسية أن نقطة الاستلام الفرنسية الرئيسية للغاز الطبيعي المسال الروسي هي محطة مونتوار دو بريتاني.
واستقبلت المحطة 1.68 مليار متر مكعب في عام 2022، و0.89 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال في النصف الأول من عام 2023.
نقطة الاستلام الفرنسية الرئيسية للغاز الطبيعي المسال الروسي هي محطة مونتوار دو بريتانيأرتيم ستودينيكوف
وفي غضون ذلك أظهرت بيانات مجموعة بورصات لندن في يناير أن أوروبا خفضت بشكل عام وارداتها من غاز خطوط الأنابيب الروسية بشكل حاد.
ويأتي ذلك في إطار الضغط على روسيا مع اندلاع الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، حيث بدأت أوروبا في الاعمتماد على موردين آخريين للغاز.
وجرى استثناء الغاز الروسي من العقوبات الأوروبية في البداية، على النقيض من الفحم والنفط الروسيين.
فيما حاولت دول أوروبية خاصة ألمانيا، التي كانت تعتمد على روسيا في أكثر من 50% من إمدادات الغاز قبل الحرب، تقليل الاعتماد على الغاز الروسي.
وكانت أوروبا تحصل على أكثر من ثلث احتياجاتها من الغاز من روسيا قبل الحرب.
وفي غضون ذلك توقفت تدفقات الغاز عبر أكبر خط أنابيب ينقل الغاز الروسي إلى أوروبا وهو نورد ستريم 1 وذلك قبل إغلاقه إلى أجل غير مسمى قبل عام.
وأثار وقف تدفق الغاز الروسي إلى أوروبا مخاوف داخل القارة وسط قلق من انقطاع التيار الكهربائي وتقنين استخدام الطاقة في الشتاء.
فيما ارتفعت أسعار الغاز في أوروبا إلى مستوى قياسي تجاوز 343 يورو (371 دولاراً) لكل ميجاوات/ساعة في أواخر أغسطس من العام الماضي وهو ما أسفر عن ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات تاريخية.
بيد أن السيناريو الأسوأ لم يجد طريقه إلى أرض الواقع حيث نجت أوروبا من أزمة طاقة كاملة بفضل أن فصل الشتاء الماضي كان أكثر اعتدالا.
فيما ساهم انخفاض استهلاك الغاز وزيادة واردات الغاز الطبيعي المسال من دول أخرى، في تخفيف أزمة الطاقة داخل بلدان الاتحاد الأوروبي.