تثير المناقشات رفيعة المستوى في الصين حول إمكانية السماح بتراجع قيمة عملتها العام المقبل قلق المستثمرين والشركات، إذ تخشى الأسواق من تقلبات كبيرة في أسعار الصرف مع استمرار التأثيرات السلبية للرسوم الجمركية الأميركية على التجارة العالمية وتدفقات الأموال، وفقاً لما أشار إليه محللون.
وكشفت وكالة «رويترز» اليوم الأربعاء أن الصين تدرس السماح بانخفاض قيمة اليوان لمواجهة الارتفاع المتوقع في الرسوم الجمركية الأميركية، استناداً إلى مصادر مطلعة على النقاشات، وسرعان ما تراجع اليوان أمام الدولار، كما تأثرت العملات الآسيوية الأخرى التي تعتمد على الطلب الصيني.
ورغم أن تراجع قيمة اليوان كان متوقعاً إلى حد كبير منذ تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة، فإن الإعلان عن تغيير سياسي واضح قد يشير إلى بداية دورة جديدة من الرسوم الجمركية العالمية، والتوترات التجارية، وتدخلات العملة.
وقال فرد نيومان، كبير الاقتصاديين لآسيا في «إتش إس بي سي» في هونغ كونغ: «تُعدُّ التعديلات في أسعار الصرف إحدى الأدوات التي قد تُستخدم للتخفيف من آثار الرسوم الجمركية».
وأضاف أن انخفاض العملة قد يكون إشارة من الصين إلى العالم بأن الرسوم الجمركية تؤثر بالفعل على أسعار الصرف، ويساعد سعر الصرف الضعيف المصدرين من خلال جعل أسعار منتجاتهم أكثر تنافسية دولياً.
انخفض اليوان بنسبة 0.3% ليصل إلى 7.2803 مقابل الدولار بعد تقرير «رويترز»، كما شهد الدولار الأسترالي أدنى مستوياته منذ عام، نظراً لتأثره بتحركات اليوان؛ بسبب أهمية صادرات المواد الخام الأسترالية إلى الصين. من جهته، أكد ترامب عزمه فرض رسوم جمركية شاملة بنسبة 10% على الواردات الأميركية و60% على المنتجات الصينية، ما يزيد الضغوط على الأسواق المالية.
ونقلاً عن مصادر مطلعة، تبحث الصين تخفيض قيمة اليوان إلى حوالي 7.5 مقابل الدولار، ما يعادل انخفاضاً بنسبة 3.5% عن المستويات الحالية، يأتي ذلك ضمن محاولات الصين للتأقلم مع الصدمات التجارية المحتملة.
وأشارت جين فولي، رئيسة إستراتيجية العملات في «رابو بنك»: «إذا أرادت الصين تنشيط اقتصادها وركزت على الصادرات، فإن السماح بتراجع قيمة اليوان يبدو منطقياً».
يرى المحللون أن تخفيض اليوان قد يؤدي إلى ردود فعل حادة من الشركاء التجاريين للصين، حيث يمكن أن يدفع ذلك الاقتصادات الأخرى لفرض رسوم جديدة لحماية صناعاتها من الواردات الصينية الرخيصة للغاية. ورغم المخاطر، يبدو أن الصين تخطط لتخفيض تدريجي ومتحكم به لقيمة اليوان لتجنب صدامات مباشرة مع الأسواق العالمية.
ووفقاً لتوقعات «إم يو إف جي» و«نومورا»، قد يشهد اليوان تراجعاً إلى 7.5 مقابل الدولار أو أكثر في حال استمرار تصاعد الرسوم الجمركية، وفي حال فرض رسوم بنسبة 60% على المنتجات الصينية، قد ينخفض اليوان بنسبة 10-12% إضافية، وخلال ولاية ترامب الأولى، تراجع اليوان بأكثر من 12% أمام الدولار بين مارس 2018 ومايو 2020 بفعل التصعيد المستمر في الرسوم الجمركية.
ويبدو أن ضعف اليوان الصيني أصبح ورقة سياسية واقتصادية أساسية في الصراع التجاري العالمي، ما يعكس تغيراً في نهج السياسة النقدية للصين وسط تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة.