شهد الذهب موجة صعود جديدة مدعومة بمزيج من المخاطر الجيوسياسية وتوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، إلى جانب عودة البنك المركزي الصيني لشراء المعدن النفيس لأول مرة منذ ستة أشهر. هذا التوجه يعكس تحولاً إستراتيجياً من قبل البنوك المركزية في الاقتصادات الناشئة، التي تسعى لتنويع احتياطياتها بعيداً عن العملات الأجنبية، وخاصة اليورو، لصالح الذهب.
وقفزت العقود الآجلة للذهب لشهر فبراير 2025 بنسبة 1.3% يوم الثلاثاء، بعد ارتفاع بنسبة 1% يوم الاثنين، لتصل إلى 2,720 دولاراً للأونصة، وهو أعلى مستوى خلال أسبوعين. واستقر المعدن الأصفر في المنطقة الإيجابية في 13 من أصل 16 جلسة تداول، بعد موجة جني أرباح أعقبت الانتخابات الأميركية. ورغم تراجعه الطفيف صباح الأربعاء إلى 2,693 دولاراً للأونصة، فإنه لم يعد بعيدًا سوى بنسبة 4% عن أعلى مستوى تاريخي حققه في أكتوبر الماضي.
ويرى المحللون أن توقعات خفض الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، بواقع 25 نقطة أساس في الاجتماع المقبل، على خلفية أرقام التوظيف الأميركية لشهر نوفمبر، أسهمت في تعزيز الطلب على الذهب. كما أسهمت الأحداث الجيوسياسية في سوريا في نهاية الأسبوع الماضي في دعم أسعار المعدن الأصفر.
وصرّح جيم ريد، إستراتيجي في «دويتشه بنك»، قائلاً: «أعلنت وسائل الإعلام السورية أن محمد البشير، يخطط لتشكيل حكومة انتقالية، بينما أكدت إسرائيل شنّ ضربات على مواقع أسلحة كيميائية في سوريا. لكن المخاوف تتزايد بشأن تداعيات هذه الأحداث على منطقة الشرق الأوسط بأكملها».
استأنفت الصين شراء الذهب في نوفمبر، ما عزز الاتجاه الصعودي للأسعار. وارتفعت احتياطيات البنك المركزي الصيني إلى 72.96 مليون أونصة في نهاية الشهر، مقارنة بـ72.80 مليون في أكتوبر. وكان البنك قد أوقف مشترياته في مايو بعد 18 شهراً متتالياً من الشراء. ويشير سامر حسن، كبير المحللين في «إكس إس»، إلى أن استئناف الصين لمشترياتها إلى جانب التوجه العالمي نحو خفض أسعار الفائدة يسهم في تعزيز الاتجاه الصعودي للذهب.
وشهدت البنوك المركزية الناشئة زيادة في احتياطيات الذهب على حساب العملات الأجنبية الأخرى، وخاصة اليورو. وأظهرت بيانات حديثة للبنك المركزي الأوروبي انخفاض حصة اليورو في الاحتياطيات العالمية إلى 20% خلال 2023، مقارنة بـ21% في العام السابق.
وصرّح كريستوفر ديمبيك، مستشار استثماري لدى «بيكتيت لإدارة الأصول» أن تراجع حصة اليورو يعكس ضعف الاقتصاد الأوروبي مقارنة بالولايات المتحدة التي جذبت المزيد من رؤوس الأموال.