75% نمو في إعادة شراء الأسهم
استقرار نقدي وتحالفات آسيوية بدل الاعتماد على الغرب
تستعيد اليابان موقعها كإحدى أكثر الوجهات جذباً لرؤوس الأموال في عام 2025، بينما تسجّل الولايات المتحدة تراجعاً تدريجياً في ثقة المستثمرين بفعل تضخّم التقييمات وضعف العوائد.
المفارقة تتجلى في تقرير جديد صادر عن شركة «ويزدوم تري» الأميركية لإدارة الأصول (WisdomTree)، المتخصصة بالصناديق المتداولة في البورصة وتحليل اتجاهات تخصيص الأصول عالمياً.
التقرير بعنوان: «توقعات الاقتصاد والأسواق لعام 2025 – ما بعد يوم التحرير» (2025 Economic & Market Outlook – The Post-Liberation Day View)، يرسم خريطة مختلفة تماماً لحركة الأموال حول العالم.
فوفقاً للتقرير، يُتداول مؤشر «توبكس» الياباني عند مضاعف ربحية يبلغ 12.3 مرة لأرباح 2025، ما يعادل عائد أرباح سنوي بنحو 8.1%.
حتى في سيناريو متشائم تنخفض فيه الأرباح 25% عن التقديرات، يبقى العائد عند 6.1%، وهو ما يفوق عوائد السندات الحكومية اليابانية ذات السنوات العشر التي لا تتجاوز 1.12%.
في المقابل، لا تقدم السوق الأميركية ما يوازي هذه الجاذبية. فعائد الأرباح المتوقّع لأسهم «وول ستريت» يبلغ 5.37% فقط، وهو بالكاد أعلى من عوائد سندات الخزانة الأميركية، بينما يقترب مؤشر CAPE «الذي يُستخدم لقياس التقييمات على المدى الطويل» من تسجيل مستويات تاريخية.
تبيّن هذه الأرقام أن المستثمرين الدوليين لم يعودوا يرون في السوق الأميركية «قيمة مضمونة»، لا سيما مع تصاعد الضبابية السياسية، وركود نمو الأرباح.
ما يدعم الزخم الياباني ليس العائد فقط، بل أيضاً سلسلة إصلاحات هيكلية في الحوكمة المؤسسية.
فبحسب التقرير، قفزت تعهدات إعادة شراء الأسهم في الشركات اليابانية 75% خلال عام واحد، كما ارتفعت مقترحات إصلاح مجالس الإدارة 67%، في تحوّل يُعيد تشكيل العلاقة بين المستثمرين والشركات في طوكيو.
هذا التحوّل لا يحصل في فراغ، بل يُرافقه استقرار نقدي نسبي، حيث استبعد بنك اليابان أي رفع قريب لأسعار الفائدة، وهو ما يضع السياسة النقدية في خدمة أسواق الأسهم، بعكس الولايات المتحدة حيث يُنظر إلى"الفيدرالي" بوصفه مصدراً للضغط المستمر على السوق.
تشير البيانات إلى ارتفاع الأجور في اليابان 3.1% على أساس سنوي، رغم تسجيل التضخم صعوداً تدريجياً.
وفي موازاة ذلك، تعمل طوكيو على تعزيز علاقاتها التجارية مع الصين وكوريا الجنوبية، ما يُسهم في خلق شبكة دعم إقليمي قد تُغنيها عن الاعتماد الزائد على الطلب الأميركي أو الأوروبي.
بين التقييمات المرتفعة في «وول ستريت» والإصلاحات الهيكلية الهادئة في طوكيو، تُعيد الأسواق العالمية رسم خريطة تموضعها.
ووفقاً لما ورد في تقرير ويزدوم تري، فإن المستثمرين يميلون اليوم إلى الدول التي تجمع بين الاستقرار والعائد، حتى إن كانت معدلات نموها متواضعة.
وفي عالم يتصدر فيه «الخوف» العناوين الأولى، وتُدفن فيه «الفرص» في الهامش، يبدو أن اليابان نجحت في جذب من لا يبحثون عن إثارة إعلامية، بل عن عوائد محسوبة ومؤسسات تتغير.