الأسواق الأميركية تدخل السوق الهابطة وتوقعات بمزيد من التراجعات
عمقت أسواق الأسهم العالمية من حدة تراجعاتها خلال تداولات اليوم الاثنين، وذلك بعدما فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوما جمركية واسعة النطاق الأربعاء الماضي، والتي تنذر بدخول الاقتصاد العالمي موجة ركود حادة.
وتجاهلت الأسواق تطمينات مسؤولين أميركيين بانفتاح الإدارة الأميركية على المفاوضات للتوصل إلى صفقات كبرى.
وهوت الأسهم الأميركية خلال تداولات اليوم الاثنين بشكل حاد حيث تراجع مؤشر إس أند بي 500 بنسبة 3% ليدخل بذلك مرحلة السوق الهابطة، مسجلاً ثاني أسرع وتيرة تحول إلى سوق هابطة منذ العام 1945 (حتى نهاية الحرب العالمية الثانية)، بينما يتراجع مؤشر ناسداك بنسبة 3.7% موسعا خسائره إلى 25% من أعلى نقطة حققها، فيما يتراجع مؤشر داو جونز بنسبة 3.4%.
ولم يستمع المستثمرون إلى دعوات الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى التحلي بالقوة والشجاعة والصبر، وذلك قبل دقائق من افتتاح بورصة نيويورك، في ظل موجة بيعية مكثفة تشهدها الأسواق.
وأوضح ترامب في منشور عبر منصة «تروث سوشيال» في إشارة إلى سياسته التجارية التي هزت العالم قائلا: «لدى الولايات المتحدة فرصة للقيام بشيء كان ينبغي القيام به منذ عقود.» وأضاف: «لا تكن ضعيفًا! لا تكن غبيًا .. كن قويًا وشجاعًا وصبورًا، وستكون النتيجة عظيمة».
ويأتي المنشور في الوقت الذي تخشى الأسواق حول العالم من حدوث ركود اقتصادي بسبب الحرب التجارية المتصاعدة.
وقبل افتتاح الأسواق الأميركية، وسعت مؤشرات الأسهم الأوروبية من تراجعاتها، حيث هبط مؤشر يورو ستوكس 50 بنسبة 4.37%، وداكس الألماني بنسبة 3.88%، بينما يتراجع مؤشر كاك الفرنسي بنسبة 4%.
وكانت مؤشرات الأسهم الآسيوية قد شهدت تراجعات حادة في التداولات الصباحية، حيث تراجع مؤشر نيكاي الياباني بنسبة 7.8%، ومؤشر هانغ سينغ بنسبة 13.2%، وشنغهاي بنسبة 7.3%، في الوقت الذي تواصل فيه العقود الآجلة للأسهم الآسيوية في التراجعات.
وتعيد هذه المشاهد إلى الأذهان ما حدث في «الاثنين الأسود» عام 1987، حيث شهد ذلك اليوم انهياراً مفاجئاً في أسواق الأسهم العالمية، فقدت خلالها أسواق المال الكبرى مثل نيويورك وهونغ كونغ نسبة كبيرة من قيمتها. في 19 أكتوبر 1987، سجل مؤشر داو جونز أكبر انخفاض يومي في تاريخه بنسبة 22.6%، ما تسبب في موجة من الذعر الاقتصادي على مستوى العالم.
وحسب تقديرات وحدة الأبحاث والدراسات في «إرم بزنس» فقد تكبدت الأسواق الأميركية والأوروبية والعربي أكثر من 10 تريليونات دولار جراء سياسات الرئيس الأميركي بفرض الرسوم الجمركية.
تأتي تراجعات الأسواق في آسيا وأوروبا وأميركا بشكل حاد اليوم الاثنين مع تزايد قلق المستثمرين من أن ترامب قد لا يتفاوض بشأن زيادات التعريفات الجمركية الشاملة، مما قد يؤدي إلى تباطؤ اقتصادي واسع النطاق.
لم يُبدِ الرئيس الأميركي، أي إشارة إلى التراجع في مواجهة ذعر وول ستريت والرفض الدولي، إذ صرح منذ ساعات أن الأسواق قد تضطر إلى تناول الدواء، وأضاف قائلاً إنه لم يكن يسعى عمداً إلى انهيار الأسهم.
في أثناء عودته من عطلة نهاية الأسبوع، قال الرئيس الأميركي، في إشارة إلى خسائر الأسواق العالمية: «لا أريد أن يحدث أي شيء، ولكن في بعض الأحيان، يتعين عليك تناول الدواء لعلاج شيء ما».
في إشارة إلى قادة الاقتصادات الكبرى والمفاوضات المتوقعة، قال ترامب: «إنهم قادمون إلى طاولة المفاوضات، يريدون التفاوض، لكن لن يكون هناك أي حوار ما لم يدفعوا لنا مبالغ طائلة سنوياً».
أعلنت الصين عن رسوم جمركية انتقامية، ويستعد الاتحاد الأوروبي لاتخاذ تدابير مضادة، بينما دخلت الرسوم الجمركية الأساسية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة بنسبة 10% على معظم شركائها التجاريين حيز التنفيذ خلال عطلة نهاية الأسبوع.
من المقرر تطبيق رسوم جمركية إضافية على ما يُسمى «الجهات الفاعلة السيئة» ابتداءً من يوم الأربعاء المقبل.
يعتقد بنك «جيه بي مورغان» أن الاقتصاد الأميركي سوف يدخل في حالة ركود في النصف الثاني من عام 2025 مع استمرار تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب في الاقتصاد.
يتوقع مايكل فيرولي، كبير الاقتصاديين في «جيه بي مورغان»، حدوث ركود اقتصادي لمدة ربعين في النصف الثاني من عام 2025، حيث سينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1% في الربع الثالث من العام، وبنسبة 0.5% في الربع الرابع، وبالنسبة لعام 2025 بأكمله، يتوقع فريق فيرولي انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3%.