منشورات ترامب الليلية تعزز تداول العملات في الأسواق الآسيوية

أثّرت عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بشكل كبير في أسواق العملات الآسيوية، حيث يتفاعل المتداولون في الولايات المتحدة وأوروبا مع منشوراته الليلية على وسائل التواصل الاجتماعي وتصريحاته السياسية عبر توجيه تعاملاتهم إلى الأسواق الآسيوية، مستفيدين من استمرار نشاطها خلال تلك الأوقات.

وفقاً لتقرير نشره موقع «فاينانشال تايمز»، اتّسمت الأسابيع الأولى من ولاية ترامب الثانية بإعلانات مفاجئة عن تغييرات في السياسات خارج ساعات التداول المعتادة، مما أدى إلى زيادة ملحوظة في النشاط داخل الأسواق الآسيوية. وأوضح بينغ هونغ لي، الخبير في بورصة سنغافورة (SGX)، أن هذا الوضع «أسهم في ارتفاع الطلب وتعزيز السيولة بشكل كبير».

وأضاف: «بسبب مخاطر الأحداث غير المتوقعة، بما في ذلك الإعلانات الصادرة خلال عطلة نهاية الأسبوع والمنشورات الليلية على وسائل التواصل الاجتماعي، بدأ المتداولون في لندن بتسجيل الدخول إلى الأسواق الآسيوية عند الساعة 1 صباحاً للتداول».

أصبح الدولار الأميركي والرنمينبي الصيني (USD/CNH) ثاني أكثر العقود الآجلة تداولاً في الأشهر الأخيرة، بعد زوج الدولار واليورو. حيث بلغ متوسط حجم التداول اليومي لعقود USD/CNH في سنغافورة 16 مليار دولار في النصف الثاني من عام 2024، مسجلاً زيادة تجاوزت 50% مقارنة بالعام السابق.

كما ارتفع حجم التداول اليومي للدولار الأميركي مقابل الروبية الهندية (USD/INR) في بورصة سنغافورة بنسبة 46% ليصل إلى 1.9 مليار دولار خلال الفترة نفسها.

تأثير ترامب

منذ انتخابه في نوفمبر، أصدر ترامب سلسلة من الإعلانات السياسية في ساعات متأخرة من الليل وعطلات نهاية الأسبوع، مع تراجعات متكررة عن بعض القرارات بعد ساعات قليلة. على سبيل المثال، هدّد بفرض رسوم جمركية على كولومبيا لمنعها من استقبال رحلات ترحيل المهاجرين، لكنه تراجع عن القرار في اليوم نفسه الذي تلا تنصيبه.

في الأسبوع التالي، أعلن البيت الأبيض عن فرض رسوم جمركية على كندا والمكسيك والصين، مما دفع تلك الدول إلى اتخاذ تدابير انتقامية خلال عطلة نهاية الأسبوع. وبحلول يوم الاثنين، تراجعت الولايات المتحدة عن تهديداتها ضد كندا والمكسيك، بينما دخلت الرسوم المفروضة على الصين حيز التنفيذ في 10 فبراير.

وفي 9 فبراير، في أثناء توجهه لحضور مباراة «سوبر بول» على متن طائرة «إير فورس وان»، أعلن ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألمنيوم جميعها، مما أثر على أسهم الشركات المنتجة في أوروبا وآسيا.

ودفعت حالة عدم اليقين بشأن السياسة التجارية الأميركية المتداولين إلى التحرك بسرعة. وقال ألكسندر فون زور موهلن، رئيس قسم آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في «دويتشه بنك»، إن هذا التحول أصبح واضحاً في الأسواق.

وأضاف: «يسعى المستثمرون الأوروبيون والعملاء من الشركات إلى التحوط في الأسواق الآسيوية طوال الليل، لأنهم يدركون أنه إذا انتظروا حتى الصباح، قد يكون السوق قد تحرك بالفعل، ويكون الأوان قد فات».

ساحة للمضاربة

يعمل سوق العملات الأجنبية العالمي على مدار 24 ساعة يومياً، بفضل تداخل جلسات التداول الرئيسة في سيدني وطوكيو ولندن ونيويورك. وأكد ناثان سوامي، رئيس تداول العملات الأجنبية في بنك «سيتي غروب»، أن أحجام التداول اليومية للعديد من أزواج العملات الرئيسة شهدت ارتفاعاً حاداً بعد تنصيب ترامب.

وأضاف أن العقود الآجلة لـ(USD/CNH) تُستخدم بشكل متزايد للمضاربة على تحركات العملات والتحوط ضد تقلبات أسعار الصرف.

من جهتهم، حذر محللو «بنك أوف أميركا» المستثمرين من أن حالة عدم اليقين بشأن السياسة التجارية الأميركية ستستمر في التأثير على العملات الآسيوية، نظراً للفوائض التجارية الكبيرة التي تتمتع بها العديد من دول المنطقة مع الولايات المتحدة.