logo
أسواق

في ظل منافسة شرسة.. هل تستطيع أوروبا البقاء في سباق الذكاء الاصطناعي؟

في ظل منافسة شرسة.. هل تستطيع أوروبا البقاء في سباق الذكاء الاصطناعي؟
هولوغرام خاص بروبوت الذكاء الاصطناعي يظهر من كود ثنائي.المصدر: غيتي إيمجز
تاريخ النشر:10 فبراير 2025, 11:48 ص

في ظل احتدام المنافسة العالمية على الابتكار والاستثمار في الذكاء الاصطناعي، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تقديم «صوت ثالث» في هذا المجال، لا سيما من خلال قمة الذكاء الاصطناعي التي تعقد اليوم الاثنين في باريس، في محاولة لتعزيز وجوده وإطلاق شركات رائدة قادرة على المنافسة عالميًا.

تحديات أمام التفوق الأوروبي

تلقت الأسواق صدمة قوية في 27 يناير مع النجاح المدوي للنموذج الصيني «ديب سيك آر 1»، وهو نموذج ذكاء اصطناعي توليدي يتميز بكفاءته العالية وتكلفته المنخفضة، ما أدى إلى خسارة ألف مليار دولار من القيمة السوقية لبعض الشركات الكبرى في غضون ساعات. كما جاء هذا التطور بعد أيام فقط من إعلان الولايات المتحدة عن مشروع «ستارغيت»، وهو استثمار ضخم بقيمة 500 مليار دولار على مدى خمس سنوات لإنشاء بنية تحتية متقدمة للذكاء الاصطناعي بتمويل من القطاع الخاص.

في خضم هذه المنافسة، تبدو أوروبا متأخرة عن الركب، لكنها تأمل في استعادة زمام المبادرة مع انطلاق قمة الذكاء الاصطناعي في باريس. وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عشية القمة، عن حزمة استثمارات بقيمة 109 مليارات يورو في فرنسا، بفضل دعم الإمارات العربية المتحدة وصناديق استثمار أميركية وكندية، بالإضافة إلى شركات فرنسية مثل «أورانج» و«إيلياد» و«تاليس».

«ناقوس إنذار» لأوروبا

يرى المراقبون أن نجاح «ديب سيك» كان بمثابة «ناقوس إنذار» للقارة الأوروبية، حيث يدعو الخبراء إلى تعزيز قدرات أوروبا في مجال الذكاء الاصطناعي عبر دعم الشركات الناشئة الرائدة. وتشير التقديرات إلى أن فرنسا وحدها تحتضن 750 شركة ناشئة في الذكاء الاصطناعي، يعمل فيها نحو 35 ألف موظف.

لكن رغم هذه المؤشرات الإيجابية، لا تزال أوروبا بعيدة عن منافسة العمالقة الأميركيين والصينيين، حيث تهيمن هذه الدول على السوق من حيث الاستثمارات والقيمة السوقية. ووفقًا لتقرير الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، الصادر في سبتمبر الماضي، فإن أوروبا شهدت تباطؤًا اقتصاديًا خلال العقدين الأخيرين، في حين حققت الولايات المتحدة نموًا كبيرًا بفضل شركات التكنولوجيا العملاقة.

إصلاحات لتعزيز الابتكار

لمواجهة هذه التحديات، أعلنت المفوضية الأوروبية عن مبادرة «بوصلة التنافسية» لإنعاش الاقتصاد الأوروبي، ومن المقرر أن تكشف أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية، عن استراتيجية الاتحاد الأوروبي للذكاء الاصطناعي خلال القمة.

وتواجه أوروبا عدة عقبات رئيسية، من أبرزها التنظيمات الصارمة التي تحد من نمو الشركات الناشئة، بالإضافة إلى ضعف التمويل الخاص مقارنة بالولايات المتحدة والصين. ووفقًا لبنك الاستثمار الأوروبي، فإن حصة أوروبا من استثمارات رأس المال المغامر لا تتجاوز 5%، مقابل 52% للولايات المتحدة و40% للصين.

ومما يزيد الأمر تعقيدا، بدء تطبيق الجزء الأول من «قانون الذكاء الاصطناعي» في الاتحاد الأوروبي، والذي يهدف إلى تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي، لكنه يثير مخاوف الشركات من فرض قيود صارمة قد تعيق الابتكار. وفي هذا السياق، انتقد أيمن عزت، الرئيس التنفيذي لشركة «كابجيميني»، القوانين الجديدة، مؤكدًا أن «التنظيم ضروري، لكن لا يجب أن يكون عائقًا أمام التقدم التكنولوجي».

من جانبه، شدد سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن أيه آي»، خلال حديثه في جامعة برلين التقنية، على أن «أوروبا يجب أن تكون حذرة من التأخر في هذا المجال».

أوروبا بين التحديات والفرص

لمعالجة هذه المخاوف، تناقش المفوضية الأوروبية عدة إجراءات لدعم الابتكار، من بينها: إطلاق «النظام الثامن والعشرين» بحلول 2026، وهو إطار تنظيمي موحد للشركات الناشئة في أوروبا، وإدخال مبدأ «الأولوية الأوروبية» في المناقصات العامة لتعزيز الشركات المحلية وإنشاء «صندوق أوروبي تنافسي» لدعم الشركات التكنولوجية الناشئة.
لكن هناك تساؤلات حول مدى سرعة تنفيذ هذه المبادرات، إذ يحذر أيمن عزت من أن «الشركات تحتاج إلى أفعال حقيقية وليس وعودًا».

تجنب تكرار فشل الحوسبة السحابية

يرى بعض الخبراء أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى تعزيز خطابه الاستثماري لجذب المزيد من التمويلات الخاصة. ويدعو برونو بونيل، الأمين العام لبرنامج «فرنسا 2030»، إلى مضاعفة الجهود لجعل أوروبا لاعبًا رئيسيًا في الذكاء الاصطناعي، محذرًا من أن القارة لا يجب أن تكرر فشلها في قطاع الحوسبة السحابية.

ورغم التحديات، لا تزال أوروبا تمتلك عوامل قوة يمكن أن تستغلها، بما في ذلك المواهب التقنية، والاعتماد على الطاقة النظيفة، ونظام بيئي غني بالشركات الناشئة. ويؤكد محللون أن أوروبا ليست خارج السباق بعد، حيث يرى سيريل فارت، الشريك في «إي واي فابيرنوفل»، أن الشركات الأوروبية الناشئة تتفوق من حيث الأداء، مستشهدًا بنجاح «ميسترال أي» كدليل على أن أوروبا لا تزال قادرة على المنافسة.

على الرغم من التحديات الكبيرة، يبدو أن الاتحاد الأوروبي بدأ في اتخاذ خطوات فعلية لضمان موقعه في سباق الذكاء الاصطناعي. لكن يبقى السؤال: هل تستطيع أوروبا التحرك بالسرعة الكافية لمجاراة القوى العالمية الأخرى؟

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC