في ظل الأسواق المالية المتأرجحة التي نعيشها اليوم، تعود مصطلحات مثل «السكين الساقطة» و«ارتداد القطة الميتة» إلى الواجهة مع تصاعد التقلبات الناجمة عن التعريفات الجمركية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم 2 أبريل الحالي.
هذه السياسة، التي فرضت رسوماً جمركية بنسبة 10% على جميع الواردات الأميركية كحد أدنى، مع معدلات أعلى تصل إلى 34% على الصين و20% على الاتحاد الأوروبي، أثارت موجة بيع حادة في الأسواق العالمية وارتفاع التذبذبات بشكل حاد، ما أدى إلى انخفاض مؤشر (S&P 500) بنسبة تزيد عن 10% منذ إعلان «يوم التحرير» كما وصفه ترامب.
في هذا المادة، نستعرض هذه المفاهيم الشهيرة، مع إضافة «فخ القيمة» و«الارتداد العكسي»، لنفهم كيف تؤثر التعريفات الجديدة والتداول العاطفي على المستثمرين في ظل هذا الاضطراب.
يشير مصطلح "السكين الساقطة" إلى انخفاض حاد وسريع في سعر أصل مالي، كما نشهد الآن مع أسهم الشركات الأميركية الكبرى مثل «أبل» و«نايكي»، اللتين فقدتا أكثر من 7% و6% على التوالي في الأيام الأخيرة؛ بسبب مخاوف من ارتفاع تكاليف الاستيراد من الصين.
التعريفات التي بدأت تُطبق في 5 أبريل، مع معدلات أعلى في 9 أبريل، أدت إلى هبوط مؤشر «داو جونز الصناعي» بأكثر من 2200 نقطة في يومين فقط، وهو أكبر انخفاض منذ جائحة 2020.
المستثمرون يتساءلون: هل نشتري الآن عند هذه الأسعار المنخفضة، أم أن «السكين لا تزال في طريقها إلى القاع؟» التحذير هنا واضح: الاندفاع العاطفي للشراء وسط هذا الهبوط قد يؤدي إلى خسائر أكبر إذا استمر الضغط الاقتصادي.
في أعقاب الانخفاضات الحادة، شهدت الأسواق ارتدادات طفيفة، كما حدث يوم 7 أبريل عندما قفز مؤشر (S&P 500) بنسبة 2% في الصباح قبل أن يتراجع مجدداً.
هذا ما يُعرف بـ«ارتداد القطة الميتة»، حيث يحدث انتعاش مؤقت مدفوع بتغطية المراكز القصيرة أو تفاؤل زائف، لكنه لا يصمد.
ردود الفعل العالمية، مثل تعريفات الصين البالغة 34% على الواردات الأميركية، والتي بدأت اليوم 9 أبريل، تزيد الشكوك حول استدامة أي ارتداد.
وفي ظل تصاعد الحرب التجارية، يصبح تمييز الانتعاش الحقيقي عن الوهم أمراً حاسماً لتجنب «الأفخاخ».
مع انخفاض أسعار الأسهم، قد تبدو بعض الشركات كفرص استثمارية مغرية، لكن «فخ القيمة» يكمن في الأصول التي تبدو رخيصة، ولكنها تعاني مشاكل أساسية.
على سبيل المثال، شركات التصنيع الأميركية التي تعتمد على سلاسل التوريد العالمية تواجه الآن تكاليف متزايدة بسبب التعريفات، ما قد يجعل انتعاشها بعيد المنال.
والمستثمرون الذين يندفعون لشراء هذه الأسهم بدافع الأمل، دون تحليل دقيق، قد يجدون أنفسهم محاصرين في استثمارات خاسرة.
على النقيض، يمكن أن يشير «الارتداد العكسي» إلى تعافٍ حقيقي بعد انخفاض حاد، لكن المؤشرات الحالية لا تدعم هذا السيناريو بعد.
ومع توقعات المحللين بتراجع النمو الاقتصادي الأميركي 0.7% في 2025، وفقاً لتقديرات (Tax Foundation)، وارتفاع التضخم إلى ما يقارب 5% حسب (UBS) تبدو احتمالات التعافي المستدام ضئيلة دون تغييرات كبيرة في السياسة أو تخفيف التوترات التجارية.
منذ إعلان التعريفات في 2 أبريل، أدى التداول العاطفي إلى تفاقم التقلبات.
انخفاض مؤشر ناسداك 22.7% من ذروته في ديسمبر، ودخوله منطقة السوق الهابطة (Bear Market)، يعكس الذعر بين المستثمرين.
والخوف من الركود الاقتصادي، مع ارتفاع أسعار السلع مثل السيارات والإلكترونيات بسبب التعريفات، يدفع البعض إلى بيع أصولهم، بينما يحاول آخرون شراء الانخفاض بدافع الطمع.
هذا التذبذب يغذي ظواهر مثل «السكين الساقطة» و«ارتداد القطة الميتة»، ما يجعل الأسواق أكثر هشاشة.
يُنصح المستثمرون باتباع بعض الاستراتيجيات لمواجهة الواقع الحالي:
◄ التحليل المزدوج: استخدام المؤشرات الفنية مثل (RSI)، مع دراسة تأثير التعريفات على أرباح الشركات.
◄ إدارة المخاطر: وضع أوامر وقف الخسارة لحماية رأس المال من استمرار الانخفاضات.
◄ الانتظار: تأكيد الاتجاهات بدلاً من ردود الفعل العاطفية السريعة.
◄ التنويع: توزيع المحفظة على أصول أقل تأثراً بالتجارة الدولية، مثل السندات الحكومية التي شهدت طلباً متزايداً مؤخراً.
لكن ماذا تعني مصطلحات مثل «السكين الساقطة» و«ارتداد القطة الميتة» بالنسبة لشخص عادي؟
تخيل أنك في المطبخ، وتسقط سكين حادة، هل تمسكها وهي تهبط؟ بالطبع لا، لأنك قد تجرح نفسك.
في الأسواق المالية، «السكين الساقطة» تعني سهماً ينهار بسرعة، ما يدفع الكثيرين للتساؤل: «هل أشتري الآن بسعر منخفض؟» لكن المشكلة أن السكين قد تواصل السقوط، والشراء مبكراً قد يكلفك خسائر كبيرة.
الآن، تخيل كرة تسقط من الطابق العاشر، قد ترتد قليلاً لكنها لن تعود إلى الأعلى.
«ارتداد القطة الميتة» يشبه ذلك، فسعر السهم يرتفع قليلاً بعد انهياره، لكنه يهبط مجدداً.
فكّر في سيارة مستعملة تبدو رخيصة جداً، لكن محركها معطل.. تشتريها وتندم!
«فخ القيمة» هو سهم يبدو فرصة، لأن سعره منخفض، لكنه سيئ على المدى الطويل.
الآن، أسهم شركات أميركية تعاني من التعريفات قد تبدو مغرية، لكن إذا كانت أرباحها تتدهور، فهي فخ.. الناس يشترون بدافع الأمل، لكن دون تحليل، قد يخسرون أموالهم.
عكس «القطة الميتة»، «الارتداد العكسي» هو عندما يتعافى السهم فعلاً ويبدأ بالصعود.
لكن مع توقعات تراجع الاقتصاد الأميركي 0.7% (Tax Foundation) وتضخم عند 5% (UBS)، هذا الأمل ضعيف الآن. فالحرب التجارية تجعل التعافي صعباً، والانتظار قد يكون أذكى.
منذ 2 أبريل، انهار «ناسداك» 22.7% بسبب التعريفات، وارتفعت أسعار السيارات والإلكترونيات.
بعض الناس يبيعون خوفاً من الخسارة، وآخرون يشترون طمعاً في صفقة.
هذا «التداول العاطفي» يجعل «السكين الساقطة» و«ارتداد القطة الميتة» أكثر شيوعاً، ويزيد التقلبات المالية.
◄ ابحث جيداً: انظر إلى أرباح الشركة، لا السعر فقط.
◄ حدد خسارتك: استخدم أدوات مثل «وقف الخسارة» للحماية.
◄ لا تتعجل: انتظر حتى تتضح الصورة.
◄ وزع أموالك: لا تعتمد على سهم واحد، السندات قد تكون خياراً آمناً الآن.
وبالمحصلة، تعريفات ترامب 2025 جعلت الأسواق مثل بحر هائج، و«السكين الساقطة» و«ارتداد القطة الميتة» ليست مجرد كلمات، بل تجارب يومية.
سواء كنت مبتدئاً أم محترفاً، فإن التفكير بهدوء بعيداً عن العواطف هو سر النجاح في الاستثمار عام 2025، لأن الخطأ في التوقيت قد يعني الفرق بين الربح والخسارة الكبيرة.