تراجعت مبيعات المجوهرات في الشرق الأوسط بشكل كبير، جراء ارتفاع أسعار الذهب بشكل غير مسبوق، بالتزامن مع تخفيض الهند للرسوم الجمركية على واردات الذهب، واستمرار توقعات هذا الاتجاه في عام 2025.
ووصل سعر الذهب إلى نحو 2,627 ألف دولار للأوقية اليوم الخميس، بزيادة تقترب من 30% هذا العام، الأمر الذي أثر بشكل كبير في سوق المجوهرات بالمنطقة.
وعزا تقرير أورده موقع (AGBI) تراجع الطلب على المجوهرات الذهبية، لا سيما في الأسواق الرئيسة مثل الإمارات والسعودية والكويت، إلى ارتفاع الأسعار، إلى جانب تزايد حالة عدم اليقين الجيوسياسي نتيجة النزاعات العالمية المستمرة.
وساهم قرار الهند بتخفيض الرسوم الجمركية على واردات الذهب في يوليو من 15% إلى 6% بتراجع الطلب على المجوهرات، إذ كان هذا القرار يهدف إلى تحفيز المبيعات المحلية، إلا أنه جعل الذهب أكثر قدرة على التحمل بالنسبة للمستهلكين الهنود، الأمر الذي دفعهم إلى شراء الذهب محلياً بدلاً من زيارة دول الشرق الأوسط، مما أثر سلباً في الطلب بالمنطقة.
من جانبه، قال كيريل كيريلينكو، كبير المحللين في شركة (CRU International) العالمية للبحوث المتعلقة بالسلع: «لقد أثر تخفيض الرسوم الجمركية في الهند بشكل كبير في سوق المجوهرات بالمنطقة، وبعد عام ضعيف في 2024، نحن حذرون بشأن آفاق نمو الطلب على المجوهرات في المنطقة، لا سيما أن أسعار الذهب من المتوقع أن تبقى مرتفعة».
يتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في 2025، إذ سيجعل ارتفاع أسعار الذهب أقل قدرة على التحمل للكثير من المستهلكين.
بدوره، أوضح خوان كارلوس أرتيغاز، رئيس قسم البحث العالمي في «مجلس الذهب العالمي»، أن أسعار الذهب ارتفعت بسبب التوترات الجيوسياسية العالمية، بما في ذلك النزاعات المستمرة في أوكرانيا وغزة، مشيرا إلى أن هذه العوامل جعلت من الذهب ملاذًا آمنًا للمستثمرين، مما أدى إلى زيادة الطلب من المستثمرين الآسيويين، لا سيما من الصين والهند، بالإضافة إلى المستثمرين الغربيين الذين يسعون للحماية من عدم الاستقرار الاقتصادي.
شهد الطلب على المجوهرات الذهبية انخفاضاً، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، التي تعد ثالث أكبر مستهلك للذهب في العالم بعد الصين والهند.
تاريخياً، كانت المنطقة تشهد توازناً بين الطلب على المجوهرات والطلب الاستثماري على السبائك والعملات الذهبية بنسبة 60 إلى 40%، ولكن الآن، يواجه الطلب على المجوهرات منافسة شديدة من زيادة الاهتمام بالذهب كأصل استثماري، ما زاد نشاط إعادة تدوير الذهب.
وأشار أندرو نايلور، رئيس «مجلس الذهب العالمي» في الشرق الأوسط، إلى أنه رغم التراجع العام في الطلب على الذهب، هناك استثناءات، إذ شهدت الإمارات زيادة بنسبة 5% في الطلب على السبائك والعملات الذهبية في الربع الأخير.
ويعود ذلك إلى الدور المتنامي للإمارات كمركز عالمي لإدارة الثروات، مما يجذب الأفراد ذوي الثروات العالية (HNWIs) من جميع أنحاء العالم.
من ناحية أخرى، شهدت المنطقة زيادة كبيرة في نشاط إعادة تدوير الذهب، فعند ارتفاع الأسعار، يميل المستهلكون إلى بيع المجوهرات القديمة لتحقيق أرباح، وهذه الظاهرة كانت بارزة في منطقة الشرق الأوسط.
وخلص التقرير إلى القول إنه رغم التحديات التي يواجهها سوق المجوهرات في الشرق الأوسط في عام 2024، بسبب ارتفاع الأسعار والمنافسة المتزايدة من السوق الهندي، لا يزال دور المنطقة في سوق الذهب العالمي قوياً.
وأشار إلى استمرار التوقعات لعام 2025 في تقديم ضغوط على مبيعات المجوهرات، إلا أن استثمارات المنطقة في الذهب وتغير سلوك المستهلكين قد يوفرا فرصاً جديدة للسوق.
ومع تطور المشهد الجيوسياسي واستقرار أسعار الذهب، قد يجد قطاع الذهب في الشرق الأوسط طرقاً جديدة للنمو والتعافي.