أثار التهديد الذي باتت تمثله السيارات الصينية الرخيصة غضب واشنطن والمستثمرين، وخفضت شركة "BYD" سعر سيارتها الكهربائية الصغيرة "Seagul" إلى عشرة آلاف دولار في وقت سابق من هذا العام.
ويبدو أن هذه الخطوة أدت إلى ترويج واسع النطاق لشركة السيارات الصينية، حيث يتساءل النقاد عما تعنيه السيارات الرخيصة بالنسبة للصناعة الأميركية.
وقد تكون سيارة "Seagull" جزءًا من السبب الذي دفع الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى زيادة التعريفات الجمركية على واردات السيارات الصينية 4 أضعاف إلى 100%.
ويبدأ سعر سيارة تسلا طراز "Y" في الصين بحوالي 35 ألف دولار، ولكن على الرغم من ذلك لا تزال السيارة تشهد إقبالاً لدى المستهلكين الصينيين.
وفي حين يتساءل العديد عن سبب عدم تطوير تسلا لسيارة رخيصة الثمن منافسة لسيارة "Seagull"، فعند المقارنة فإن سيارة "Y" أكبر بنسبة 50% تقريباً من سيارة "Seagull"، وفي حال إزالة جميع الفولاذ والبلاستيك والنحاس والأجزاء الأخرى من سيارة "Y"، يخفض ذلك ما يقارب من 10 آلاف دولار من تكلفة السيارة.
كما تحتوي سيارة "Y" على بطارية أكبر بكثير ومحرك كهربائي أكثر قوة، وهو أمر ضروري جزئياً لأنها أكبر حجماً، ويؤدي تغيير حجم البطارية إلى إزالة 6000 دولار أخرى من تكلفة السيارة، ليبقى بضعة آلاف دولار أخرى فرق أرباح كل سيارة.
وفي هذه الحالة يمكن أن تبدأ نسخة "Seagull" من تسلا بمبلغ يصل إلى 14 ألف دولار، ولا تزال أغلى بقليل من سعر "Seagull" الفعلي، والسبب هو أن شركة "BYD" تقوم بصناعة بطارياتها الخاصة في الصين، بينما تستعين تسلا بمورد خارجي، ويعد هذا أهم الاختلافات في هياكل التكلفة الحالية بين الشركتين.
وإلى جانب ذلك، وفرت الشركات الصينية تكاليف عمليات البحث، حيث اعتمدت شركات صناعة السيارات الصينية على تكنولوجيا السيارات الغربية لسنوات، ويعد هذا إلى جانب الإعانات الحكومية، فوائد أخرى تساعد في خفض التكلفة يصعب قياسها كمياً بالنسبة للمنتجين الصينيين.
وعلى الرغم من ذلك فإنه في حالة "Tesla Seagull" فإن الأموال الإضافية من قيمة السيارة التي ستطورها تسلا ستكون مقابل ميزات أفضل تتضمن الحصول على مقاعد أفضل، وصندوق أمامي، ومساحة إضافية، وعزل صوتي.
وقررت تسلا مؤخراً تسريع عملية تطوير سيارة كهربائية أصغر حجماً، وسط تباطؤ نمو الطلب على جميع السيارات الكهربائية، ويمكن أن يتم طرح سيارة تسلا الأصغر للبيع في أقرب وقت في أوائل عام 2025.
ولا يزال الطراز "Y" هو الأكثر مبيعاً في الصين حتى الآن، وتقل تكلفة الطراز الذي يتم تصنيعه في الصين بـ10 آلاف دولار عن الطراز الذي يتم تصنيعه في الولايات المتحدة، حيث إن تكاليف العمالة أقل، إلى جانب قطع الغيار، ومعايير السلامة المختلفة بين الولايات المتحدة والصين.
وتبيع شركة "BYD" سيارة "Seagull" في البرازيل والمكسيك، حيث يبدأ سعرها في تلك الأسواق بأكثر من 20 ألف دولار.
وقال جون ميرفي المحلل في بنك أوف أميركا للأوراق المالية إن الأميركيين لا يرغبون في شراء سيارات صغيرة ورخيصة الثمن، حيث تبلغ تكلفة أرخص 10 سيارات في الولايات المتحدة وسطياً 21 ألف دولار، واستحوذت تلك السيارات على حوالي 6% فقط من سوق الولايات المتحدة في عام 2023.
وتعادل السيارة الجديدة الرخيصة في الولايات المتحدة، والتي يبلغ سعرها 21 ألف دولار، حوالي 35% من متوسط الأجر في الولايات المتحدة، ويعادل حوالي 25% من متوسط دخل الأسرة.
وبالمقابل، يمثل سعر سيارة "Seagull" البالغ 10 آلاف دولار، نحو 50% من الأجر السنوي لعامل المصنع في الصين، وهذا ما يفسر لماذا الصين لديها سيارات أرخص حيث إن هناك طلباً أوسع في السوق الصيني على السيارات الرخيصة.
أما في أوروبا، تبلغ تكلفة السيارة المتوسطة في ألمانيا حوالي 46 ألف دولار، وهو ما يعادل حوالي 75% من متوسط الأجور، وعلى غرار الولايات المتحدة، يبدأ سعر السيارة الرخيصة في ألمانيا بأقل من 20 ألف دولار.
وتلعب طبيعة طلب السوق دوراً في الاختلافات المحلية في كل سوق سيارات، فعلى سبيل المثال يحب الأميركيون السيارات المرتفعة والكبيرة الحجم حيث يقودون لمسافات طويلة أكثر من غيرهم.
يركز الأميركيون أكثر على تكاليف السيارات هذه الأيام بسبب التضخم الأخير. ويبلغ متوسط سعر السيارة في الولايات المتحدة أعلى بنحو 10000 دولار من مستويات ما قبل الوباء، في حين ارتفعت الأجور بنحو 8500 دولار خلال نفس الفترة. كما ارتفعت أسعار الفائدة أيضًا، مما أضاف مئات الدولارات شهريًا إلى أقساط السيارة التي تتم على نفس السيارة.
وفي شهر أبريل، وصل مؤشر القدرة على تحمل التكاليف لشركة "كوكس أوتوموتيف"، الذي يمثل الأسعار والمعدلات والدخل، إلى 37.7، بانخفاض عن مستويات الذروة البالغة حوالي 41، ولكنه أعلى من مستويات ما قبل الوباء البالغة حوالي 34.
