تم تطوير المؤشر بالتشاور مع لجنة دولية من خبراء السلام من معاهد السلام ومراكز التفكير، وتم جمع البيانات وتجميعها من قبل وحدة الاستخبارات الاقتصادية، وتم إطلاق المؤشر لأول مرة في مايو 2009، وتم إصدار تقارير سنوية بعد ذلك. صاغ التقرير رجل الأعمال التكنولوجي الأسترالي ستيف كيليا، وتم تأييده من قبل أفراد مثل الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، والدالاي لاما، ورئيس الأساقفة ديزموند توتو، ورئيس فنلندا السابق وحائز جائزة نوبل للسلام لعام 2008 مارتي أهتيساري، والحائز على جائزة نوبل محمد يونس، والاقتصادي جيفري ساكس، ورئيس أيرلندا السابق ماري روبنسون، ونائب الأمين العام السابق للأمم المتحدة جان الياسون، والرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر. يصنف المؤشر 163 دولة مستقلة ومناطق (تمثل بمجموعها 99.7 في المائة من سكان العالم) وفقًا لمستويات سلمهم. في العقد الماضي، قدم مؤشر السلام العالمي اتجاهات زيادة العنف العالمي وقلة السلم.
يشير المؤشر لعام 2023 إلى أن آيسلندا والدانمارك وأيرلندا ونيوزيلندا والنمسا تعد الدول الأكثر سلاماً، بينما تعد أفغانستان واليمن وسوريا وجنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية الأقل سلامًا. وتشمل النتائج الرئيسة لعام 2023 عالما أقل سلامًا خلال الـ15 عامًا الماضية، وتدهورا بنسبة 5% في المستوى العالمي للسلام خلال الـ15 عامًا الماضية وتزايدا في عدم المساواة في السلام بين الدول الأكثر والأقل سلامًا.
في عام 2023، تدهورت النقاط الإجمالية للمؤشر بسبب انخفاض في ستة من التسع مناطق الجغرافية الممثلة. ومع ذلك، تحسنت مستويات السلم في المزيد من البلدان مقارنة بتدهورها من 84 نقطة مقارنة بـ 79 نقطة. وزاد إجمالي عدد الوفيات المرتبطة بالنزاع بنسبة 96%. وبلغت الكلفة الاقتصادية العالمية للعنف 17.5 تريليون دولار، أو ما يعادل 12.9% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أو 2200 دولار للشخص. وقد شهد العام الماضي تحولًا في توزيع العنف على مستوى عالمي. انخفضت النزاعات الكبيرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، في حين تصاعدت النزاعات في جنوب الصحراء الكبرى وأوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ. وتدهورت مجالات السلامة والأمان والنزاع المستمر، في حين سجل مجال التسليح تحسنًا طفيفًا، مستمرًا في اتجاه التحسن على المدى الطويل. بالمقابل، فان المؤشرات التي سجلت أكبر تحسين هي تمويل حفظ السلام من قبل الأمم المتحدة والإنفاق العسكري.
تنبع أهمية مؤشر السلام العالمي من دوره في تعزيز الوعي والمساءلة، حيث يعد المؤشر أداة لتعزيز الوعي والمساءلة على نطاق عالمي. فمن خلال التركيز على الأمم السالمة والأقل سلمًا، يشجع على اتخاذ التدابير الفعّالة لتحسين وضع بلدانهم في المؤشر. وتكمن أهميته أيضاً في إعلام عمليات السياسة، حيث يمكن لصناع القرار والحكومات استخدام المؤشر لإعلام غرف صنع القرار عن العوامل الخاصة التي تسهم في نقص السلام ليسمح باتخاذ تدخلات مستهدفة وسياسات تتعامل مع القضايا الأساسية التي تساعد في تحسين التوجه نحو السلام. والأهم من كل ذلك تشجيع الدبلوماسية، حيث يعزز مؤشر السلام العالمي ثقافة الدبلوماسية والتعاون من خلال التأكيد على أهمية العلاقات السلمية بين الأمم. ويمكن للدول التي تحقق درجات عالية في المؤشر أن تكون أمثلة إيجابية، ملهمة للآخرين لاعتماد سياسات تعزز السلام.
يصنف مؤشر السلام العالمي الدول استنادًا إلى مستوياتها النسبية من السلام، مما يقدم لمحة عن الوضع العالمي. تهيمن الدول النوردية باستمرار على المراكز الأعلى، حيث تتصدر غالبًا آيسلندا ونيوزيلندا والبرتغال التصنيفات، وتشمل العوامل التي تسهم في نجاحها معدلات الجريمة المنخفضة، والاستقرار السياسي، والمؤسسات الفعالة.
من ناحية أخرى، يجري تصنيف البلدان التي تواجه صراعات مستمرة وعدم استقرار سياسي على نطاق أدنى. تعد أفغانستان وسوريا وجنوب السودان أمثلة على الدول التي تواجه تحديات كبيرة في تحقيق السلام.
تؤكد الفجوة بين الدول الأكثر والأقل سلامًا على التفاوتات في السلام العالمي. يرتبط هذا الفارق غالبًا بعوامل مثل عدم المساواة الاقتصادية وعدم الاستقرار السياسي والصراعات التاريخية. يتطلب معالجة هذا الفجوة جهودا جماعية من المجتمع الدولي، تشمل المبادرات الدبلوماسية وآليات حل النزاعات والدعم للتنمية المستدامة.
يوفر مؤشر السلام العالمي إطارًا قيمًا لفهم ومعالجة التحديات المعقدة التي تواجه السلام العالمي. من خلال تعزيز الوعي وإعلام السياسات وتشجيع الجهود الدبلوماسية، يساهم المؤشر في بناء عالم أكثر سلامًا. ومع تطلع الأمم نحو تحسين مواقعها في المؤشر، يأمل أن تؤدي هذه الجهود إلى مجتمع عالمي أكثر هدوءًا واستقرارًا. ندعو الله أن يلهم ضمائر أصحاب القرار عند اتخاذ قراراتهم ليعم السلام في مختلف بقاع العالم.