يحل الاتفاق الجديد محل الاتفاق السابق الذي تمت الموافقة عليه في مارس 2020 والذي كان مقررًا انتهاؤه في مارس 2024.
من الجانب الإيجابي، يُقْدر هذا الاتفاق بشدة لأن ذلك يعني استمرار حصول الأردن على الدعم الدولي، الذي ساعد البلاد على تحمل مجموعة من الصدمات، والحفاظ على استقرارها الاقتصادي وتحقيق النمو الاقتصادي وتعزيز شبكات الحماية الاجتماعية.
يشدد صندوق النقد على استمرار هذا النجاح في إطار اتفاق الصندوق الجديد، الذي يهدف إلى الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وبناء المرونة، وتسريع الإصلاحات الهيكلية من أجل تحقيق نمو شامل وخلق فرص العمل.
بنفس الوقت، فإن تمديد العلاقة مع صندوق النقد الدولي يثير عدة مخاوف تتطلب اهتمامًا دقيقًا من جانب الأردن:
أولا، إن الاعتماد المستمر على صندوق النقد كان دائماً يثير تساؤلات حول السيادة الاقتصادية للأردن. فقد يجد البلد نفسه في موقف يتسم بتأثر القرارات السياسية بشكل كبير بظروف خارجية يحددها صندوق النقد، مما قد يقيد مرونة الحكومة في معالجة الأولويات الداخلية.
ثانياً، إن برامج النقد الدولي غالبًا ما تأتي مع شروط تتضمن تنفيذ تدابير تقشف. في حين أن الإشارة إلى التثبيت المالي موجودة، قد تثير مخاوف بشأن الأثر المحتمل على الخدمات الاجتماعية والرفاه العام. لذا، يصبح موضوع التوازن بين استقرار الاقتصاد والحفاظ على شبكات الأمان الاجتماعية أمرًا حيويًا.
ثالثا، يجب أن تضمن الإصلاحات الهيكلية التركيز على معالجة عدم المساواة في الدخل وضمان أن النمو الاقتصادي يعود بالفعل بالفائدة على جميع فئات المجتمع. فبدون اعطاء اهتمام دقيق لهذا الجانب، قد تزيد هذه الإصلاحات بشكل غير مقصود من الفجوات القائمة، خاصة إذا لم تتزامن مع سياسات اجتماعية مستهدفة.
رابعا، برغم التأكيد على خلق فرص العمل، يتعين دراسة فعالية الإصلاحات الهيكلية في تحويلها إلى فرص عمل ملموسة. حيث يجب ضمان أن النمو الاقتصادي يؤدي إلى فرص عمل معنوية للسكان، لمعالجة مشكلة البطالة العالية وخاصة بين فئة الشباب والمرأة.
خامسا، في حين أن البرنامج يشير إلى تعزيز شبكات الأمان الاجتماعية، يجب متابعة كفاءة حماية الفئات الضعيفة. لذا، فان توسيع برامج المساعدة الاجتماعية بتحسين استهدافها يعد أمرًا حيويًا لضمان الحماية الكافية للأسر الأكثر هشاشة.
سادسا، ينبغي متابعة خطة وضع الدين العام على مسار هابط بعناية لضمان استدامته. قد تثير التدابير التي تستهدف التثبيت المالي مخاوف إذا كانت تفرض عبئًا كبيرًا على الاقتصاد، مما يعيق قدرته على تلبية متطلبات الإنفاق الأساسي.
سابعا، التأكيد على حفظ سعر الصرف يجب أن يتوافق مع هدف تحفيز النمو الاقتصادي، ويبقى أمر تحقيق التوازن بين الاستقرار والنمو تحديًا حساسًا.
ثامنا، مع تنفيذ التدابير التقشفية والإصلاحات الهيكلية، يجب ضمان أن يفهم السكان ضرورة هذه التدابير كجزء من عملية الإصلاح الاقتصادي والتي تعد متطلب حيوي للاستقرار السياسي.
في مواجهة استمرار العلاقة مع صندوق النقد، يجب على الأردن معالجة هذه المخاوف لضمان أن الإصلاحات الاقتصادية تتسق مع أهداف التنمية على المدى الطويل وتسهم في رفاهية مواطنيها. ويجب أن يتوافق البرنامج الجديد مع مشروع التنمية الطموح الممثل برؤية التحديث الاقتصادي 2033 ومع أهداف وبنود الموازنات العامة التي تقر سنوياً.