أصبح دور التكنولوجيا في إعادة تشكيل البيئات الحضرية أكثر وضوحاً في جميع أنحاء العالم، وخاصة في الشرق الأوسط.
وفي دبي على وجه التحديد، يساهم دمج التكنولوجيا في المشهد العقاري بالارتقاء بأسلوب الحياة، في الوقت الذي يقود به إلى تغييرات جوهرية في كيفية تخطيط المناطق الحضرية وبنائها وتشغيلها.
تعزز تكنولوجيا العقارات من القدرة على إنشاء مساحات حضرية أكثر ذكاءً واستدامة وكفاءة، مع التركيز على تحسين حياة السكان وطريقة عمل الشركات على حد سواء.
أصبحت أنظمة المنازل الذكية معياراً ثابتاً في مشهد العقارات الفاخرة، حيث تقدم ميزات تتجاوز فقط نطاق الرفاهية.
تساعد هذه الأنظمة، عند دمجها في العقارات السكنية، على تقليل استهلاك الطاقة وزيادة الأمان وتحسين الراحة العامة.
تتميز العقارات الراقية في دبي الآن بأحدث التقنيات الذكية، ما يسمح للسكان بإدارة شؤونهم المهمة في منازلهم عن بُعد عبر هواتفهم الذكية أو عبر الأوامر الصوتية، من الإضاءة والتحكم بدرجة الحرارة إلى الأمان.
يتواءم هذا التحول التكنولوجي مع أهداف المنطقة الأوسع للاستدامة.
تساهم الترموستات الذكية والإضاءة الموفرة للطاقة وأنظمة التحكم في المناخ في تقليل فواتير الخدمات العامة وتقليص البصمة البيئية للمنازل.
وكجزء من التحول الأوسع نحو المعيشة المستدامة في المدن، تساعد مثل هذه الابتكارات على معالجة الطلب المتزايد على مساحات المعيشة الواعية بيئياً والموفرة للموارد.
ووفقاً لتقرير صادر عن معهد دبي العقاري، من المتوقع أن يتوسع سوق المنازل الذكية في دولة الإمارات العربية المتحدة بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 29.9% من عام 2023 إلى عام 2028، ما يعكس التركيز المتزايد في المنطقة على بيئات المعيشة المستدامة والموفرة للطاقة.
بالإضافة إلى الارتقاء بالمعيشة، تؤثر تكنولوجيا البناء على كيفية تصميم المباني وبنائها.
أصبحت نمذجة معلومات البناء أداة رئيسة في تطوير العقارات على نطاق واسع، ما يساعد المهندسين والمعماريين والمقاولين على التعاون بشكل أكثر فاعلية.
تسمح نمذجة معلومات البناء بإنشاء نماذج رقمية للمباني لاختبارها وتحسينها قبل بدء البناء، ما يضمن تخطيطاً أفضل وأخطاء أقل في أثناء عملية البناء.
في دولة الإمارات العربية المتحدة، أصبحت هذه التكنولوجيا عنصراً أساسياً حيث فرضت الحكومة استخدامها لجميع مشاريع البناء في القطاع العام؛ لتعزيز الكفاءة وضمان إكمال المشاريع في الوقت المناسب.
علاوة على ذلك، يتزايد استخدام الروبوتات والأتمتة في البناء لإنجاز مهام مختلفة مثل البناء بالطوب وصب الخرسانة، ما يقلل من الاعتماد على العمل اليدوي مع زيادة الدقة والسرعة.
كما تحدّ الأتمتة من الأخطاء البشرية، وتحسّن جودة المشاريع بشكل أكبر. من المتوقع أن تواصل التطورات في هذه التقنيات بخفض تكاليف البناء، وتقصير الجداول الزمنية للمشاريع، وتعزيز جودة وسلامة المباني.
بفضل المبادرات المبكّرة لدولة الإمارات العربية المتحدة في تبنّي تقنيات نمذجة معلومات المباني والروبوتات، تميّزت المنطقة ورسّخت مكانتها الريادية في تبني التقنيات المبتكرة في البناء.
تعمل هذه التطورات على تحسين الكفاءة التشغيلية وتشكيل مستقبل البنية التحتية الحضرية، مع التركيز على إنشاء مدن أكثر استدامة تتمتع بقابلية للتكيف مع التحديات المستقبلية.
يعتبر دمج التكنولوجيا في البناء جزءاً من اتجاه أكبر نحو بناء مدن أكثر استدامة وكفاءة وترابطاً.
في مجال التنمية الحضرية، تلعب الأنظمة الذكية دوراً مهماً في النقل وإدارة النفايات وتوزيع الطاقة.
يساهم التحول نحو دمج تقنيات إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والبلوكتشين في البنية التحتية الحضرية بالارتقاء بالمدن، ما يجعلها أكثر كفاءة واستجابة لاحتياجات السكان والشركات.
على سبيل المثال، تهدف مبادرة دبي الذكية إلى تحويل دبي لتصبح إحدى أكثر المدن اتصالاً وكفاءة على مستوى العالم. تتضمن هذه الرؤية مجموعة واسعة من التقنيات، من أنظمة النقل الذكية التي تقلل من الازدحام إلى المنصات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، وتقود إلى تحسين استخدامات الطاقة في جميع أنحاء دبي.
وتؤكد هذه المبادرات التزام دبي بتحسين نوعية الحياة مع دعم النمو المستقبلي والتصدي للمخاوف البيئية.
علاوة على ذلك، يساهم دمج التكنولوجيا في التنمية الحضرية بتحسين المباني أو الأنظمة الفردية وإنشاء منظومة مترابطة تعمل على تحسين جميع جوانب الحياة الحضرية.
ومع توسع المدن واستمرار نمو السكان، ستتزايد أهمية الأنظمة الذكية لضمان إمكانات البنية الأساسية من دعم احتياجات السكان مع الحفاظ على الاستدامة والكفاءة.
ستواصل التقنيات المتطورة في تعزيز دورها الرئيس في تشكيل مدن المستقبل، إذ أصبح مفهوم المدينة الذكية، أي المنطقة الحضرية التي تستخدم التقنيات الرقمية لتحسين الأداء والرفاهية وخفض التكاليف، حقيقة في الشرق الأوسط.
ينصب التركيز في دبي وغيرها من المدن سريعة النمو على دمج التقنيات المختلفة عبر مختلف القطاعات لوضع قواعد راسخة لبيئة حضرية أكثر سلاسة واستدامة.
ومع الاستمرار في تبنّي ودمج التقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والبلوكتشين وإنترنت الأشياء، ستزداد إمكانات هذه الأنظمة لتعزيز الحياة الحضرية.
في المستقبل القريب، ستصبح المدن الذكية أكثر كفاءة في استخدام الطاقة ومجهزة بشكل أفضل، للاستجابة للتحديات بصورة لحظية من الازدحام المروري إلى نقص الطاقة.
كما سيساهم تبني تكنولوجيا العقارات على نطاق واسع بإعادة تشكيل المساحات التي يعيش فيها الناس، وسيؤثر في كيفية تفاعلهم مع بيئتهم، لتكون النتيجة مدناً أكثر ذكاءً وأكثر قدرة على التكيف مع احتياجات سكانها.