logo
مقالات الرأي

كيف تؤثر تقلبات النفط في تداول العملات؟

كيف تؤثر تقلبات النفط في تداول العملات؟
أسعار المحروقات كما بدت على لافتة إحدى محطات الوقود قرب العاصمة الأميركية، واشنطن، يوم 8 يوليو 2024. زيادة الأسعار تدفع البنوك المركزية في أحيان كثيرة إلى رفع أسعار الفائدةالمصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:29 يوليو 2024, 11:40 ص

على الرغم من استقرار سعر برميل خام برنت حالياً حول 82 دولاراً، بارتفاع طفيف عن متوسط 78 دولاراً للبرميل في ديسمبر الماضي، إلا أنه يظل أقل بكثير من ذروة 94 دولاراً التي وصل إليها في سبتمبر. والسبب في ذلك يعود إلى عوامل جيوسياسية متصاعدة في الشرق الأوسط، ومعدلات إنتاج قياسية في الولايات المتحدة، إضافة إلى قرار "أوبك+" بتمديد خفض إنتاج النفط حتى العام المقبل. كل هذه العوامل تسهم في إحداث تقلبات كبيرة في أسعار النفط.

تحتضن منطقة الخليج بعضاً من أكبر احتياطيات النفط المؤكدة في العالم، ما يجعل اقتصادات دول المنطقة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بسوق النفط العالمية، إذ تشكل صادرات النفط نسبة كبيرة من ناتجها المحلي الإجمالي وموازناتها المالية وميزانها التجاري، الأمر الذي يجعلها شديدة الحساسية تجاه تغيرات أسعار النفط. في أوائل عام 2024، توقع خبراء اقتصاد استطلعت وكالة "رويترز" آراءهم، أن تحقق اقتصادات دول الخليج نمواً أسرع، على الرغم من ضعف النمو الاقتصادي العالمي.

لذلك؛ من المنطقي أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة في الإيرادات الحكومية، بما يمكّن هذه الدول من تعزيز الإنفاق على البنية التحتية والبرامج الاجتماعية ومبادرات تنويع اقتصاداتها. وعلاوة على ذلك، تسهم أسعار النفط المرتفعة في تحسين الميزان التجاري، من خلال زيادة قيمة صادرات النفط. وعلى العكس، يمكن أن تؤدي انخفاضات أسعار النفط إلى تفاقم عجز الموازنة والتجارة، وفرض تخفيضات على الإنفاق، وانخفاض في إيرادات الصادرات في كل أنحاء منطقة الخليج.

أخبار ذات صلة

ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف من اتساع الصراع في الشرق الأوسط

ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف من اتساع الصراع في الشرق الأوسط

تضيف سوق العملات الأجنبية بعداً آخر من التعقيد إلى تقلبات أسعار النفط. فعلى الرغم من ربط معظم العملات الخليجية، ومن بينها الريال السعودي والدرهم الإماراتي، بالدولار الأميركي، إلا أن تقلبات أسعار النفط لا تزال تؤثر في قيمتها بشكل غير مباشر. على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي أسعار النفط المرتفعة إلى تعزيز هذه العملات من خلال تحسين الاستقرار الاقتصادي وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر. وفي المقابل، يمكن أن تؤدي انخفاضات أسعار النفط إلى إضعافها عن طريق التسبب في ضغوط اقتصادية وتقليل ثقة المستثمرين.

تأثير أسعار النفط على أسواق العملات 

هناك ارتباطات قوية، مباشرة وغير مباشرة، بين أسعار النفط وأسواق العملات الأجنبية. فمن منظور مباشر، تشهد الدول المصدرة للنفط في منطقة الخليج ارتفاعاً في قيمة عملاتها مع ارتفاع أسعار النفط. أما بشكل غير مباشر، فإن أسعار النفط تؤثر في معدلات التضخم وأسعار الفائدة. فعلى الصعيد العالمي، يمكن أن تؤدي أسعار النفط المرتفعة إلى ارتفاع التضخم، ما يدفع البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة. وفي المقابل، يُمكن أن يسهم انخفاض أسعار النفط في خفض الضغوط التضخمية وزيادة احتمالات خفض أسعار الفائدة، ما يؤدي بدوره إلى إضعاف هذه العملات.

نظراً إلى أن عقد برنت الخام يُسعَّر بالدولار الأميركي، فإن أي تغيير في التسعير سيؤثر في كل العملات المرتبطة به وذات الصلة. علاوة على ذلك، يمكن للاقتصادات التي تعتمد بشكل كبير على صادرات النفط الخام، مثل منطقة الخليج، أن تشهد تعزيزاً أو إضعافاً كبيراً في عملاتها اعتماداً على تقلبات أسعار النفط. تاريخياً، أثبت كل من الدولار الكندي والكرونة النرويجية أنهما مؤشران فاعلان في تأثير أسعار النفط على العملات، إذ شهد الدولار الكندي تعزيزاً في عام 2014؛ بسبب زيادة عائدات صادرات النفط، بينما شهدت الكرونة النرويجية ضعفاً ملحوظاً عند انهيار أسعار النفط نتيجة الجائحة.

استراتيجيات التحوّط

بإمكان المتداولين الاستفادة من تقلبات أسعار النفط من خلال المتابعة الدقيقة للعملات المرتبطة بالسلع والمؤشرات الاقتصادية الأخرى. تعتبر الأزواج العملية مثل الدولار الأميركي والدولار الكندي، واليورو والكرونة النرويجية، شديدة الحساسية لتغيرات أسعار النفط. وباستخدام خيارات وعقود العملات الآجلة، يمكن للمتداولين التحوّط بشكل محتمل ضدّ تقلبات العملات غير المواتية الناجمة عن تقلبات أسعار النفط. على سبيل المثال، يمكن للمتداولين شراء خيارات للحماية من الخسائر المحتملة في حال انخفاض أسعار النفط.

مواكبة التطورات

تشمل العوامل الأخرى التي تؤثر في تقلبات أسعار النفط وأسواق العملات، الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا، وتغير الطلب العالمي على الطاقة، إذ تصبح الاستدامة قراراً مهماً بشكل متزايد في ما يتعلق بتوليد الطاقة والمواد المستخدمة في ذلك.

أخبار ذات صلة

النفط يعمّق خسائره.. ما الذي يقود الأسعار في الأيام المقبلة؟

النفط يعمّق خسائره.. ما الذي يقود الأسعار في الأيام المقبلة؟

تكتسب هذه العوامل أهمية خاصة عندما تندلع النزاعات في مناطق إنتاج النفط، إذ تؤدي التحولات في سياسات الطاقة إلى تفاقم تغيرات أسعار النفط. ولذلك؛ يتعين على المتداولين توسيع نطاق مراقبتهم لتشمل هذه التطورات إذا أرادوا اتخاذ قرارات استثمارية مدروسة.

بالتالي، يمكن أن تؤدي التقلبات الكبيرة الحالية في أسعار النفط إلى تحركات غير متوقعة في العملات، وهذا يزيد بشكل كبير من مخاطر التداول مع النزاعات في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية التي تسبب ارتفاعات وانخفاضات مفاجئة في أسعار النفط. ومرة أخرى، يؤدي هذا إلى تأثير متتالٍ على قيمة العملات، إذ يتكبد المستثمرون خسائر إذا لم يتابع المتداولون هذه التطورات من كثب.

إدارة المخاطر

من الواضح أن تقلبات أسعار النفط تؤثر بشكل كبير على تداول العملات الأجنبية، خصوصاً في منطقة الخليج التي لديها إنتاج كبير من صادرات النفط. ونظراً إلى أن المنطقة تعتمد على إيرادات النفط لتحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي، فإن تغيرات أسعار النفط يمكن أن تؤثر سلباً (أو إيجاباً) على تلك العملات.

لذلك؛ يعتمد النجاح في التداول في هذه السوق على فهم جيد للعلاقة بين أسعار النفط وأسواق العملات الأجنبية. ومن خلال إدراك الترابط الاقتصادي والمخاطر المحتملة، يمكن للمتداولين تحسين استراتيجياتهم وتخفيف المخاطر المحتملة المرتبطة بتقلبات أسعار النفط.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC