logo
اقتصاد

ما مصير الأصول السيادية الروسية المجمدة؟

ما مصير الأصول السيادية الروسية المجمدة؟
صورة توضيحية للروبل الروسي وفي الخلفية الدولار الأميركي، موسكو روسيا، يوم 22 مارس 2022.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:19 أبريل 2025, 05:21 ص

في أعقاب التصعيد العسكري الروسي ضد أوكرانيا، فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها سلسلة عقوبات اقتصادية رامية إلى تقليص قدرة روسيا على استمرار الحرب وتعزيز قدرة أوكرانيا المالية على الصمود.

من بين أبرز هذه الإجراءات تجميد جزء كبير من الأصول السيادية الروسية التي كانت تحتفظ بها في دول خارجية، مما جعلها نقطة صراع محورية على الصعيدين الاقتصادي والجيوسياسي.

مع حلول عام 2024، لا يزال مصير هذه الأصول المجمدة غامضاً، ويثير العديد من المتابعين تساؤلات حول كيفية إدارتها أو استخدامها في أية تسوية سلمية محتملة.

هذا الوضع يحمل تداعيات كبيرة على الاستقرار الاقتصادي العالمي، ويشكل محركاً أساسياً للتوترات التي قد تؤثر في مسار النزاع بأوكرانيا، حسبما ورد في تقرير نشرته مؤسسة «بروكينغز».

أخبار ذات صلة

سويسرا: الأصول الروسية المجمدة ترتفع لـ8.4 مليار دولار بسبب العقوبات

سويسرا: الأصول الروسية المجمدة ترتفع لـ8.4 مليار دولار بسبب العقوبات

نظرة عامة على الأصول المجمدة

جمدت الولايات المتحدة وحلفاؤها، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي (EU) وأستراليا، جزءاً كبيراً من احتياطيات روسيا من العملات الأجنبية.

وتختلف التقديرات حول إجمالي قيمة هذه الأصول المجمدة، إذ تتراوح الأرقام من 280 مليار دولار إلى أكثر من 330 مليار دولار.

تتألف هذه الاحتياطيات بشكل رئيس من أوراق مالية دين مقومة باليورو والدولار الأميركي، وتُدار  بواسطة شركة المقاصة «يوروكلير» (Euroclear)، وهي جهة إيداع مركزية بلجيكية للأوراق المالية. اعتباراً من عام 2022، كانت «يوروكلير» تدير نحو 200 مليار دولار من هذه الأصول، ما يمثل حوالي 90% من الاحتياطيات المجمدة في الاتحاد الأوروبي، بينما تحتفظ كل من الولايات المتحدة وفرنسا بحصص أصغر.

في عام 2024، أفادت شركة «يوروكلير» بأنها حققت حوالي 7 مليارات دولار من الفوائد على هذه الأموال المجمدة، إذ حصلت بلجيكا على 25% من هذه الإيرادات، أي ما يعادل نحو 2 مليار دولار. وقد تعهدت الحكومة البلجيكية بتوجيه هذه المبالغ إلى أوكرانيا.

إضافة إلى ذلك، في مايو 2024، فرض مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي على المؤسسات الكبرى لإيداع الأوراق المالية تحويل أي إيرادات فائضة متبقية إلى صندوق الاتحاد الأوروبي من أجل أوكرانيا. وقد أسفر هذا القرار عن مدفوعات كبيرة لأوكرانيا، وقامت «يوروكلير» بإجراء دفعتين تبلغ قيمة كل منهما نحو 2 مليار دولار في عامي 2024 و2025.

العوائق القانونية والسياسية

رغم هذه المدفوعات، لا يزال سؤال ما إذا كان يجب الاستيلاء على الأصول المجمدة بشكل كامل يثير الجدل بشكل كبير، حيث أدت المخاوف القانونية والخشية من تقويض المعايير الدولية إلى تردد كل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية في اتخاذ إجراءات صارمة.

في أبريل 2024، وقّع الرئيس الأميركي السابق جو بايدن قانون «إعادة بناء الازدهار الاقتصادي والفرص للأوكرانيين» (REPO Act)، الذي أتاح إمكانية الاستيلاء على الأصول الروسية، شريطة التعاون مع دول مجموعة السبع (G7). ومع ذلك، لم تُستخدم هذه السلطة حتى الآن.

كما فضّلت مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي تجنب الاستيلاء المباشر على الأصول، واختيار استراتيجية تعتمد على الاستفادة من الإيرادات الناتجة عن هذه الاحتياطيات لتمويل تعافي أوكرانيا.

وفي قمة مجموعة السبع في يونيو 2024، تم الاتفاق على خطة لاقتراض 50 مليار دولار لأوكرانيا، مع ضمان سداد هذه القروض من خلال الفوائد المتراكمة على الأصول المجمدة الروسية.

وشهدت هذه الخطة مساهمات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا والمملكة المتحدة واليابان، إذ التزمت كل دولة بمبالغ كبيرة.

وجهات نظر متباينة

ينقسم الجدل حول الاستيلاء على الأصول الروسية بشكل كبير داخل الحكومة الأميركية؛ فقد دعا بعض أعضاء الكونغرس إلى الاستيلاء الكامل على الأصول لتعزيز الوضع المالي لأوكرانيا، مؤكدين أن هذه الخطوة ستعزز دعم الولايات المتحدة وحلفائها عبر الأطلسي لأوكرانيا. من جهة أخرى، عبر نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس، عن قلقه من أن الاستيلاء على الأصول قد يؤدي إلى تقويض استقرار الدولار الأميركي، بينما تباينت آراء آخرين في إدارة ترامب الذين أشاروا إلى ضرورة زيادة الضغط دون تأييد الاستيلاء بشكل صريح.

في أوروبا، يبقى الموقف منقسماً أيضاً، فقد عبّرت دول مثل المملكة المتحدة وبولندا وإستونيا عن دعمها للاستيلاء الكامل على الأصول، بينما تبقى دول مثل فرنسا وألمانيا حذرة، فقد صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون علناً بأن الاستيلاء على الأصول سيكون غير قانوني، مشيراً إلى المخاوف من تأثير ذلك في المعايير المالية الدولية.

إضافة إلى ذلك، أعربت بلجيكا، التي تحتفظ بحصة كبيرة من الأصول المجمدة من خلال «يوروكلير»، عن قلقها من إثارة مثل هذه الخطوات ردود فعل اقتصادية انتقامية من روسيا، ما قد يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة.

مخاوف اقتصادية عالمية

نظراً لأن الاتحاد الأوروبي يمتلك الجزء الأكبر من الأصول المجمدة، فإنه يحتل موقعاً حاسماً بالتأثير في القرارات المستقبلية بشأن استخدامها. ومع ذلك، فإن الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي تعقّد الوضع.

دول مثل المجر وسلوفاكيا، التي تتمتع بعلاقات أوثق مع روسيا، كثيراً ما تعارض نظام العقوبات المفروض من الاتحاد، ما يصعّب الحفاظ على دعم موحد لاستمرار تجميد الأصول. وإذا طرأت تحولات سياسية داخل الاتحاد الأوروبي، فإن هناك خطراً من رفع العقوبات أو إعادة الأصول إلى روسيا.

كما أن الديناميكيات السياسية المحيطة بالأصول المجمدة تتأثر أيضاً بالمخاوف الاقتصادية الأوسع، فالقيادة الأميركية والأوروبية حريصة على تجنب إيجاد سوابق قد تقوض الثقة العالمية في استقرار الثروات السيادية والأنظمة المالية الدولية.

بالإضافة إلى ذلك، لا يزال خطر ردود الفعل الاقتصادية الانتقامية من روسيا، بما في ذلك الاستيلاء على أصول الشركات الغربية في روسيا، يمثل مصدر قلق كبيراً.

أخبار ذات صلة

الرسوم الجمركية الأميركية.. أين روسيا من كل هذا؟

الرسوم الجمركية الأميركية.. أين روسيا من كل هذا؟

الاستخدام المحتمل في المستقبل

مع استمرار الصراع في أوكرانيا، تصبح مسألة كيفية استخدام هذه الأصول المجمدة في تسوية سلمية أمراً ذا أهمية متزايدة.

بدورها، أدت روسيا استعدادها للتنازل عن هذه الأصول مقابل تنازلات إقليمية من أوكرانيا وضمان حيادها في الترتيبات الأمنية المستقبلية.

مع ذلك، لا يزال احتمال هذه التسوية بعيداً، إذ تبقى القيادة الأوكرانية مصممة على عدم قبول أية تسوية تشمل التخلي عن الأراضي.

وحتى الآن، تبقى الأصول مجمدة، ويعتمد استخدامها المستقبلي على مسار الحرب والمفاوضات التي قد تليها.

ويشير بعض المحللين إلى أن روسيا قد تكون اعتبرت هذه الأصول خسارة ضمن العواقب الجيوسياسية الأوسع الناتجة عن الحرب.

الاعتبارات الاقتصادية والاستراتيجية

أكد التقرير أنه في حال تم الاستيلاء على الأصول أو استخدامها بطرق أخرى، فإن إدارتها ستشكل مسألة حاسمة.

من بين المقترحات المطروحة حالياً إقامة صندوق لإدارة هذه الأصول، وسيكون من الضروري أن يُدار هذا الصندوق بعناية لضمان بقائه سائلاً بما يكفي لاستخدامه في المفاوضات، بينما يحقق أيضاً عوائد على الاحتياطيات المجمدة.

ويمكن أن توفر استراتيجيات الاستثمار المحافظة عائداً أعلى من النظام الحالي القائم على جمع إيرادات الفوائد فقط، مما يسهم في تعزيز الوضع الاقتصادي لأوكرانيا، وجهود التعافي الأوروبية الأوسع.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC